أين اقتصاد الدوحة الآن؟ أرقام تفرض تساؤلات وشعب يُعبِّر عن غَضَبه

أين اقتصاد الدوحة الآن؟ أرقام تفرض تساؤلات وشعب يُعبِّر عن غَضَبه
الشيخ تميم بن حمد آل ثان

أزمة اقتصادية طاحنة تواجه الدوحة، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وصاحبة الصندوق السيادي الكبير، بسبب تفشي وباء كورونا "كوفيد-19"، وهو الأمر الذي أثار غضب الشعبي القطري وواجه تساؤلات من الصحف الأجنبية بسبب ضعف اقتصاد قطر أمام تلك الأزمة.

ومن أهم أسباب انهيار الاقتصاد القطري بشكل تامّ عقب أزمة "كورونا"، هو ضعف الإقبال والسحب على الغاز، مما يدفع النظام القطري إلى اتباع أحد الخيارين، إما تقليص الإنتاج، أو إشعال "حرب أسعار" من أجل ضمان حصة بالسوق العالمية، وَفْق ما أوردت وكالة "بلومبيرغ".
 
أزمة الغاز


ولفتت الوكالة الأميركية إلى أن "حرب الأسعار" قد تدفع بأسعار الغاز للوصول إلى أرقام بالسالب، مما يُجبِر السلطات القطرية على اتخاذ قرار مصيري ذي عواقب بعيدة المدى، فمن شأنه خفض إنتاج الغاز، وهو صادراتها الرئيسية، أن يضغط على الإيرادات الحكومية، في وقت يزيد فيه تراجُع البترول الضغطَ على أسعار الغاز الطبيعي المسال، التي يرتبط بعضها بالنفط.


وما يشير إلى تضرر الدوحة بشكل كبير من انخفاض أسعار الغاز ما قالته المجموعة الدولية لمستوردي الغاز الطبيعي المسال، في إبريل الماضي، بأن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال سيتقلص هذا العام عند مستويات قياسية، إذ تضغط أزمة فيروس "كورونا" على الاقتصادات في سوق تشهد بالفعل تخمة في المعروض من الوقود.

وقالت المجموعة: إنه بعد ارتفاع الطلب في العام الماضي 13 في المئة إلى 354.7 مليون طن، يبدو أنّ الانكماش الاقتصادي في الكثير من الأسواق الرئيسية سيقلص واردات الدول المستهلكة من الغاز.


فيما يعمق انخفاض أسعار الغاز بأكثر من 40% خلال الشهر الماضي، وهي المنهارة أصلاً قبل انتشار الفيروس من حجم الأزمة، حيث كانت قد فقدت ما يصل إلى 90% من قيمتها مقارنة بمستوياتها قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008.


وتراجعت أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى أقل من دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بانخفاض يزيد على 60% بمقارنة سنوية، بعد انهيار الطلب وتخمة الأسواق بالمعروض، حتى أصبحت ناقلات الغاز تجوب البحار دون أن تجد مشترين.
 
انهيار الاقتصاد القطري


فيما انكمش الناتج المحلي الحقيقي في دولة قطر خلال الربع الرابع من 2019 بنسبة 1.4% على أساس ربعي، بضغط تراجُع مساهمة قطاع التعدين واستغلال المحاجر.


أظهرت بيانات حكومية، انكماش اقتصاد قطر 0.6 % في الربع الأخير من 2019 مقارنة مع نفس الفترة قبل عام؛ إذ تراجعت أنشطة التعدين والمحاجر 3.4% في الربع مقارنة مع مستواها قبل عام، وفقاً لوكالة "رويترز" للأنباء.


وباعت قطر سندات بقيمة عشرة مليارات دولار على ثلاث شرائح، حيث ذكرت نشرة الاكتتاب، في السندات، أن جائحة فيروس "كورونا" المستجدّ قد تُواصل إلحاقَ الضرر باقتصاد قطر وأسواقها المالية، وقد تؤدي إلى تسجيل ركود هذا العام.

استهجان شعبي من التدهور الاقتصادي


ووفقًا لخبراء في الشأن المحلي القطري، فإن التراجع بمؤشرات اقتصاد الدوحة، فتح موجة من التساؤلات لدى المواطنين القطريين عن صلابة النظام المالي لبلادهم، لافتين أنه من المفترض أن ثروات بلادهم كانت تسمح بأن تصمد قطر أمام جائحة فيروس "كورونا".


كما بدأ المواطن القطري في المعاناة بشكل كبير بعد تفشي "كورونا"، ولاسيما أن القطريين يعانون من نزيف اقتصادهم منذ المقاطعة العربية لنظام تميم بن حمد، والذي خلفت  أزمة اقتصادية قوامها التضخم الاقتصادي، وفقدان السيولة النقدية، وارتفاع الأسعار، وانتشار البطالة، نتيجة لسياسات النظام، وإنفاق موارد الشعب على تمويل الإرهاب في الدول العربية، بدلًا من إنفاقها على التنمية والتطوير داخل قطر.


ومن بين  القرارات التي فجرت حالة من الاستياء بين المواطنين كان قرار الحكومة بإلغاء العلاوات وتخفيض الرواتب في معظم القطاعات الاقتصادية في البلاد، القرار الصادم جاء في أعقاب قرار أشد قسوة هو إلغاء مستحقات الضمان الاجتماعي منذ عدة أيام، لتشعل القرارات التقشفية حالة من الغضب بين المواطنين بسبب تضييق الخناق المعيشي عليهم رغم حديث الحكومة المستمر عن استقرار –زائف– للأوضاع الاقتصادية.


 
وهاجم مواطنون في قطر قرارات الحكومة، مؤكدين أن نظام تميم يحرمهم من مستحقاتهم في أوقات عصيبة هم في أشد الحاجة خلالها للدعم وليس لسرقة الحكومة لحقوقهم، وتابعوا: إن تصرفات الحكومة أصبحت غير مفهومة، متسائلين عن السبب الذي يدفع الحكومة لاقتصاص مستحقات المواطنين المالية وتحويلها إلى مساعدات طبية وغذائية تُرسل إلى إيران وتركيا، ووَضْع المواطن في آخِر قائمة اهتمامات الحكومة.


خطط اقتصادية مربكة 


ووفقًا للخبير الاقتصادي الدولي "محمد حمزة"، فإن النظام القطري يعمل وفق خطط اقتصادية مرتبكة، خاصة عقب  انهيار أسعار الغاز العالمية، فضلاً عن إلغاء عقود شراء، مؤكداً أن هذا ما دفع نظام تميم إلى عرض شحنات محملة على ناقلات في السوق الفورية المتخمة أصلاً.


كما أكد حمزة في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن أزمة "كورونا" كانت ضربة قاسمة للنظام القطري، ولكنها لم تكن السبب الوحيد، لافتًا إلى أن اقتصاد الدوحة يواجه أزمة طاحنة بسبب العزلة السياسية التي فرضتها عليها المقاطعة العربية منذ عام 2017.


فيما أشار إلى أن اعتماد الدوحة على مصدر واحد لتوفير سيولتها وإنعاش اقتصادها –في إشارة إلى الغاز- جعلها أكثر دول العالم تأثرًا بالأزمة العالمية، مشيراً إلى تأثرها أيضًا بتضخم إنفاقها المحلي.