«إيريني» عقبة في طريق أحلام «أردوغان».. و«السراج» حائر

«إيريني» عقبة في طريق أحلام «أردوغان».. و«السراج» حائر
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والسراج

يتحدى النظام التركي المجتمع الدولي على عدة جبهات أبرزها إصرار أردوغان على إبقاء الأزمة الليبية مشتعلة، فبعد سعي تركيا لإفراغ مهمة «صوفيا» الدولية في البحر المتوسط من مضمونها، بدأ أردوغان اتخاذ خطوات جديدة تهدف لإحباط مهمة «إيريني» الدولية لمراقبة حظر السلاح على ليبيا، وسارعت تركيا لاستدعاء سفيري الاتحاد الأوروبي والإيطالي والقائم بالأعمال الألماني لتسليمهم مذكرة احتجاج على تفتيش سفينة تركية شرق المتوسط بحثًا عن أسلحة يتم شحنها للميليشيات الموالية لتركيا في غرب ليبيا.

الخارجية والرئاسة التركية انتقدا تفتيش السفينة

وسارعت تركيا، الاثنين، إلى استدعاء سفيري الاتحاد الأوروبي وإيطاليا والقائم بالأعمال الألماني، وسلمتهم مذكرة احتجاج على تفتيش سفينة تركية شرقي المتوسط، بحثا عن أسلحة متجهة للميليشيات الموالية لتركيا في غرب ليبيا.


نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي انتقد تفتيش الفرقاطة الألمانية «هامبورج» للسفينة التركية رغم أن الفرقاطة الألمانية تحركت في إطار تنفيذ مهمة إيريني، إلا أن النظام التركي اعتبر التفتيش أمرًا غير قانوني.


القوات الألمانية المسلحة هبطت بواسطة مروحية على متن السفينة التركية وفق ما أظهرت مقاطع فيديو صورها طاقم السفينة التركية وسيطروا على غرفة التحكم لإجراء تفتيش كامل للسفينة التركية.


وزارة الخارجية التركية أبدت اعتراضها، وزعمت تفتيش جميع أفراد طاقم السفينة بما فيهم القبطان قسرًا وجمعهم في غرفة واحدة واحتجازهم حتى الانتهاء من عملية التفتيش.


ووصف مراقبون في روما وبرلين خطوة الخارجية التركية بالعدائية، مؤكدين بأنها جاءت بمثابة رسالة تركية لرفض كل ما تم الاتفاق عليه بين قيادة "إيريني" وحكومة فايز السراج الليبية منذ أسبوع.

هكذا أفسد «أردوغان» العملية «صوفيا»


وكانت العملية "إيريني" انطلقت في مايو الماضي، تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا عبر البحر، وتطبيقا لمخرجات مؤتمر برلين الذي عقد في مطلع العام الجاري، ويتألف قوام القوة البحرية التي تنفذ العملية من الجيوش الأوروبية.

وحرص المسؤولون الأوروبيون على الموافقة على المهمة الجديدة قبل نهاية مارس الماضي، وهو التاريخ الذي ينتهي معه سريان العملية السابقة "صوفيا".


وانطلقت عملية "صوفيا" العسكرية الأوروبية في أبريل 2015 بهدف قطع طرق تهريب اللاجئين في البحر المتوسط، بعد حوادث مأساوية تسببت في غرق مئات من المهاجرين غير الشرعيين، وكان من مهمتها أيضا البحث عن السفن المشبوهة وإعادة توجيهها إذا لزم الأمر.


لكن تركيا عملت على إحباط هذه المهمة، بعد تقارير تحدثت عن تدخلات من جانب أنقرة في تدريب خفر السواحل في غرب ليبيا، رغم أن ذلك كان جزءا من مهمة "صوفيا"، الأمر الذي أفضى إلى نهاية هذه المهمة.


ويقول مراقبون: إن قيادة العملية الجديدة "إيريني" عقدت سلسلة اجتماعات، شارك فيها الأدميرال فابيو أغوستيني قائد العملية، وسفير الاتحاد الأوروبي في طرابلس خوسيه أنطونيو ساباديل، مع كبار مسؤولي حكومة السراج، في الفترة بين 16 و18 نوفمبر الجاري.

«إيريني» تهدف لوقف تدفق السلاح للميليشيات والجماعات الإرهابية


الأدميرال فابيو أغوستيني قائد العملية، قدم خلال اجتماعه  بالسراج الإطار القانوني الذي تعمل من خلاله العملية البحرية وأبرز ما أنجزته، مؤكدا على حياديتها تجاه كافة الأطراف الليبية سواء في الغرب أو الشرق.
وأكد أن التعاون مع العملية هو السبيل الوحيد لوقف تدفق السلاح على الميليشيات والجماعات الإرهابية داخل ليبيا، بحكم أن "إيريني" هي الفاعل الدولي الوحيد الذي ينفذ الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.


وأوضح لحكومة السراج أن العملية تهدف إلى وقف جميع أنواع الاتجار غير المشروع بالأسلحة بصرف النظر عن الجناة، وهو ما سينعكس إيجابا على مسار الحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين.


وطلب أغوستيني من حكومة السراج سرعة استئناف أنشطة التدريب لدعم خفر السواحل وقوات البحرية الليبية، بهدف إحلال الأمن في المياه قبالة سواحل غربي ليبيا، خصوصا بعدما شهدت العديد من التجاوزات.

خلافات أردوغان مع الاتحاد الأوروبي تضعف موقف «السراج»


يقول مختار الجدال، محلل سياسي ليبي، إن إيريني رصدت عدة انتهاكات بين الجانب التركي وغرب ليبيا، ووقفت بشكل حاسم لمنع تلك التجاوزات والانتهاكات، مضيفًا أن إشراك حكومة السراج كان قرارًا صائبًا لدفعها إلى التعاون وتحذير موجه إلى أردوغان.


وأضاف الجدال: تصرفات أردوغان الأخيرة ستزيد الخلافات مع أوروبا، فإصرار أردوغان على إفساد العملية إيريني يمثل خطرًا وتهديدًا حقيقيًا على أمن أوروبا بأكملها، وهو الأمر الذي يزيد حدة العداء بين تركيا والدول الأوروبية كافة.


وتابع: الفرق بين العملية صوفيا، والعملية الجديدة إيريني واضح للجميع، فأردوغان استغل علاقاته القوية مع إيطاليا التي كانت تقود العملية صوفيا في إفساد أهدافها، إلا أن العملية الأخيرة إيريني تقودها اليونان التي تشهد حالة عداء شديد مع النظام التركي ولن تسمح له بإفساد العملية.


وأكد الجدال، أن أردوغان يعتبر العملية إيريني موجهة ضده وليس ضد الإرهاب، فالتحركات العسكرية الساعية لوقف نقل السلاح للميليشيات تسببت في صعوبة شديدة لأردوغان في تنفيذ مخططاته ودعم الميليشيات الموالية له، مؤكدًا أن موقف حكومة السراج أصبح شديد الصعوبة خاصة مع الخلاف الواضح بين حليفه وممول قواته الأول أردوغان، وبين الحليف السياسي الأقوى في إيطاليا، مضيفًا أن السراج حائر الآن بين حليفه التركي وحلفائه في أوروبا.


واختتم تصريحاته قائلًا: تأكيدات الجيش الألماني على إصرار تركيا منع القوات الأوروبية من تفتيش سفنها المشتبه بها في نقل أسلحة إلى ليبيا سيزيد تعقيد الموقف، ويضعف موقف السراج وحكومته التي لن تستطيع إجراء مناورات مع الدول الأوروبية التي قررت التصدي للمخاطر في المتوسط.