الطبيعة تقسو على اليمنيين.. السيول شردت الآلاف ورعب من احتمالية انهيار سد مأرب

الطبيعة تقسو على اليمنيين.. السيول شردت الآلاف ورعب من احتمالية انهيار سد مأرب
صورة أرشيفية

لم يستفق اليمنيون بعد من معاناتهم من أضرار السيول التي ضربت عددا من محافظات اليمن نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت في إبريل الماضي وشاركت مع البنية التحتية المتهالكة في خسائر مادية وبشرية ضخمة جعلت منظمات الإغاثة الإنسانية تحذر من كوارث تهدد الشعب اليمني، إحدى تلك الكوارث التي تسببت فيها السيول هي تصاعد كميات المياه التي استقبلها سد مأرب التاريخي خلال الفترة الماضية حتى زادت عن المستوى الطبيعي لأول مرة منذ إعادة بنائه عام 1986 لتتزايد المخاوف من احتمالية انهيار السد التاريخي وتهدد حياة ملايين اليمنيين.
 
معجزة اليمنيين.. سد مأرب بناء تاريخي أعاد "الشيخ زايد" إحياءه


يعتبر سد مأرب أحد أقدم السدود في العالم، ووصف بأكبر نظام للري وساهم في ازدهار مملكة سبأ في القرن التاسع قبل الميلاد، حيث نجح في تحويل أراضي مأرب إلى مروج خضراء، وتعرض السد طوال تاريخه لانهيارات عديدة حيث أكد المؤرخون أنه انهار أكثر من 5 مرات آخرها عام 575 ميلاديًا ولم تبذل جهود لترميمه من ذلك الحين بعد لغياب حكومة مركزية واضطراب الأمن في البلاد وتدخل القوى الأجنبية (الفرس) واستقلال زعماء القبائل بإقطاعياتهم.


بُني السد الجديد في عام 1986 بدعم من رئيس دولة الإمارات العربية الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على بُعد 3 كيلومترات من مكان السد القديم عند خط عرض 15.30 درجة شمالا وخط طول 45.30 شرقا.


وتبلغ مساحة بحيرته 30 كيلومترا مربعا ويتسع لـ 400 مليون متر مكعب من الماء، فيما تعمل بوابة التصريف الخاصة به بطاقة قدرها 35 مترا مكعبا في الثانية وذلك لري حوالي 16 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، وفق العديد من المصادر.


ويبلغ عمق الجسم الخرساني لهذا السد 60 مترا ومساحته 24 ألف متر مربع وطوله 763 مترا وعرضه عند مستوى سطح الوادي 337 مترا، وعند مخرج المياه من بوابة التصريف 195 مترا.


كما بلغ إجمالي حجم الردميات في جسم السد 3 ملايين متر مكعب، وتمت إزالة 200 ألف متر مكعب من الصخور من جانبي الموقع، وتغطية جسم السد بصخور بلغ حجمها 100 ألف متر مكعب، وشارك في إنشائه حوالي 400 مهندس واستشاري وعامل وفني وإداري وغيرهم.
 
مدير "سد مأرب".. لن ينهار ويستطيع استيعاب كميات هائلة من المياه


أظهرت صور ومقاطع فيديو، تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، سيولا جارفة فاضت من ممرات سد مأرب باتجاه وادي عبيدة، بعد ارتفاع منسوب المياه في السد لأول مرة في تاريخه.


وفاض السد من ممراته الطبيعية باتجاه منطقة حديرجان من جهة الشرق، ما تسبب في جرف وتهدم مساحات زراعية واسعة، وسط تحذيرات من وصول مياه السد لمستوى قياسي غير مسبوق مع استمرار تدفق السيول، التي تشكل خطراً على السد والساكنين بجواره.


المهندس أحمد العريفي مدير سد مأرب أكد أن السد من الناحية الفنية والاستيعابية آمن للغاية، ويستطيع استيعاب كميات هائلة من المياه تتجاوز مئة مليون متر مكعب لكي يصل إلى المفيض من منفذه الطبيعي.


العريفي تحدث لسلطان العرادة محافظ "مأرب"

لتوضيح المزاعم بشأن فيضان السد أو انفجاره قائلًا إن السد تم تصميمه قبل بنائه على احتمال أن يأتيه طوفان كل 10 آلاف سنة وهو قادر على استيعابه، موضحًا أن للسد منفذا طبيعيا تبدأ المياه بالمفيض منه إلى خارجه، وبعدها نحتاج إلى 280 مليون متر مكعب من المياه زيادة استيعابية في السد لنبدأ الحديث عن الخطورة".


وأعلنت السلطة المحلية بمحافظة مأرب أن السد استقبل 270 مليون متر مكعب من السيول الناتجة عن تساقط الأمطار الغزيرة على الجبال المحيطة بالسد إلا أن الكمية تزايدت بفعل استمرار هطول الأمطار ما أدى إلى فيضان السد من الممرات المخصصة لتصريف الكميات الزائدة عن قدرة السد على الاستيعاب.
 

آلاف الأسر تحتاج لمساعدات عاجلة بعد فقدهم كل ما يملكون بسبب السيول


يقول عبد الهادي حسن، 43 عاما، منذ أن ضربت السيول محافظاتنا ونحن نعيش أوقاتا غاية في الصعوبة، الأمطار زادت عن الحد فلم تجلب لنا الخير بل جاءت لتزيد من معاناتنا، ففقد الآلاف  مصادر كسب العيش وكذلك منازلهم ومواشيهم وأراضيهم، ولم يسلم منها عشرات الآلاف من النازحين في المخيمات.


وأضاف حسن، ارتفاع منسوب المياه بسبب السيول جعلها تختلط مع الماء الملوث والمجاري وشكلت بيئة خصبة لتوالد الأمراض والأوبئة الأمر الذي يحتاج لتدخل عاجل لمنع ظهور أي أوبئة أو حميات خاصة مع تفشي وباء كورونا عالميًا الأمر الذي يضاعف الصعوبات والمخاطر.


وتابع، بالفعل بدأ انتشار سريع للكوليرا يفوق تفشي فيروس كورونا، أسرة شقيقي بالإضافة لمئات الأسر عالقون داخل منازلهم بعد أن غمرتها السيول، ولا نعرف بمن نستغيث فالأوضاع كارثية وتزداد سوءًا يومًا بعد يوم، هذا بالإضافة إلى أن هناك آلاف الأسر النازحة في اليمن فقدت كل ما تملك بسبب السيول وتحتاج لمساعدات عاجلة.
 
المساعدات غرقت والأسر المتضررة تفوق الأرقام المعلنة بأضعاف


في السياق ذاته يقول، إبراهيم العلي، 45 عاما، انتقلت إلى أحد مخيمات النازحين بعد أن فقدت منزلي وأحد أطفالي بسبب السيول، مضيفًا أن الأزمة تتفاقم والأمراض بدأت تنتشر في المخيمات التي لم تسلم من السيول أيضًا حيث إنها مجرد خيام بسيطة غير معدة لتحمل تقلبات الطبيعة بهذا الشكل الكارثي.


وأضاف، الإحصائيات تؤكد أن السيول جرفت مساكن أكثر من 2200 شخص من النازحين ولكن الواقع يفوق تلك الأرقام بكثير بسبب ضعف الإمكانيات الحكومية التي لم تسمح برصد حقيقة الأوضاع وفداحتها، فالأمطار والسيول لا تأتي وحدها بل يصاحبها رياح شديدة تتسبب في أضرار هائلة في مخيمات النازحين.


وتابع، الأضرار لم يتم حصرها حتى الآن فمئات المباني غرقت بالكامل ومثلها الخيام والعشش، الجميع يحتاج لمساعدات عاجلة حيث أتلفت الأمطار والرياح الشديدة معظم المساعدات والمواد الغذائية لجميع العائلات بالإضافة لانهيار شبكات الصرف الصحي وخزانات المياه، الكارثة الحقيقية التي تمثل كابوسا لمئات الآلاف من اليمنيين هي احتمالية انهيار سد مأرب نتيجة عدم احتماله لتوالي السيول وعدم توقف الأمطار حيث إن الجميع يدرك أن انهيار السد سيتسبب في كارثة غير مسبوقة ستدمر حياة مئات الآلاف من الشعب اليمني الذي يعاني ولا يحتمل معاناة بهذه القسوة.