العاملون بالسياحة في تركيا مُحاصَرون بين "كورونا" وتجاهُل الحكومة

العاملون بالسياحة في تركيا مُحاصَرون بين
صورة أرشيفية

منذ تَفَشِّي أزمة "كورونا" وانهار أمل الحكومة التركية في تحقيق طفرة ونجاحات في قطاع السياحة الذي يُعتبر أحد أبرز القطاعات المؤثرة في الاقتصاد التركي بالكامل، تداعيات تفشي فيروس "كورونا" كان لها أثر واضح على قطاع السياحة في العالم ولكن في دول مثل تركيا التي تعتمد في دخلها القومي على السياحة بشكل كبير حيث تجني ما يفوق الـ 30 مليار دولار بالإضافة إلى تشغيل ملايين الأتراك بشكل مباشر وغير مباشر سبَّبت تداعيات "كورونا" كارثة غير مسبوقة، تسببت في تأثير واضح على باقي القطاعات الاقتصادية وانهيار العملة بشكل جعل حكومة "أردوغان" تقف عاجزة عن مدّ يد العون للأتراك العاملين في مجال السياحة والذين وصل بهم الأمر للبحث عن الطعام في صناديق القمامة بعد بيع ممتلكاتهم عن آخِرها خلال الشهور الماضية.

الحكومة تستجدي الدول بعودة السياح لإنقاذ الاقتصاد التركي


أزمة تَفَشِّي فيروس "كورونا" أجبرت السلطات التركية على تأجيل بدء الموسم السياحي حتى بداية شهر يونيو الجاري، وسط مباحثات رسمية تجريها الدولة مع العديد من دول العالم لمحاولة جَذْب السياح بتقديم عروض وضمانات بحمايتهم من احتمالات الإصابة بفيروس "كورونا".


وأعلنت وزارة السياحة والثقافة التركية، عن إجراء مباحثات مع 70 دولة حول العالم، موضحة أن التواصل محليًا وعالميًا يأتي في إطار الاستعدادات لتنظيم الموسم السياحي الجديد لهذا العام رغم عدم السيطرة على وباء "كورونا" حتى الآن وامتلاء المستشفيات التركية عن آخِرها.


وأضافت، أن وزير الثقافة والسياحة التركي "محمد نوري أرصوي" يحاول استجداء عدد كبير من الدول عَبْر سلسلة من المباحثات الرسمية مع مسؤولين بشكل شخصي وشاركه في تلك المباحثات وزير الخارجية "مولود أوغلو" لتعريفهم على تفاصيل الحماية والوقاية للسياح المتوقع مجيئهم، حيث تعد كل من ألمانيا وبريطانيا وهولندا وبلجيكا واليابان وروسيا والتشيك من أبرز الدول التي تقع في مسار المباحثات الرسمية.


دراسة: 94% من العاملين بقطاع السياحة تأثروا بسبب كورونا


في السياق ذاته، أجرت مؤسسة Best-Reisen الألمانية، استطلاعا حول الأعباء التي يتحملها العاملون في السياحة والذي أظهر تعرض العاملين بالسياحة لعبء نفسي ثقيل بسبب أزمة كورونا، حيث أظهر الاستطلاع أن نسبة 94% من الموظفين في المكاتب السياحية يقولون إن الوضع الحالي أثر عليهم بشدة أو بشكل ملحوظ، و 71% قلقون للغاية بشأن معيشتهم ومستقبلهم، وفي المقابل كان عدد قليل يرى أنه يمكن أن يستفيد من الوضع الحالي، حيث نسبة 4% يشعرون بـ "التحدي والنشاط"، و 1% فقط لا يشعرون بالقلق. 


نتيجة الاستطلاع بينت أيضًا أن الأزمة جلبت العديد من الشكاوى النفسية الملموسة للبعض، فقد ذكر حوالي 60% ممن شملهم الاستطلاع أنهم ينتابهم الأرق وينامون بشكل أقل مما كان عليه قبل الوباء، و57% لا يستطيعون النوم ويظلون متيقظين طوال الليل، نفس النسبة 57% أصبحوا سريعي الانفعال والغضب ومزاجهم أصبح سيئًا، و 39% ذكروا أنهم أصبح لديهم مشاكل في التركيز، و 37% يبكون أحياناً، 36% يشعرون أحيانا بالشلل في التفكير. 


وعندما سُئل من شملهم الاستطلاع عن الكلمة التي سيستخدمونها لوصف الضغط النفسي الآن ومنذ بداية الأزمة في مارس، كانت نسبة 62% منهم تصف الأزمة بـ "الإنهاك"، ونسبة 59% تصفها بـ "الإزعاج".


بينما كانت نسبة 34% لديهم الشعور بظروف أكثر خطورة حيث استخدموا وصف "الإغماء"، بينما 33% استخدموا وصف "الاستقالة"، ونفس النسبة 33% استخدموا وصف "اليأس"، و26% استخدموا وصف "إرهاق الحياة"، و 24% استخدموا وصف "الاكتئاب". 


الحياة الخاصة بها أيضا مشاكل ومعاناة، فنسبة 65% ممن شملهم الاستطلاع ذكروا أنهم أصبحوا غير قادرين على الفصل بين العمل وما بعد العمل كما كان من قبل، ونسبة 33% ذكروا أنهم في شجار في كثير من الأحيان مع شركائهم في المنزل أو الأطفال ولم يعودوا يشعرون بالرغبة في الاتصال بدائرة الأصدقاء كما كانت عادتهم من قبل، بينما نسبة 11% ذكروا أنه لا يجب أن ننظر إلى كل شيء بشكل سلبي وأن يكون عندنا أمل وأن حياتهم الخاصة لم تتأثر.


نحن أول المتضررين.. الركود بدأ قبل وصول الفيروس والحكومة تتجاهلنا


يقول كريم حسن، 41 عاما، يعيش في اسطنبول ويعمل في قطاع السياحة منذ 8 سنوات، إن معظم الأتراك وأصحاب المهن البعيدة عن القطاع السياحي يملكون رواتب وبدلات بصورة شهرية أما نحن العاملين في مجال السياحة فلا نملك تلك الرفاهية.


وأضاف حسن، رغم أنني أحمل الجنسية التركية إلا أن ذلك لم يشفع لي في تلقي مساعدات من الحكومة التي تدرك جيدًا مدى فداحة الخسائر للعاملين في قطاع السياحة، فهناك ملايين العاملين في السياحة بشكل مباشر تضرروا بشكل هائل جراء تفشي وباء كورونا الذي أوقف حركة السياحة والطيران، القانون يمنعنا من العمل في مهن أخرى ولا توجد لنا أي امتيازات رغم أن اقتصاد البلاد يقوم علينا في الأساس فنحن المصدر الرئيسي لمليارات الدولارات سنويا.


وتابع، العاملون في قطاع السياحة أول المتضررين، فمعاناتنا بدأت مبكرًا للغاية منذ تفشي الفيروس في الصين وقبل وصوله إلى تركيا، فبدأت حالة من الخوف وارتباك واضح في أعداد السياح ومع الوقت وصل إلى المرحلة الصفرية، وتوقف نشاطنا بشكل كامل دون أي قرارات أو مساعدات من الدولة كباقي العاملين بمختلف المهن في تركيا.


الحكومة لا تقدم لنا سوى "الوعود الكاذبة".. وبدأنا نفقد الأمل


في السياق ذاته، يقول مسعود ألبرت، 49 عاما، ويملك شركة سياحة صغيرة، حاولنا تقديم عدة استغاثات لحكومة أردوغان بل وللرئيس التركي نفسه، وكل ما نحصل عليه وعود، الحكومة وعدتنا بدعم القطاع السياحي ولكن حتى الآن كل ذلك مجرد حديث لم نلمس منه شيئًا على أرض الواقع، وبالفعل فقد معظمنا الأمل في تحسُّن الأحوال.


وأضاف، مجبرًا قمت بفصل 80% من العاملين معي، لا أستطيع دفع رواتبهم أكثر من ذلك، أعلم أن الأمر غير إنساني ولكن مع مرور الوقت أصبحت أنا في حاجة إلى دعم إنساني عاجل فكيف علي أن أقدم الدعم وأنا في حاجة ماسّة إلية، موضحًا أن ما حدث معه ينطبق على ملايين العاملين في القطاع السياحي الذين حاولوا العمل بمهن أخرى ولكن تداعيات تفشي الفيروس أوقفت عجلة الإنتاج بشكل كامل وتجاهل الحكومة وضعهم في مأزق.


وتابع، أحد العاملين معي عرض علي توفير مبلغ من المال والدخول في شراكة معه لشراء عدد من ماكينات الخياطة ووضعها في مقر الشركة وبَدْء تشغيلها لإنتاج كمامات منخفضة الجودة وتوزيعها مؤكدًا أن الربح مضمون وأننا سنحتاج لعمالة إضافية ولن أضطر لفصل أحد، وهذا ما فعله الكثيرون وتسبب في زيادة عدد الحالات حيث لا يهتم أصحاب تلك الأفكار بجودة المنتجات الصحية مما ينذر بكارثة صحية قريبة.