حكايات المنشقين عن الإخوان.. جرائم وأسرار التنظيم الدموي

حكايات المنشقين عن الإخوان.. جرائم وأسرار التنظيم الدموي
صورة أرشيفية

منذ نشأتها وتعاني جماعة الإخوان من انشقاق أعضائها بعد انكشاف الحقائق لهم، وبدأ الانشقاق عن جماعة الإخوان المسلمين مع النشأة الأولى للتنظيم، وكان الانشقاق الأول للشيخ أحمد السكري، الرجل الثاني الذي شارك حسن البنا تأسيس الجماعة، وتبعته انشقاقات عدة لم تتوقف طوال تاريخ الجماعة، ولكن عدد المنشقين زاد بشكل غير مسبوق منذ أن سقط الإخوان في مصر بعد ثورة 30 يونيه فضربت الانشقاقات صفوف جماعة الإخوان على كافة المستويات، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول للملايين كتب العديدون من أتباع الجماعة المنشقين رواياتهم عن جحيم الإخوان وأسباب انشقاقهم عن التنظيم الذي شبه "المافيا" ويتخذ من الدين ستارًا للممارسة أعماله غير المشروعة.

لهذه الأسباب يخشى الإخوان القيادات المنشقة ويحاولون تصفيتهم

دائمًا ما يصف المتخصصون في ملف الإسلام السياسي أن أعدى أعداء جماعة الإخوان هم من كانوا إخوانًا في السابق وانشقوا عنها، بسبب إدراك قادة الجماعة أن هؤلاء المنشقين على علم حقيقي بمدى خطورة مخططاتها ومؤامراتها على البلاد المتغلغلين فيها.

ولذلك، لا يستغرب أولئك المنشقون أي اعتداء عليهم، بسبب ما يمتلكونه من أسرار التنظيم، ومنظومات تفكيره، وما يدور داخل رؤوس الجماعة وعناصرها، وكونهم الأكثر مقدرة على تفنيد ادعاءاتها.

ويعلم قيادات الإخوان جيدًا مدى خطورة القيادات المنشقة ووصل الأمر لمحاولات الاغتيال، وكان أبرزها محاولة اغتيال مختار نوح القيادي الإخواني المنشق والذي اعتبروه خزينة لأسرار الجماعة، حيث اكتسب من خبراته السابقة معهم قدرة هائلة على التحليل والتنبؤ بخطواتهم القادمة وكشفها أمام الرأي العام بسهولة.

والأمر ذاته تكرر مؤخرًا مع المستشار عماد أبو هاشم، الذي كان ضابطًا سابقًا في المخابرات المصرية، ثم مسؤول محكمة المنصورة الابتدائية، وعضوًا مؤسسًا لـ"قضاة من أجل مصر"، والتحق أبو هاشم بالإخوان في تركيا عقب ثورة 30 يونيو 2013، بعد أن ظل عنصرًا نائمًا يخدمهم بعيدًا عن أعين الأمن ثم تسلل من مصر إلى حدود إحدى دول الجوار، وعمل منها لمدة 5 سنوات في خدمة الإخوان تنظيميًا وإعلاميًا، ثم انشق عنهم بعد مشاهداته على أرض الواقع لتصرفات القياديين الإخوان في تركيا، ولتحولهم لأداة إقليمية في يد الدول التي تسعى لمد نفوذها داخل مصر، من خلال الإرهاب والتخريب.

الاغتيال وسيلة الإخوان لإسكات المنشقين إلى الأبد

المستشار عماد أبو هاشم، كان ضيفًا دائمًا على قنوات الإخوان التي تبث من تركيا ولعب دورًا تحريضيًا ضد القوات المسلحة المصرية، ودعا أكثر من مرة جموع الشعب المصري للخروج ضد قياداته وجيشه، وكان واحدًا من أكثر الوجوه ظهورًا على شاشات الإخوان.

هاشم حاول أكثر من مرة تبرير جرائم الإخوان ولكن مع حياته وسط قياداتهم الهاربة ومعرفته طرق تفكيرهم ومخططاتهم لنشر الفوضى في الدول العربية أعلن انشقاقه عن الجماعة عبر تغريدة أثارت الارتباك في صفوف الجماعة، عندما اتهم الإخوان بأنهم يعبدون السلطة باعتبارها إلهًا لا شريك له وأن كرسي الحكم هو قدس أقداس الهيكل الإخواني.

المثير للسخرية هنا أن قنوات الإخوان تحولت في لحظات إلى الهجوم ضد القيادي المنشق، وبدء وصفه بالخائن والكافر لأنه فكر في مناقشاتهم وأعلن انشقاقه عنهم، وتعرض بعدها أبو هاشم لعمليات اغتيال معنوي، من قبل القنوات الإخوانية التي كانت تستضيفه، طالت سمعته الشخصية وشؤونه الخاصة، إلّا أن استمراره في نقد الجماعة من داخل تركيا، بحسب ما صرّح، جعل الإخوان يسلكون سبل الاغتيال الجسدي، بعد أن فشلت حملات التشويه والتهديد في إسكاته.

ونشر أبو هاشم مؤخرًا على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ما اعتبره أنه تهديد مكرر بقتله، وتقدم من خلال المنشور بشكوى رسمية إلى السلطات التركية لحمايته من تلك التهديدات.

حيث أكد المستشار عماد أبو هاشم أن عناصر جماعة الإخوان يهددونه بالاغتيال، وتحداهم علانية أن ينفذوا تهديدهم وقال: "لكل أجل كتاب، فإنني ماضٍ إلى فضح إجرامكم وكشف حقيقة أمركم ليعرف المسلمون كافة أنكم ألدُّ أعداء الإسلام وليعي العالم بأسره أنكم أعداء الإنسانية والحضارة، ولديَّ الكثير مما لم أقله بعد ويخشاه أكابر مجرميكم.

وتابع: أعلم أن ما قلته أو كتبته عنكم قد أوجعكم لكن ما لم أقله وما لم أكتبه -بعد- سيكون أكثر إيلامًا لكم وأشد تأثيرًا عليكم على الصعيدين السياسي والقانوني، وأعلم أنني قد قوضت كل ادعاءاتكم وفَنَّدتُ سائر أكاذيبكم فلم يعد لديكم ما تركنون إليه لتبرير مواقفكم العدائية ضد مصر وشعبها، وهذا هو ما أوغر صدوركم نحوى ودفعكم للتهديد بقتلى.

عبثًا تحاولون إثنائي عما استخرتُ الله عليه وعزمتُ أمري -إن كان في العمر بقية- على إكماله، فإن كنتم تخافون الموت فإنني في الحق لا أخافه، وأدعو الله إن كان قد كتب نهايتكم والقضاء عليكم في أيامنا هذه أن يكون ذلك على يدي، فهذا هو الجهاد الأعظم الذي ألقى به رب العزة ورسوله.

وأضاف أبو هاشم: أتوجه إلى السلطات التركية ببلاغٍ رسمي أن تتخذ ما يلزم قانونًا حيال هذا الأمر بعدما دأب الإخوان على التهديد باتخاذ الأرضي التركية مكانًا لارتكاب جرائمهم ولاسيَّما أن من جملة المقيمين بتركيا تتواجد عناصر إجراميةٌ شديدة الخطورة صدرت ضدهم أحكام إدانةٍ من القضاء المصري في جرائم قتلٍ وإرهاب.

منشق دعا إلى مراجعات فكرية وفضح فكر الإخوان الإرهابي

يقول عمرو علي: إن التشابك الفكري وخلط الأفكار والمفاهيم والغطاء الديني للمصطلحات لاستغلال الدين في تحقيق المصلحة هي المحور الأساسي الذي يرتكز عليه الإخوان لضمان البقاء، مضيفًا: من الضروري العمل على ضرب الأفكار ونقدها لكشف حقيقة التنظيم السوداء".

رغم دخول علي السجن في مصر بتهمة التحريض وارتكاب عمليات إرهابية، إلا أنه قرر فضح جماعة الإخوان والاعتراف بأنه يستحق السجن لانضمامه لتلك الجماعة ولم يكتف بإعلان الانشقاق لكنه قرر فضح التنظيم وهدم أفكاره المتطرفة.

انضم عمرو علي للإخوان في الفترة من عام ٢٠٠١ حتى عام ٢٠١٦، وكان يعمل مدير تحرير موقع نافذة الفيوم الإخواني وعضواً باللجنة السياسية في حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للتنظيم، لكنه اعتقل في مايو عام ٢٠١٥، على إثر أحداث فض رابعة، وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.

يقول عمرو: بقائي في السجن دفعني للتفكير بعمق حول أيديولوجية الجماعة وما قدمته في الواقع خاصة فيما يتعلق بممارسة العنف خاصة أن الجماعة كانت السبب الأصلي للأزمة، وأنها عصية على التغيير، وأن التغيير الوحيد الذي يجب أن يكون هو حلها وخروجها من المشهد السياسي برمته.

تصريح مرسي كان رسالة خفية لتسليح الجميع وقتل المعارضين

وأكد عمرو علي أن رفاقه داخل السجن يعترفون بأخطائهم وهم لم يطالبوا في أي وقت بالخروج من السجن بالعكس يرون العقوبة أمراً طبيعياً وواجباً لوطنهم عليهم، لأنهم شاركوا يوماً ما في مخطط كان يستهدف ضرب أمنه واستقراره.

وأضاف: الجماعة أمرت جميع أعضائها بممارسة أشد أنواع العنف في مواجهة الأمن المصري منذ اعتصام رابعة في يونيو 2013، وأصدرت رسائل نصية بتوجه الأفراد في مجموعات لحرق المؤسسات الحيوية ومديريات الأمن والاعتداء على المرافق العامة.

وتابع: عنف الإخوان لم يبدأ بعد فض اعتصام رابعة لكن قبل ذلك بكثير، مؤكداً أنه "تم استدعاء الشباب لفض اعتصام القوى المدنية المعارضة لحكم الإخوان أمام قصر الرئاسة فيما عُرف بـ"اعتصام الاتحادية" في 2012، موضحًا أن قيادات الجماعة أمرت الآلاف من شباب الإخوان بالاشتباك مع المعتصمين لفض تلك الاحتجاجات؛ ما أسفر عن قتل 8 أشخاص.

وأضاف: وخرج علينا الرئيس الأسبق محمد مرسي ليعلنها صراحة في تصريحه الشهير "لا يضر مصر أن يموت بضع آلاف لتحقيق الاستقرار للوطن"، ومنذ ذلك التصريح صدرت أوامر بتسليح جميع المقرات التابعة للإخوان وقتل من يقترب منها وأكدوا لنا أنهم يسيطرون على أجهزة الأمن المصرية وأن من يقتل من المعارضين لن يجد من يبحث عن حقه.

وأكد أن الجماعة أمرت أعضاءها بعد 30 يونيو بحرق المؤسسات الشرطية ومهاجمة الكنائس والأقباط، وقتل رجال الجيش والشرطة؛ عقاباً لهم على مشاركتهم في إسقاط الإخوان، وفقاً لمزاعمهم.

قيادي إخواني منشق: الجماعة صاحبة فكرة الميليشيات المسلحة

في السياق ذاته، كشف مختار نوح القيادي المنشق عن جماعة "الإخوان" وشغل من قبل منصب مستشار المرشد، أن جماعة الإخوان الإرهابية أول من أسس لفكرة نشر الميليشيات المسلحة وإنشاء جيش موازٍ للسيطرة على الدول تدريجيًا والتهديد بحرب عصابات إذا لم يحصلوا على ما يطالبوا به الدولة.

وأكد نوح أن التنظيم السري الخاص رفض أن تتخلى الجماعة عن فكرة العنف والعسكرة فكون التنظيم القطبي في الستينيات، مع اتباع مبدأ تكفير المجتمع، مؤكداً أن التكفير لم يكن مباحاً خلال عهد حسن البنا، لكنه كان يؤمن بالعسكرة والتنظيم السري ولذلك في المؤتمر الخامس عشر للجماعة طلب البنا أن يأتوه بـ15 ألف مقاتل ليفتح بها الدنيا وهو تعبير عسكري بحت.

وأضاف: أن عسكرة الجماعة استمرت وانتشرت، وعندما اتفق عمر التلمساني، المرشد الأسبق، مع الرئيس الراحل أنور السادات لإعادة الجماعة إلى العمل، وافق السادات بشرط عدم العسكرة وعدم إحياء التنظيم السري، ووافق التلمساني، وقام بتهميش كل أقطاب التنظيم السري مثل محمود عزت وخيرت الشاطر ومحمد بديع، ثم أتى بشباب جدد بعيدين عن الإخوان، مثل عصام العريان وأبو العلا ماضي وعبدالمنعم أبو الفتوح، ولكن لم يستسلم التنظيم السري فكونوا تنظيمًا آخر سريًّا لا يعلم به عمر التلمساني، وحاول الانقلاب عليه ولكن تمكنت أجهزة الأمن من رصدهم والقبض عليهم وكانوا محور القضية رقم 122 لسنة 83.

ويقول نوح: إن مصطفى مشهور عندما تولى منصب المرشد في العام 1996 منح كل الدعم لعناصر التنظيم السري، وأعاد كل القيادات القطبية مثل محمود عزت وخيرت الشاطر ومحمد بديع، ومن وقتها تحولت الجماعة لجناح عسكري مسلح متصادم مع الدولة.