معاني عن الحياة والموت

معاني عن الحياة والموت
بنت العراق الدليمية

إننا أطفال خالدون وكلما تقدم بنا العمر ازددنا طفولة ورفضنا فكرة الشيخوخة، لكننا نشيخ طيلة الوقت ونموت، هذه هي الحقيقة، قبولها نضج ورفضها عته، لكننا نفضل أن نكون معاتيه على أن نكون شيوخًا.

 نستيقظ كل صباح، نهرول إلى الحمام، نداعب وجهنا بكمية من الماء لا بأس بها، نتناول فطورنا الاعتيادي، نتجهز لمغادرة البيت نحو العمل، وغالبًا ما نعود إليه مساءً، نعود منهارين من التعب، قد نتناول وجبة خفيفة سريعًا ونخلد مباشرة إلى النوم.


لا شك أن هذا السيناريو نمارسه بشكل يومي، نسارع الدقائق والساعات  لضمان لقمة العيش ومتطلبات الحياة البديهية. تحالفات الرأسمالية قطعت العهد على نفسها أن تنال منا، بإقناعنا أن هذا هو منهج الحياة الوحيد الذي علينا اتخاذه دون نقاش أو تفكير.


أتذكر جيدًا أولى الجمل التي يبدأ بها أحد الأفلام الوثائقية والمثيرة للجدل: "يرقد في كل قبر من هذه القبور أحد الناس الذين كانوا مثلكم تمامًا، ربما كان هؤلاء أيضًا يتصفحون الإنترنت كما تفعلون أنتم الآن، وكانوا يستيقظون صباحًا ويغسلون وجوههم ويأكلون ويذهبون للعمل، كان لكل منهم، في وقت ما أقارب يحبونهم وأسوة من الناس يقتدون بهم، وكانت لهم مساكن وسيارات وفواتير يطلب منهم دفعها، كانت لهم أوقات خاصة يحتفلون بها بأعيادهم ومناسباتهم، ربما لم يخطر في بالهم أنهم كانوا يحتفلون بعيد ميلادهم فسيأتي مَن يتذكر يوم وفاتهم".


لو لم نتعمق ونتدبر في المعنى وما وراءه ، في ما تفتديه منا الحياة حقيقة، لو لم نصل إلى أن الحياة الدنيا هي البداية والموت باب يقودنا إلى الدار الباقية وما هو سوى استمرار يأتي تحت قشرة نهاية... سيبدو لنا ساعتها أن تفادي التفكير في الموت أمر طبيعي جدًا، وسنعتقد أنه لو ظل الإنسان يفكر في هذا القدر المحتوم، سيفقد الرغبة في الحياة، وستصبح كل الأشياء سواء في معترك الأيام.


في هذا الصدد، لا بد أن نتذكر بأن الموت ضرورة وحقيقة حتمية لا مفر منها،  واستبعادها أمر خاطئ ومجحف، بل قد يذهب بصاحبه إلى الهاوية، وقد يستيقظ من سباته يومًا ليكتشف أن القطار قد فاته ومضى. 


الموت هو البداية الحقيقية، ولا جدوى من تفاديه  هو الموت الذي لا يموت. علينا أن  نصحح علاقتنا به، تناسيناه وتجاهلناه في عصر أخذتنا فيه أمور الدنيا، كلنا مسرع ومتسرع، لعابنا يسيل للشهوات وتحقيق الأحلام المعلقة على جدار الانتظار.


علينا التسليم بالموت، والاقتناع بأن الإنسان كائن نهائي مهما عتى ومهما عاش، وإنها لحكمة من الله تعالى أن ننتهي ونموت ، ولكي نحيا لا بد أن نموت، علينا التسليم بأننا سنمضي ولا جدوى من التعصب والحقد والتنابز مع الحياة.


وعلى سبيل الختم، أريد أن أزيد كلامي وضوحًا وأقول: إذا كنا نرتعب من الموت، فكيف لنا أن نقر بأننا نحب الله، ونحن في الأخير لو متنا هو مَن سنلقاه، وهل يا تُرى من محب يخشى لقاء حبيبه؟ وهل يمكن للحب والرعب أن يجتمعا بقلب واحد؟
إليكم الجواب.