جريمة بسجون قطر.. مدون كيني يكشف تجربة الحبس الانفرادي

كشف مدون كيني ما يتعرض له العمال وغيرهم من سوء معاملة في قطر فضلا عن عدم الإنسانية داخل السجون

جريمة بسجون قطر.. مدون كيني يكشف تجربة الحبس الانفرادي
صورة أرشيفية

عندما كشف مدون كيني في قطر، تحت الاسم المستعار "نوح"، عن طبيعة الظروف القاسية التي يعمل فيها في الدولة الخليجية، خلال الاستعدادات لكأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢، كان مصيره السجن.

حكاية مدون كيني

وحسبما ذكرت شبكة "بي بي سي"، فإنه عندما تم الكشف عن هوية المدون الكيني، ألقت السلطات القطرية القبض عليه، وألقت به في الحبس الانفرادي، وفرضت عليه غرامة كبيرة وتم ترحيله.

وفي مقابلة مع بي بي سي، كشف نوح عن اسمه الحقيقي مالكوم بيدالي، وحكى عن تجربته المأساوية في قطر، خصوصا عندما ألقوا به في الحبس الانفرادي. 

حبس انفرادي

وقال بيدالى، أنه تم القراءة في غرفة صغيرة بمفرده، لم يوجد به إلا زر للضغط عليه عند طلب ماء للشرب أو دخول الحمام، لافتا إلى أن الغرفة كانت مبطنة الجدران وكأنها مصحة عقلية.

وأضاف أنه كان يتعرض للاستجواب طيلة الوقت، ذهابا وإيابا، خصوصا أنهم طرحوه في نفس الليلة مرارا بهدف التشويش، ما جعله يشعر بخوف شديد، واعتقد أنه لن يخرج من هناك أبدا.


 صدمة العاملين في قطر

وبحسب بيدالي، فإن أكثر ما صدمه في قطر هو الظروف المعيشية السيئة للعاملين، فلم يكن لدى الشركة المسؤولة أي اعتبار لمصلحة العاملين، وكل ما كان يهمهم هو تكديس أكبر عدد من العاملين في غرفة واحدة، فيصل عدد العاملين في غرفة واحدة صغيرة إلى ٨ أو ١٢ عاملا.

وأشار المدون الكيني إلى أن التجربة بدأت عندما كان يكتب مذكراته الشخصية عن يومياته في قطر والظروف السيئة، وعندما قرأها شخص سأل إن كان بالإمكان نشرها، مضيفا أن ذلك المقال حظي باهتمام كبير، وعلى الفور حاولت السلطات القطرية إبداء حدوث تغييرات على ظروف العمال.

وأكد بيدالي، أنه حتى وقت مغادرته، لم يكن بإمكان العمال تغيير وظائفهم، وكانت الصعوبات المحيطة ببيئة عملهم كما هي حتى في إمكانية الذهاب بشكوى إلى الإدارة أو إدارة العمل، وأن الشركات كانت لا تزال تدفع أجورا متدنية، لذا فهو يعتقد أن الأمور ما زالت كما هي على حالها الأول وأن حديث السلطات القطرية عن التغييرات هو مجرد كلام على ورق.

حملات دولية

وكانت العديد من دول الشمال الأوروبي طالبت الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالضغط على الدوحة لأجل تحسين ظروف العمال الأجانب المغتربين ممن يعملون في إطار إنشاءات كأس العالم المقرر إقامته في قطر.

وبسبب انتهاكاتها المستمرة والصعبة لحقوق وإنسانية العمال، لطالما كانت قطر دائما عرضة لانتقادات من منظمات حقوقية خصوصا في ظل ما تم رصده من انتهاكات صارخة لحقوق هؤلاء العمال الأجانب في مواقع العمل في بناء مرافق وملاعب المونديال.
 
وأكد تقرير إخباري أمريكي آخر في مجلة "بورجن" الأمريكية، والمتخصصة في تناول قضايا الفقراء، أن العمال المهاجرين في قطر، والذين يمثلون حوالي 60% من السكان و95% من القوة العاملة، يعيشون حياة مأساوية من الناحية العملية والاجتماعية والصحية وسط ظروف العمل والحياة غير الآدمية.

ظروف عمل قاتلة 

وكانت صحيفة الجارديان البريطانية كشفت في سلسلة تحقيقات استقصائية عما يتعرض له العمال المهاجرون من انتهاكات، بدءا من مصادرة أوراقهم الثبوتية لحظة وصولهم إلى الدوحة، مرورا بتكدسهم في مخيمات إقامة غير آدمية لا تهوية فيها، إضافة إلى تأخير الرواتب، والاستيلاء عليها لحساب موردي العمال.

كما كشفت الصحيفة عن عمل هؤلاء العمال المهاجرين في قطر في ظل ظروف مميتة وقاتلة، من ساعات عمل طويلة وشمس حارقة، وغياب وسائل الحماية والأمن الصناعي، والرعاية الطبية، الأمر الذي أدى إلى تساقط المئات من هؤلاء العمال موتى تحت الشمس الحارقة.

مماطلة قطر 

ومؤخرا كشفت منظمة العفو الدولية عن أسماء عدد من العمال الذين قتلتهم قطر بظروف العمل المميتة، ونددت المنظمة الحقوقية الدولية بمماطلة الدوحة في إجراء تحقيقات جادة حول وفاة هؤلاء العمال، الأمر الذي حرم ذويهم من الحصول على تعويضات تحميهم من الفقر بعد موت عوائلهم.  

وكشفت منظمة العفو الدولية عن المزيد من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض إليها العمال المهاجرون، مؤكدة أن تلك الانتهاكات ناتجة بالأساس عن تقاعس الدوحة عن تنفيذ وعودها.

وأكد تقرير المنظمة الدولية وجود "أدلة واضحة على تقاعس قطر المزمن عن تفادي حالات وفاة العمال الأجانب والتحقيق فيها والتعويض عنها"، على مدار العقد الماضي، بالإضافة لوجود صلات بين الوفيات المبكرة وظروف العمل غير الآمِنة.