محلل سياسي: عيد الأضحى يأتي والسودان يعيش واحدة من أكثر مراحله دموية في تاريخه الحديث
محلل سياسي: عيد الأضحى يأتي والسودان يعيش واحدة من أكثر مراحله دموية في تاريخه الحديث

بينما يستقبل المسلمون في أنحاء العالم عيد الأضحى بالأفراح والصلوات، يعيش السودانيون في ظل واحدة من أعنف مراحل الصراع الداخلي، حيث لا تزال المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مشتعلة في ولايات عدة، وسط سقوط المزيد من الضحايا، وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق.
في العاصمة الخرطوم، ومعظم أحياء أم درمان وبحري، لم تُسمع تكبيرات العيد كما جرت العادة، بل استيقظ السكان على أصوات القصف المدفعي والطيران الحربي، في مشهد يُجسّد مدى الدمار الذي ألحقته الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
وشهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا لافتًا في المواجهات داخل ولاية الجزيرة، خصوصًا حول مدينة ود مدني، حيث أفادت مصادر محلية بتجدد الاشتباكات وارتفاع أعداد القتلى بين المدنيين، إلى جانب نزوح مئات العائلات نحو مناطق أقل خطورة، وسط غياب تام لأي حماية إنسانية أو دعم طبي.
وفي دارفور، تواصل قوات الدعم السريع هجماتها على مدن وقرى عدة، وسط اتهامات باستخدام العنف المفرط والقيام بعمليات تطهير عرقي، لاسيما في الجنينة وزالنجي والفاشر. وقالت تقارير حقوقية إن المدنيين في تلك المناطق يواجهون أوضاعًا مأساوية، مع ندرة الغذاء والماء وغياب أي خدمات طبية.
وفي المقابل، أعلن الجيش السوداني تنفيذ عدد من الضربات الجوية استهدفت مواقع تابعة للدعم السريع في الخرطوم وشمال كردفان، مؤكدًا "تحقيق إصابات مباشرة"، في وقت لم يصدر تعليق من الدعم السريع بشأن هذه الغارات.
ومع اقتراب عيد الأضحى، عبّر السودانيون داخل البلاد وخارجها عن حزنهم العميق لحرمانهم من فرحة العيد، حيث امتلأت منصات التواصل الاجتماعي برسائل الألم والفقد، ودعوات لوقف القتال وإنقاذ السودان من شبح الانهيار الكامل.
وفي ظل الانقسام السياسي، يستمر غياب الحلول الدبلوماسية، مع فشل المبادرات الإقليمية والدولية كافة حتى الآن في وقف إطلاق النار أو التوصل لتسوية شاملة. وتخشى منظمات دولية من تفاقم الكارثة، حيث يقدَّر عدد المحتاجين للمساعدات في السودان بأكثر من 25 مليون شخص، وسط عجز واضح في الاستجابة الإنسانية.
أكد المحلل السياسي السوداني الدكتور محمد الأمين عبدالعزيز أن عيد الأضحى هذا العام يحل على السودان في لحظة مأساوية، وسط تصاعد غير مسبوق للقتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، وانهيار شبه كامل لمقومات الدولة، ما يجعل العيد بلا ملامح ولا طقوس.
وفي تصريح خاص لـ"العرب مباشر"، قال الدكتور الأمين إن "السودان يمر بأسوأ أعياده على الإطلاق، إذ إن الحرب التي دخلت عامها الثاني لم تترك مجالًا للفرح، بل حوّلت بيوت السودانيين إلى ساحات حداد ونزوح، والمساجد إلى ملاجئ مؤقتة للنازحين والمشردين".
وأوضح أن ما يحدث اليوم في العاصمة الخرطوم وولايات دارفور والجزيرة وغيرها، يعكس حجم الكارثة الوطنية، مضيفًا أن "كلا الطرفين في الصراع يراهن على الحسم العسكري في غياب أي أفق سياسي، وهو ما يعمّق المأساة ويطيل أمد الانهيار".
وأشار الدكتور الأمين إلى أن فرحة العيد لم تعد ممكنة في ظل هذه الظروف، خاصة مع غياب الغذاء، وتوقف الرواتب، وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية، مؤكدًا أن الحرب أدخلت السودان في نفق مظلم يهدد وحدته واستقراره ومستقبله.
وانتقد غياب الإرادة الحقيقية من المجتمع الدولي والإقليمي لوقف القتال، قائلًا: "هناك بيانات وشجب، لكن لا توجد ضغوط حقيقية على الأطراف المتصارعة للجلوس إلى طاولة تفاوض حقيقية. وكل تأخير في ذلك يعني مزيدًا من الدم والدمار".
وختم بالقول إن "أمل السودانيين في عيد الأضحى هذا العام يقتصر على النجاة من القصف والجوع، وليس في زيارة الأقارب أو ذبح الأضاحي"، مطالبًا بضرورة إطلاق مبادرة وطنية خالصة تضع حدًا للنزاع، وتُعيد للسودانيين أمنهم وسلامهم وكرامتهم.