محللون لبنانيون: الأزمة المالية تُربك حسابات حزب الله وتضعه أمام خيارات صعبة

محللون لبنانيون: الأزمة المالية تُربك حسابات حزب الله وتضعه أمام خيارات صعبة

محللون لبنانيون: الأزمة المالية تُربك حسابات حزب الله وتضعه أمام خيارات صعبة
حزب الله

يشهد "حزب الله" اللبناني أزمة مالية متفاقمة منذ اندلاع الحرب في جنوب لبنان في أكتوبر الماضي، في ظل ما تشير إليه تقارير محلية ودولية عن تجفيف متصاعد لمصادر تمويل الحزب، خاصة تلك المرتبطة بإيران وشبكات الدعم الخارجية. 

وتأتي هذه الأزمة في وقت يواصل فيه الحزب الانخراط في مواجهة مفتوحة مع الجيش الإسرائيلي على جبهة الجنوب، وسط ضغوط داخلية متزايدة وانتقادات شعبية للأعباء الاقتصادية التي تتكبدها البيئة الحاضنة له.

وبحسب مصادر مطلعة في بيروت، فقد اضطر "حزب الله" إلى تقليص نفقاته التشغيلية، وخفض الرواتب الشهرية لبعض المقاتلين والموظفين التابعين له، إلى جانب تقليص الدعم المادي الموجَّه لعائلات القتلى والمصابين في صفوفه. 

وامتدت آثار الأزمة إلى المنظومة الإعلامية والخدماتية التي يديرها الحزب، حيث تم تقليص عدد البرامج في قنواته الفضائية والإذاعية، وتجميد عدد من المشروعات الخدمية في الضاحية الجنوبية ومناطق نفوذه.

ويرى محللون، أن الحرب المستمرة منذ أشهر مع إسرائيل، إلى جانب العقوبات الغربية المشددة على إيران، الحليف الأول للحزب، أدت إلى تضييق الخناق المالي عليه، خاصة مع صعوبة تحويل الأموال عبر القنوات التقليدية أو عبر التهريب، الذي تراقبه الولايات المتحدة وشركاؤها الإقليميون عن كثب.

ويؤكد مراقبون، أن المرحلة المقبلة ستحدد ما إذا كان "حزب الله" قادرًا على تجاوز هذه الأزمة دون خسائر داخلية كبرى، أم أن الضغوط المتعددة ستجبره على التراجع أو الدخول في تسويات سياسية.

وفي السياق ذاته، اعتبر الخبير اللبناني في الشؤون الاستراتيجية، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، أن "الاختناق المالي الذي يعاني منه حزب الله قد يؤثر على قدرته على مواصلة المواجهة المفتوحة، وقد يدفعه إلى إعادة ترتيب أولوياته وتكتيكاته، خصوصاً إذا طالت أمد الحرب أو توسعت رقعتها".

وأضاف عبد القادر، أن "الأزمة الراهنة لا تمثل فقط ضغوطًا لوجستية على الحزب، بل تهدد أيضًا بنيته الاجتماعية والاقتصادية، وتفتح الباب أمام تساؤلات داخل بيئته عن كلفة الصراع وجدواه في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان".

وقال المحلل السياسي اللبناني محمد الرز: إن الأزمة المالية التي يمر بها "حزب الله" منذ اندلاع الحرب في جنوب لبنان باتت تمثل تحديًا داخليًا كبيرًا للحزب، خصوصًا بعد تعرضه لضغوط مزدوجة تمثلت في استنزاف الموارد جراء المواجهة المفتوحة مع إسرائيل، وتجفيف مصادر التمويل الخارجية، وعلى رأسها الدعم الإيراني.

وأوضح الرز - في تصريحات خاصة- أن العقوبات الغربية المفروضة على إيران والرقابة الدولية المشددة على قنوات التحويل المالي، دفعت طهران إلى تقليص مساعداتها المباشرة، ما انعكس بشكل واضح على الوضع المالي للحزب.

 وأشار، أن الحزب بدأ بالفعل في تقليص عدد من برامجه الخدمية والاجتماعية، وخفّض من رواتب عناصره، وهو ما يشير إلى ضائقة مالية غير مسبوقة.

وأكد أن استمرار الحرب على الجبهة الجنوبية يزيد من نزيف الموارد، ويضع الحزب أمام معادلة صعبة: إما الاستمرار في المواجهة مع ما تحمله من تكلفة مادية وبشرية، أو السعي إلى تسويات قد تُضعف من نفوذه السياسي والعسكري على الساحة اللبنانية.

وأشار الرز، أن الأزمة المالية الحالية لا تهدد فقط بنية "حزب الله" كتنظيم، بل تفتح الباب أيضًا أمام اهتزاز علاقته بالبيئة الحاضنة له، خاصة إذا عجز عن تلبية المتطلبات المعيشية والخدماتية التي لطالما كانت إحدى أدواته للنفوذ والتأثير.

وختم قائلاً: "إذا استمرت هذه الأزمة دون حلول، فإننا قد نشهد تحوّلات تدريجية في تموضع حزب الله داخليًا، وربما في طبيعته ودوره الإقليمي خلال الفترة المقبلة".