خامنئي يتخلى عن التقاليد الدينية ويستدعي أمجاد فارس القديمة لتعزيز الوحدة الوطنية
خامنئي يتخلى عن التقاليد الدينية ويستدعي أمجاد فارس القديمة لتعزيز الوحدة الوطنية

لطالما عبّر المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، عن احتقاره للفترة ما قبل الإسلام في تاريخ إيران، حين كانت تُحكم من قِبل ملوك وُصفوا بالمستبدين، معتبرًا تلك الحقبة مجرد "أوهام لا مصدر فخر"، تسودها الفساد والدكتاتورية، حسبما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وتابعت، أن تصريحات خامنئي الأخيرة، التي جاءت بعد أيام فقط من الهجوم الإسرائيلي على إيران الشهر الماضي، مثّلت تحولاً مفاجئًا.
في خطاب علني، أشاد مرارًا بـ"الحضارة الإيرانية العريقة"، واعتبر أن إيران تمتلك "ثروة ثقافية وحضارية" تفوق تلك التي تمتلكها الولايات المتحدة.
من خلال تسليط الضوء على الهوية الثقافية بدلاً من الدينية، سعى خامنئي إلى تعبئة الشعب الإيراني، الذي يعاني من آثار الضربات الإسرائيلية ومن خيبة أمل واسعة تجاه رجال الدين الحاكمين وأيديولوجية الجمهورية الإسلامية.
تصعيد للخطاب القومي
وتابعت، أن هذا التحول تجلى في الحملة الدعائية الرسمية، حيث ظهرت لوحات إعلانية جديدة في طهران تمجّد ملوك فارس القدماء، وأخرى تصور الشخصية الأسطورية "آرش الرامي" محاطًا بوابل من الصواريخ.
وفي مدينة شيراز، أُعيد تشكيل مشهد من النقوش الحجرية قرب أطلال برسيبوليس، ليُظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في هيئة الإمبراطور الروماني فاليريان راكعًا أمام الفرس المنتصرين، الذين سبقوا الإسلام بقرون.
وهذا التصعيد في استخدام الرموز القومية يأتي في وقت لطالما كانت فيه الشرعية الدينية هي الأساس الذي تقوم عليه الجمهورية الإسلامية، ففي حفل ديني أقيم هذا الشهر، طلب خامنئي أداء أغنية وطنية علمانية، وهو أمر نادر في مثل هذه المناسبات.
تراجع الأيديولوجيا الدينية
يرى المؤرخ علي أنصاري من جامعة سانت أندروز، أن هذا التحول هو اعتراف ضمني بأن أيديولوجية الثورة الإسلامية قد فشلت في جذب الإيرانيين.
ويقول: إن استخدام الخطاب القومي ليس جديدًا تمامًا، لكنه لم يكن بهذا الحجم أو الحدة، ولا في ظروف أزمة بهذا العمق.
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن الضغوط الإقليمية والدولية على إيران في تزايد، مع تراجع نفوذ حلفاء مثل حزب الله وحماس، ووسط أزمة اقتصادية خانقة يُنظر فيها إلى الحكومة باعتبارها فاسدة وقمعية.
في ظل ذلك، يصبح من المنطقي أن تحاول طهران استغلال الهوية الوطنية كوسيلة لتعبئة الداخل في وجه الهجمات الإسرائيلية والأمريكية.
المزج بين القومية والإسلامية
يقول عالم الاجتماع والمحلل الإيراني المقيم في الولايات المتحدة، حسين غازيان، إن النظام الإيراني مستعد لتكييف أيديولوجيته حسب الحاجة، بما في ذلك تقليل التركيز على الدين لصالح الدولة والقومية.
ويضيف: أن النظام يقدم الآن "منتجًا جديدًا" يجمع بين القومية والدولة والإسلام السياسي، في محاولة لإبقاء قبضته على السلطة.
وأوضح غازيان، أن هذا الخطاب قد يلقى قبولاً بين بعض شرائح الشعب، لكنه في الغالب تعبير عن رد فعل ضد عدو خارجي وليس تعبيرًا عن دعم حقيقي للنظام.