لأول مرة في التاريخ الأميركي.. تداعيات وكواليس إقالة رئيس مجلس النواب
اقيل رئيس مجلس النواب الأمريكي
بعد قيادة جهد ناجح من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لتجنب الإغلاق الفيدرالي الأميركي خلال عطلة نهاية الأسبوع، تم عزل كيفن مكارثي فجأة من منصبه كرئيس لمجلس النواب، بعد أن أطاح به أعضاء يمينيون متشددون في حزبه الجمهوري بعد أقل من عام من انتخابه.
السابقة الأولى
وأكدت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن الإطاحة بمكارثي تمثل المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي تتم فيها إقالة رئيس مجلس النواب من منصبه؛ ما يمثل نهاية مخزية لفترة ولاية قصيرة ومليئة بالتوترات للجمهوري من كاليفورنيا، ويأتي ذلك في الوقت الذي لا تزال فيه معدلات موافقة الأميركيين في الكونجرس والحكومة الفيدرالية قريبة من أدنى مستوياتها التاريخية، حيث تقول الأغلبية إنهم ليس لديهم ثقة كبيرة أو معدومة في مستقبل النظام السياسي الأميركي.
وتابعت: إن الاقتتال الداخلي بين الجمهوريين يؤدي إلى وقف كافة الأعمال في مجلس النواب إلى أن ينتخب المجلس، الذي يتمتع بأغلبية جمهورية ضئيلة، رئيسا جديدا له، وقال مكارثي ليلة الثلاثاء إنه لن يترشح لمنصب رئيس مجلس النواب مرة أخرى؛ ما يمهد الطريق لرئيس جمهوري جديد إذا تمكن أعضاء الحزب من التوصل إلى توافق في الآراء.
ويعتزم الجمهوريون إجراء تصويت لاختيار رئيس جديد للمجلس يوم الأربعاء المقبل، بعد اجتماع مغلق في 10 أكتوبر لمناقشة المرشحين المختلفين، حسبما ذكرت رويترز.
كواليس الإقالة
وأوضحت الوكالة، أن التصويت على الإطاحة بمكارثي جاء في أعقاب اقتراح بإخلاء الرئيس من عضو الكونجرس الجمهوري عن فلوريدا مات جايتز. وبعد فشل حلفاء مكارثي الجمهوريين في منع المضي قدمًا في الاقتراح، تم إجراء تصويت نهائي بعد ظهر يوم الثلاثاء. وسط شهقات الأعضاء في الغرفة المتوترة، انضم ثمانية جمهوريين من اليمين المتشدد إلى 208 ديمقراطيين في دعم عزل مكارثي، بينما حاول 210 جمهوريين إبقاء رئيس مجلس النواب في مكانه وفشلوا، خيث احتاج مكارثي إلى أغلبية بسيطة من الأعضاء المصوتين للاحتفاظ بمطرقته لكنه فشل في تجاوز هذه العتبة.
وأعلن عضو الكونجرس ستيف ووماك، الجمهوري من أركنساس الذي ترأس الجلسة، بعد التصويت أنه "تم اعتماد القرار، حيث يُعلن بموجب هذا أن منصب رئيس مجلس النواب الأميركي شاغر".
وكان مكارثي قد جلس بثبات ويداه في حجره، ولكن عندما انتهى التصويت، ألقى رأسه إلى الخلف وضحك على محنته، بينما سار بعض الأعضاء لمصافحته، وبعد الإعلان، تم تعيين عضو الكونجرس باتريك ماكهنري، وهو جمهوري من ولاية كارولينا الشمالية، من قبل مكارثي رئيسًا بالنيابة حتى يتم انتخاب زعيم جديد لمجلس النواب، وعند أخذ المطرقة، دعا ماكهنري بسرعة إلى فترة راحة.
وقال ماكهنري: "في رأي الرئيس، قبل الشروع في انتخاب رئيس، سيكون من الحكمة إجراء استراحة أولاً حتى يجتمع التجمع والمؤتمرات ذات الصلة ويناقشون الطريق إلى الأمام"، واجتمع الجمهوريون في مجلس النواب مساء أمس الثلاثاء لإعادة تجميع صفوفهم ووضع اللمسات الأخيرة على الخطط.
وأدان بعض القادة الجمهوريين إقالة مكارثي، حيث أشار نائب الرئيس السابق والمرشح الرئاسي الحالي مايك بنس إلى أن ذلك من شأنه أن يقوض الحزب الجمهوري في عيون الناخبين.
وقال بنس في مناسبة أقيمت في جورج تاون: "الفوضى لم تكن أبدًا قوة أميركا ولم تكن أبدًا صديقة للعائلات الأميركية التي تكافح".
ووصف رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش غايتز بأنه "مناهض للجمهوريين" ووصفه بأنه "مدمر بشكل نشط للحركة المحافظة"، وحث الجمهوريين على التصويت لطرد غايتس من مؤتمر الجمهوريين بمجلس النواب.
تداعيات الإقالة
وأفادت شبكة "سي إن إن" الأميركية بأن إقالة مكارثي توجت تسعة أشهر مضطربة في مجلس النواب، تميزت بالاشتباكات بين رئيس المجلس والجناح اليميني المتشدد في مؤتمره، وعلى الرغم من جهوده المتكررة لاسترضائهم، فإن استعداده للتعاون مع الديمقراطيين لمنع الفوضى الاقتصادية حسم مصيره، ومع وجود أغلبية ضئيلة في مجلس النواب، يواجه الجمهوريون الآن مهمة لا يحسدون عليها تتمثل في انتخاب زعيم يمكنه الفوز بدعم شبه إجماعي عبر مؤتمر منقسم بشدة.
سعى غايتس إلى إقالة مكارثي بعد أن عمل رئيس مجلس النواب مع الديمقراطيين في مجلس النواب لتمرير مشروع قانون الإنفاق المؤقت، المعروف باسم القرار المستمر، لتمديد التمويل الحكومي حتى 17 نوفمبر. كما اتهم غايتس مكارثي بإبرام "صفقة جانبية سرية" مع جو بايدن بشأن توفير تمويل إضافي لأوكرانيا، الأمر الذي أصبح مصدر غضب في اليمين. ونفى مكارثي وجود أي صفقة سرية.
أقر مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأميركي مشروع القانون المؤقت بأغلبية ساحقة من الحزبين؛ ما أدى إلى تجنب الإغلاق الذي كان من الممكن أن يترك مئات الآلاف من العمال الفيدراليين بدون أجر لفترة طويلة.
وكان بعض أعضاء مجلس النواب الجمهوريين قد أدانوا غايتس قبل التصويت على الإطاحة بمكارثي، ووصفوه في مقابلات مع شبكة سي إن إن بأنه "عامل فوضى" و"أحمق أو كاذب"، وأثاروا مخاوف من أن المناورة قد تكلف الجمهوريين أغلبيتهم في مجلس النواب.
وحذر بعض المراقبين بأن مثل هذه الإقالة سيكون لها تداعيات سلبية على التصنيف الائتماني للاقتصاد الأميركي، حيث تبعث الإقالة بإشارات سلبية للمستثمرين بشأن الانقسامات الحادة في الإدارة الأميركية وخصوصًا بين الجمهوريين.