متى تنتهي الحرب في السودان؟
متى تنتهي الحرب في السودان؟
من المؤلم أن يتحوّل السودان، هذا البلد الذي كان يُوصف يومًا بـ«سلة غذاء العالم»، إلى ساحة مفتوحة للنزاعات والدمار، وإلى وطن تتنازعه البنادق وتتمزق فيه الأحلام. منذ اندلاع الحرب الأخيرة، يعيش السودانيون بين نزوح قاسٍ وجوعٍ صامت وخوفٍ لا ينتهي، بينما تتكاثر الأسئلة بلا إجابات: متى تنتهي الحرب؟ ومن المستفيد من استمرارها؟
الواقع، أن الحرب في السودان لم تعد مجرد مواجهة عسكرية بين طرفين، بل تحوّلت إلى حالة وطنية من الإنهاك الجماعي، تُغذّيها المصالح السياسية الضيقة، والرهانات الإقليمية، وصمت المجتمع الدولي. الكل يتحدث عن الحل، لكن أحدًا لا يتحرك بجدية لوضع حد لهذه المأساة. فالسياسة تحوّلت إلى مقامرة بالوطن، والناس أصبحوا وقودًا في معركة لا تخصهم.
لقد آن الأوان لأن ندرك — نحن السودانيون أولاً — أن لا أحد سينقذ السودان سوانا. فكل يومٍ تستمر فيه الحرب يعني مزيدًا من التمزق الاجتماعي، ومزيدًا من الأطفال خارج المدارس، ومزيدًا من المهاجرين الذين يفقدون انتماءهم تدريجيًا. الحرب لم تعد قضية سياسية، بل قضية بقاء وطن.
إن إنهاء الحرب ليس شعارًا عاطفيًا، بل ضرورة استراتيجية. فبلد أنهكته العقوبات والانقسامات لا يحتمل دورة جديدة من الفوضى. المطلوب اليوم إرادة وطنية شجاعة تعلو فوق الجراح، ومشروع مصالحة حقيقي لا يقوم على تقاسم السلطة، بل على استعادة فكرة الدولة نفسها: الدولة التي تحمي ولا تقتل، التي تجمع ولا تفرّق، التي تزرع الأمل بدل الخراب.
ربما لا نملك ترف التفاؤل، لكننا نملك مسؤولية أن نحلم بوطن لا تسكنه رائحة البارود. فالسودان الذي علّم العالم معنى الكرم والصبر، يستحق أن يعيش أبناؤه في سلامٍ يليق بتاريخه وكرامته.
الحرب ستنتهي يومًا، لكن السؤال الحقيقي هو: هل سنكون نحن من أنهيناها، أم سننتظر أن يكتب الآخرون نهايتها بالنيابة عنّا؟

الكاتبة سارة عثمان
الكلمات