رسالة إلى الشمال المتجمد.. من هو جيف لاندري مبعوث ترامب الذي فجّر أزمة مع أوروبا؟

رسالة إلى الشمال المتجمد.. من هو جيف لاندري مبعوث ترامب الذي فجّر أزمة مع أوروبا؟

رسالة إلى الشمال المتجمد.. من هو جيف لاندري مبعوث ترامب الذي فجّر أزمة مع أوروبا؟
ترامب

أعاد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعيين مبعوث خاص إلى غرينلاند ملف الجزيرة القطبية الحسّاس إلى واجهة الجدل الدولي، لكن هذه المرة بشخصية غير تقليدية أثارت تساؤلات أكثر مما قدّمت إجابات.

 فالاسم الذي اختاره ترامب لم يكن دبلوماسيًا مخضرمًا ولا خبيرًا في شؤون القطب الشمالي، بل حاكم ولاية أمريكية جنوبيّة، عُرف بولائه السياسي الصلب للرئيس وبمواقفه الصدامية داخل الولايات المتحدة.

 هذا التعيين لم يُقرأ في أوروبا باعتباره خطوة بروتوكولية عابرة، بل كإشارة سياسية تحمل دلالات عميقة حول نوايا واشنطن تجاه غرينلاند، الإقليم ذي الحكم الذاتي الخاضع للتاج الدنماركي. 

ومع تصاعد ردود الفعل الغاضبة من بروكسل وكوبنهاغن، وجد اسم جيف لاندري نفسه فجأة في قلب مواجهة دبلوماسية تتجاوز شخصه، وتمس توازنات السيادة، والقانون الدولي، وصراع النفوذ في القطب الشمالي.

غموض وتصعيد سياسي


أثار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعيين حاكم ولاية لويزيانا، جيف لاندري، مبعوثًا خاصًا إلى غرينلاند، موجة انتقادات واسعة في الأوساط الأوروبية، وخصوصًا في الدنمارك، التي تعتبر الجزيرة جزءًا من مملكتها رغم تمتّعها بحكم ذاتي واسع. 

وجاء القرار في توقيت بالغ الحساسية، وسط تصاعد التنافس الدولي على مناطق القطب الشمالي، وما تختزنه من ثروات طبيعية وممرات استراتيجية.

اللافت في التعيين ليس المنصب بحد ذاته، بل الشخصية التي أُسندت إليها المهمة، فحتى الآن، لم توضّح الإدارة الأمريكية طبيعة الدور الذي سيقوم به لاندري، ولا حدود صلاحياته، كما تقرر أن يحتفظ في الوقت نفسه بمنصبه حاكمًا لولاية لويزيانا. 

هذا الغموض فتح الباب أمام تفسيرات واسعة، واعتبره مراقبون تصعيدًا سياسيًا مقصودًا يعكس رغبة ترامب في إعادة طرح فكرة تعزيز النفوذ الأمريكي في غرينلاند، وربما الذهاب أبعد من ذلك.

استياء أوروبي

ردّ الفعل الأوروبي لم يتأخر، فقد أعلن مسؤولون في الاتحاد الأوروبي تضامنهم الكامل مع الدنمارك وشعب غرينلاند، مؤكدين أن مبدأي السيادة ووحدة الأراضي يشكّلان حجر الأساس في القانون الدولي. 

كما شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا على أن أي مساس بهذين المبدأين يمثل سابقة خطيرة.
وفي كوبنهاغن، صعّدت الحكومة الدنماركية موقفها، معلنة عزمها استدعاء السفير الأمريكي لطلب توضيحات رسمية بشأن التعيين.

وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن عبّر صراحة عن استيائه، واصفًا الخطوة بأنها “غير مقبولة”، ومؤكدًا أن بلاده تنظر بجدية إلى أي تحرك قد يُفهم على أنه تدخل في شؤون غرينلاند أو تشكيك في وضعها القانوني. 

هذا الموقف يعكس حجم القلق الدنماركي من إعادة إحياء أطروحات أمريكية سابقة حول ضم الجزيرة، وهي أفكار كان ترامب قد عبّر عنها علنًا خلال فترته الرئاسية.

من هو جيف لاندري؟

أما جيف لاندري نفسه، فيُعد شخصية سياسية مثيرة للجدل داخل الولايات المتحدة. يبلغ من العمر 53 عامًا، وينتمي إلى الجناح المحافظ الصلب في الحزب الجمهوري. بنى مسيرته السياسية على المواجهة المباشرة، واشتهر بخوض معارك قانونية ضد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، فضلًا عن دعمه تشريعات اجتماعية محافظة ودعوته إلى تشديد سياسات الهجرة. 

غير أن سجله يخلو تقريبًا من أي خبرة دبلوماسية أو دولية، ناهيك عن التعاطي مع ملفات معقدة مثل شؤون القطب الشمالي أو العلاقات مع الدنمارك.

العنصر الأكثر حضورًا في خلفية لاندري هو ولاؤه السياسي والشخصي لترامب، هذا الولاء لم يكن خفيًا، بل عبّر عنه علنًا في تصريحات ومنشورات داعمة لرؤية ترامب التوسعية تجاه غرينلاند. 

ففي يناير الماضي، كتب لاندري على منصة “إكس”، أن انضمام غرينلاند إلى الولايات المتحدة سيكون “عظيمًا للجميع”، وهو تصريح اعتُبر مؤشرًا واضحًا على طبيعة الدور المتوقع منه.

في المقابل، جاء الرد من داخل غرينلاند سريعًا وحاسمًا. فقد رحبت سياسية غرينلاندية بارزة بزيارة لاندري المحتملة، لكنها شددت في الوقت نفسه على موقف لا لبس فيه: “غرينلاند ليست للبيع”. 

هذا الشعار يلخص المزاج العام في الجزيرة، التي يؤكد سكانها، البالغ عددهم نحو 56 ألف نسمة، حقهم في تقرير مصيرهم بعيدًا عن أي ضغوط خارجية.