القيادي الحوثي محمد الغماري.. العقل العسكري المدبر للحوثيين هدفًا لغارة إسرائيلية

القيادي الحوثي محمد الغماري.. العقل العسكري المدبر للحوثيين هدفًا لغارة إسرائيلية

القيادي الحوثي محمد الغماري.. العقل العسكري المدبر للحوثيين هدفًا لغارة إسرائيلية
القيادي الحوثي محمد الغماري

في تطور مفاجئ للصراع الإقليمي المتشابك، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن ضربة جوية نفذتها طائرات حربية إسرائيلية في العاصمة اليمنية صنعاء، مساء السبت، استهدفت القيادي الحوثي البارز محمد عبدالكريم الغماري، أحد أكثر الأسماء نفوذًا في الهيكل العسكري للحوثيين، والرجل الذي لطالما وصف بأنه "الظل العسكري" لعبدالملك الحوثي، زعيم الجماعة.

الغماري، الذي يشغل رسميًا منصب رئيس هيئة الأركان العامة في صفوف جماعة الحوثي، لا يعرف عنه الكثير على الصعيد الإعلامي، لكنه في الأوساط الاستخباراتية الإقليمية والدولية يُعتبر واحدًا من العقول المدبرة للأنشطة القتالية التي تخوضها الجماعة داخل اليمن، وأيضًا خلف بعض العمليات العابرة للحدود التي استهدفت مصالح إقليمية ودولية.

من هو محمد الغماري؟

ينحدر محمد عبدالكريم أحمد حسين الغماري من منطقة نائية تعرف بعزلة "ضاعن" في مديرية وشحة بمحافظة حجة شمال غربي اليمن. 

ولم يكشف عن تاريخ ميلاده بدقة، لكن المعلومات المتقاطعة تؤكد أنه انخرط في صفوف الحوثيين خلال الحروب الست التي دارت بين الجماعة المسلحة والجيش اليمني في الفترة من 2004 إلى 2010، وهي المرحلة التي أسهمت في تشكّل النواة الصلبة للقيادات الحوثية الحالية.

برز اسم الغماري في الحربين الثانية والثالثة تحديدًا، حيث أُسر في عام 2008 من قبل القوات الحكومية، قبل أن يفرج عنه لاحقًا ضمن صفقة تبادل أسرى، ليعود من جديد إلى قلب العمل العسكري الحوثي بشكل أكثر تنظيمًا.

صعود داخل التنظيم


منذ مطلع العقد الماضي، بدأ الغماري يتسلق هرم القيادة داخل الجماعة، ولم يكن مجرد مقاتل، بل أظهر منذ وقت مبكر التزامًا عقائديًا حادًا بالأفكار التي تروج لها الجماعة ذات الطابع الطائفي المرتبط بإيران. 

والتحق بدورات فكرية ومذهبية داخل معهد خاص في محافظة صعدة كان يشرف عليه حسين بدر الدين الحوثي، مؤسس الجماعة، مما جعله من أوائل النخب الفكرية المؤدلجة داخل الحركة.

ولاحقًا، نُقل الغماري إلى الضاحية الجنوبية في بيروت، حيث خضع لتدريبات مكثفة بإشراف ميليشيا حزب الله، قبل أن يستكمل تأهيله العسكري والأمني عبر دورات خاصة نُظمت تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، وهذه المرحلة كانت محورية في تشكيل عقليته العسكرية، وأسهمت في جعله أحد مهندسي العمليات الميدانية للحوثيين.

أدوار عسكرية وأمنية

تولى الغماري منذ عام 2016 قيادة هيئة الأركان العامة لجماعة الحوثي، وهي ذراع قيادي يتولى إدارة العمليات الحربية والتخطيط العسكري، كما تولى في فترات سابقة مهامًا قيادية في محافظتي الحديدة وحجة، وتم تكليفه بمناصب أمنية في صنعاء. 

وكان له دور مباشر في قيادة الاجتياح الحوثي للعاصمة اليمنية في سبتمبر 2014، والذي أسقط الحكومة المعترف بها دوليًا وكرّس انقلاب الجماعة على السلطة الشرعية.

وبحسب تقارير متعددة، أشرف الغماري لاحقًا على عمليات عسكرية كبرى، لا سيما الهجمات المتكررة على محافظة مأرب، وهي المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية والغنية بالموارد الطبيعية، والتي شكلت محورًا حاسمًا في مساعي الجماعة لتعزيز سيطرتها على الشمال اليمني.

في عام 2016، أدرج الغماري ضمن قائمة من 40 قياديًا حوثيًا مطلوبين من قبل تحالف دعم الشرعية في اليمن، مع تخصيص مكافأة مالية بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقاله، وفي عام 2021 فرضت عليه عقوبات أممية بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي، على خلفية ضلوعه في أنشطة تهدد الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.

وتشير تقارير أممية، أن الغماري لعب دورًا محوريًا في التنسيق العسكري للهجمات التي استهدفت مدنيين، إضافة إلى تورطه في عمليات ضد المملكة العربية السعودية.

وحاليًا لم تؤكد جماعة الحوثي حتى الآن ما إذا كان الغماري قد قُتِل في الغارة الإسرائيلية، كما لم تصدر أي تصريحات رسمية تنفي أو تؤكد صحة الرواية، وكان قد سبق تداول أخبار مماثلة في أوقات مختلفة حول مقتله، لكن سرعان ما كان يظهر من جديد في مناسبات مختلفة، ما أضفى على شخصيته هالة من الغموض.

غير أن استهدافه — سواء أُصيب أو نجا — يشير إلى تَحول كبير في طبيعة التعاطي الإقليمي مع التهديد الحوثي، وخاصة في ظِل تصاعد التوترات على جبهة البحر الأحمر والتورط الحوثي المتزايد في استهداف السفن والمنشآت.