نائب حاكم مصرف لبنان لـ فايننشال تايمز: لن تنجح أي سياسة نقدية دون سياسات حكومية داعمة
كشف نائب حاكم مصرف لبنان أنه لن تنجح أي سياسة نقدية دون سياسات حكومية داعمة
سلطت صحيفة "فايننشال تايمز" الضوء على تداعيات الأزمة الاقتصادية في لبنان، حيث دعا نائب محافظ البنك المركزي اللبناني رياض سلامة الحكومة إلى تسمية خليفته على وجه السرعة وسن إصلاحات، أو المخاطرة بمزيد من زعزعة استقرار العملة المتقلبة وتفاقم الأزمة الاقتصادية الكارثية في البلاد.
مزاعم فساد أوروبية حول سلامة
وأضافت الصحيفة: أنه من المقرر أن يتنحى سلامة، المطلوب في أوروبا بسبب مزاعم فساد، في نهاية هذا الشهر بعد ثلاثة عقود من توليه مسؤولية مصرف لبنان، وقال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي هذا الأسبوع: إن أحد نواب سلامة الأربعة سيتولى مهامه حتى يتم العثور على رئيس دائم للبنك، لكن من غير الواضح ما إذا كان هذا سيحدث، على حد توقع الصحيفة.
يذكر أن سلامة موضوع مذكرات توقيف في فرنسا وألمانيا، نتيجة تحقيقات قانونية في الداخل وفي خمس دول أوروبية على الأقل بتهم تتعلق بغسل الأموال واختلاس الأموال العامة، وينفي بشدة الاتهامات التي ألقت بظلالها على استمرار ولايته.
السياسات الحكومية
وقال نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين لـ"فايننشال تايمز": "كيف يمكن نواب المحافظين الذين سيقودون السياسة النقدية اعتبارا من أغسطس أن يكونوا قادرين على تحقيق الاستقرار لليرة في غياب أي إصلاحات حكومية، فلا توجد سياسة نقدية ستنجح دون سياسات حكومية داعمة".
وقال: إنه من واجبه كنائب للبنك "التأكيد على ضرورة تعيين محافظ جديد في أقرب وقت ممكن، أنا مدين للجمهور بمشاركتهم مخاوفي".
لبنان في طريق الهاوية المالية
رأت "فايننشال تايمز" أن التردد حول استبدال سلامة هو أحدث عمل من الخلل المزمن الذي جر لبنان إلى الهاوية المالية، حيث تدير البلاد الإدارة المؤقتة لميقاتي منذ أكثر من عام، وظلت بدون رئيس منذ تسعة أشهر.
وأضافت الصحيفة: أن الانهيار المالي في لبنان، الذي دخل الآن عامه الرابع، كان ناتجاً عن عقود من الإنفاق الحكومي المتهور والفساد المستشري من قِبل المؤسسة السياسية في البلاد، وخسرت الليرة التي كانت مربوطة بالدولار لسنوات عديدة، أكثر من 95 في المائة من قيمتها منذ بدء الأزمة؛ ما دفع ثلاثة أرباع السكان إلى الفقر.
تضخم قياسي في لبنان
وأردفت الصحيفة أن معدل التضخم في لبنان بلغ ثلاثة أرقام، وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40 في المائة خلال نفس الفترة، وفقاً لصندوق النقد الدولي.
وتُتهم النخبة السياسية في البلاد بعرقلة التقدم في الإصلاحات التي طالب بها صندوق النقد الدولي لإطلاق 3 مليارات دولار من الاستثمارات والمساعدات، بما في ذلك الفشل في توحيد أسعار الصرف المتباينة في البلاد.
وقال شاهين: إنه "من الأهمية أن تبدأ الحكومة في اتخاذ القرارات المتعلقة بميزانية 2023 وتنفيذ بعض إن لم يكن كل الإصلاحات المطلوبة، وليس أقلها تمرير قانون مراقبة رأس المال وإعادة هيكلة القطاع المصرفي".
تحذيرات من منصة الصيرفة
كما دق نائب مصرف لبنان ناقوس الخطر بشأن استخدام سلامة خلال العام الماضي لأدوات "قصيرة الأجل ومكلفة" لدعم الليرة، وهي منصة النقد الأجنبي الإلكترونية المعروفة محليا باسم الصيرفة.
وقال تحليل حديث للبنك الدولي: إن استخدام الصيرفة أدى إلى "ارتفاع قصير الأجل لليرة على حساب الاحتياطيات المتضائلة والميزانية العمومية الضعيفة لمصرف لبنان".
وصرح سلامة في فبراير بأن احتياطي لبنان من النقد الأجنبي بلغ 10 مليارات دولار وأن احتياطياته من الذهب بلغت قيمتها 17 مليار دولار.
وكان سلامة، الذي أشاد به ذات مرة لقيادته للاقتصاد اللبناني ببراعة خلال سنوات من عدم الاستقرار، موضوعا لتدقيق مكثف منذ الانهيار المالي.
استقالة شاهين
وفي الأسبوع الماضي، وضع شاهين اسمه في بيان مشترك نادر صادر عن نواب البنوك الأربعة في لبنان، طالبوا فيه الحكومة بملء الشاغر الذي يلوح في الأفق، ورداً على سؤال عما ستفعله اللجنة الرباعية إذا تم تجديد ولاية سلامة بشكل غير متوقع، قال شاهين إنه يمكن أن يستقيل.
وحذر شاهين من أن الفشل في سن الإصلاحات سيجعل البنك المركزي يعتمد على الأدوات الحالية التي لم تتمكن من وقف الأزمة، وقال: "هذا مثل إعطاء بانادول لمريض يموت من السرطان".