صفقة ما بعد نيويورك.. كيف يسعى نتنياهو لتفادي عزلة دولية بعد اعترافات فلسطين؟

صفقة ما بعد نيويورك.. كيف يسعى نتنياهو لتفادي عزلة دولية بعد اعترافات فلسطين؟

صفقة ما بعد نيويورك.. كيف يسعى نتنياهو لتفادي عزلة دولية بعد اعترافات فلسطين؟
نتنياهو

في ظل تصاعد موجة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه أمام معادلة معقدة بين إرضاء جناحه اليميني المتشدد والحفاظ على علاقات إسرائيل مع القوى الغربية الكبرى، وبينما يلوّح حلفاء نتنياهو باتخاذ خطوات عقابية تطال دبلوماسيي الدول التي اعترفت بفلسطين، تكشف مصادر سياسية إسرائيلية أن الرجل يفضّل مسار المفاوضات الهادئة مع باريس ولندن، في محاولة لمنع هذا الاعتراف من التطور إلى علاقات دبلوماسية كاملة، هذا الموقف يضع نتنياهو على خط التوازن الدقيق بين ضغط المستوطنين وحلفائه المتطرفين في الداخل، وبين التحذيرات الأوروبية والعربية التي تنذر بتداعيات خطيرة على العلاقات السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية إذا ما أقدمت إسرائيل على خطوات أحادية الجانب.

صدام أوروبي إسرائيلي


في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت حدة التوتر الدبلوماسي بين إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية بعد موجة الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، وهو ما اعتبرته تل أبيب تهديدًا استراتيجيًا لمشروعها السياسي في الضفة الغربية.

ووفقًا لمصادر سياسية في تل أبيب، يدير نتنياهو اتصالات سرية مع باريس ولندن لمحاولة تجميد تطور الاعتراف إلى مستوى تبادل السفراء وإقامة بعثات دبلوماسية كاملة في رام الله، وهو ما ترى إسرائيل أنه قد يشكّل خطوة نحو تكريس واقع الدولة الفلسطينية على الأرض، بحسب تصريحات نقلتها القناة 12 العبرية.

ورغم خطاب التهديد العلني الذي أطلقه مقربو نتنياهو، والمتضمن التلويح بطرد دبلوماسيين أو منعهم من دخول الأراضي الفلسطينية، إلا أن المصادر نفسها تصف هذه التصريحات بأنها موجّهة للاستهلاك الداخلي، وتهدف إلى تهدئة القاعدة اليمينية في إسرائيل.

 فنتنياهو – كما تقول هذه المصادر – يدرك أن مواجهة مفتوحة مع دول مثل فرنسا وبريطانيا ستكبّد إسرائيل خسائر دبلوماسية واقتصادية وعلمية يصعب تعويضها، خصوصًا في ظل محاولاته المستمرة لتخفيف حدة الضغوط الدولية بعد حرب غزة.

ويكتسب هذا الملف بعدًا إضافيًا مع تزامن الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية مع زيارة نتنياهو إلى نيويورك ولقائه المرتقب بالرئيس الأميركي دونالد ترمب على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 غطاء أمريكي


ويرى مراقبون إسرائيليون، أن إرجاء إعلان الرد الرسمي إلى ما بعد هذا اللقاء يكشف رغبة نتنياهو في تنسيق الخطوات مع واشنطن، لضمان غطاء سياسي أميركي قبل اتخاذ أي إجراء قد يثير حفيظة المجتمع الدولي.

وتشير المصادر، أن فريق نتنياهو الأمني والسياسي يعمل على صياغة ردود متدرجة ترضي اليمين المتطرف، من بينها مقترحات مثيرة للجدل مثل تغيير الوضع القانوني للمناطق المصنفة (ب) في الضفة الغربية لتصبح خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة مثل المنطقة (ج). 

كما يدرس فرض قيود على دخول دبلوماسيي الدول التي اعترفت بفلسطين إلى رام الله، إضافة إلى احتمال إغلاق قنصلياتها، مع تركيز خاص على القنصلية الفرنسية التي تقود، بالتنسيق مع السعودية، جهود دفع الاتحاد الأوروبي نحو اعتراف جماعي بفلسطين.

رسائل عربية


وتزامنت هذه التحركات مع رسائل عربية وغربية قوية حذرت تل أبيب من عواقب أي خطوات أحادية.

فقد أبلغت الإمارات، بحسب القناة 12 العبرية، إسرائيل أن أي ضم جديد في الضفة ستكون له تداعيات كبيرة على اتفاقيات التطبيع المعروفة بـ"اتفاقيات إبراهيم".

أما العواصم الأوروبية فقد لوّحت بإجراءات عقابية دبلوماسية واقتصادية قد تزيد من عزلة إسرائيل على الساحة الدولية إذا تمادت في خطواتها ضد الاعتراف بفلسطين.

في الداخل الإسرائيلي، يواجه نتنياهو ضغطًا متزايدًا من قادة المستوطنين الذين يرون في اللحظة الراهنة فرصة تاريخية لفرض الضم الكامل للضفة الغربية.

فقد التقى وزير الدفاع يسرائيل كاتس بممثلي المستوطنين في كريات أربع لنقل رسالة مفادها أن الحكومة عازمة على تحقيق الضم، ولكن بطريقة "مدروسة ودبلوماسية" تحظى بشرعية دولية، غير أن قادة المستوطنين ردوا بأن الوقت حان لاتخاذ قرار حاسم دون انتظار الضوء الأخضر الأميركي، معتبرين أن ترمب لن يقف عقبة حقيقية أمام طموحات إسرائيل التوسعية.