مباحثات أمريكية-روسية جديدة في كوالالمبور.. هل تفتح الباب للسلام في أوكرانيا؟
مباحثات أمريكية-روسية جديدة في كوالالمبور.. هل تفتح الباب للسلام في أوكرانيا؟

أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن الولايات المتحدة وروسيا تبادلتا أفكارًا جديدة تهدف إلى دفع محادثات السلام في أوكرانيا قدمًا.
وبحسب وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية، فقد جاء هذا الإعلان عقب لقاء روبيو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة الماليزية كوالالمبور، على هامش المنتدى الإقليمي السنوي لجمعية دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، الذي يجمع وزراء خارجية الدول الأعضاء العشر في المنظمة إلى جانب شركاء دبلوماسيين رئيسيين مثل روسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية ودول أوروبية والولايات المتحدة.
ووصف روبيو النهج الجديد بأنه مختلف ومبتكر، موضحًا أنه لا يضمن بالضرورة تحقيق السلام، لكنه يمثل مفهومًا سيتم عرضه على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقييمه.
وأضاف في تصريحات للصحفيين عقب اللقاء الذي استمر 50 دقيقة: إن الرئيس ترامب يشعر بخيبة أمل وإحباط بسبب عدم إبداء الجانب الروسي المزيد من المرونة لإنهاء الصراع.
وأشار إلى أن المحادثات تناولت أفكارًا حول خارطة طريق محتملة لإنهاء النزاع، مؤكدًا التزام الولايات المتحدة بالبقاء منخرطة في هذه القضية كلما رأت فرصًا لإحداث تغيير إيجابي.
ومن جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانًا أكدت فيه أن المحادثات شهدت تبادلًا صريحًا وجوهريًا لوجهات النظر حول قضايا عالمية متعددة، بما في ذلك أوكرانيا وإيران وسوريا.
وأشار البيان إلى تأكيد الطرفين على التزامهما المشترك بالسعي نحو حلول سلمية للصراعات، واستعادة التعاون الاقتصادي والإنساني بين روسيا والولايات المتحدة، وتسهيل التواصل المباشر بين مجتمعي البلدين، بما في ذلك إمكانية استئناف الرحلات الجوية المباشرة.
كما شدد البيان على أهمية مواصلة العمل لتطبيع العلاقات الدبلوماسية الثنائية.
سياق دبلوماسي مشحون
يعد هذا اللقاء الثاني بين روبيو ولافروف منذ تولي روبيو منصبه، بعد لقاء سابق في فبراير الماضي بالرياض، حيث سعت إدارة ترامب لاختبار استعداد روسيا وأوكرانيا لإحراز تقدم في محادثات السلام.
ويأتي اللقاء الأخير بعد استئناف الولايات المتحدة شحنات الأسلحة الدفاعية إلى أوكرانيا، عقب توقف مؤقت لمراجعة مخزونات الذخائر المحلية، وهي خطوة لاقت ترحيبًا في موسكو.
وتتزامن هذه التطورات مع تصعيد روسيا لهجماتها الجوية على أوكرانيا، وتزايد إحباط الرئيس ترامب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
تهديد التعريفات الجمركية يلقي بظلاله
ولم تقتصر زيارة روبيو إلى كوالالمبور على المحادثات مع روسيا، بل شملت لقاءات مع وزراء خارجية آخرين، بما في ذلك العديد من الدول التي تواجه تهديدات بفرض تعريفات جمركية أمريكية بدءًا من الأول من أغسطس.
وقال روبيو للصحفيين: "إن هذه التغييرات التجارية تؤثر على كل دولة في العالم، وأي بلد كان من الممكن أن أزوره هذا الأسبوع تلقى خطابًا بهذا الشأن".
وسعى روبيو إلى طمأنة وزراء خارجية آسيان خلال محادثات جماعية، مؤكدًا أن منطقة المحيط الهادئ والهندي تظل محورًا رئيسيًا للسياسة الخارجية الأمريكية.
وقال: "عندما أسمع في الأخبار أن الولايات المتحدة أو العالم قد يتشتتان بأحداث في أجزاء أخرى من الكوكب، أقول إن التشتت مستحيل، لأننا نؤمن بقوة أن هذا القرن وقصة الخمسين عامًا القادمة ستكتب إلى حد كبير في هذه المنطقة".
وأضاف أن الولايات المتحدة ستواصل بناء العلاقات والشراكات دون الحاجة إلى موافقة أو إذن أي طرف آخر في المنطقة، في إشارة واضحة إلى الصين.
تعريفات جمركية تهدد دول آسيان
أعلن ترامب يومي الإثنين والأربعاء عن فرض تعريفات جمركية أعلى على العديد من الدول، بما في ذلك ثماني دول من أعضاء آسيان العشرة، ما لم تبرم اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة. وتشمل هذه الدول بروناي (25%)، والفلبين (20%)، وكمبوديا (36%)، وإندونيسيا (32%)، ولاوس (40%)، وماليزيا (25%)، وميانمار (40%)، وتايلاند (36%).
وفي الوقت نفسه، توصلت فيتنام مؤخرًا إلى اتفاق تجاري يفرض تعريفات بنسبة 20% على صادراتها، بينما تواجه سنغافورة تعريفة بنسبة 10% تم فرضها في أبريل الماضي.
وأثارت هذه التعريفات قلق حلفاء الولايات المتحدة الوثيقين في آسيا، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية ومعظم أعضاء آسيان، حيث هدد ترامب بفرض تعريفات بنسبة 25% في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
وخلال لقاء سابق يوم الخميس مع رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، حذر الأخير من أن التجارة العالمية تُستخدم كسلاح لإجبار الدول الأضعف، داعيًا دول آسيان إلى تعزيز التجارة الإقليمية وتقليل الاعتماد على القوى الخارجية.
وفي تعليق على هذه التطورات، أشار داني راسل، نائب رئيس معهد سياسات آسيا والمحيط الهادئ ومساعد وزير الخارجية السابق لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ في إدارة أوباما، إلى أن خطاب روبيو حول التهديد الصيني لن يجد صدى لدى المسؤولين الذين تعاني صناعاتهم من تعريفات أمريكية تتراوح بين 30-40%.
وأضاف أن تصريح أنور إبراهيم بأن آسيان ستُواجه التحديات ككتلة موحدة لم يكن يشير إلى الإكراه الصيني، بل إلى التعريفات الأمريكية.
لقاءات أخرى وتوترات مع الصين
ومن المتوقع أن يلتقي روبيو بوزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال زيارته إلى كوالالمبور. ويُعتبر وانغ يي، الذي يتمتع بخبرة واسعة في مثل هذه التجمعات، على دراية كبيرة بمبادئ وتقاليد آسيان، بينما وصف راسل روبيو بأنه مبتدئ يحاول الترويج لرسالة أمريكا أولًا أمام جمهور متشكك.
وتظل القضايا مع الصين معقدة، بما في ذلك التجارة وحقوق الإنسان والتسلح في بحر الصين الجنوبي، ودعم الصين لروسيا في أوكرانيا، حيث تتهم الولايات المتحدة الصين بإعادة تزويد القطاع العسكري الصناعي الروسي وتمكينه من إنتاج أسلحة إضافية لاستخدامها ضد أوكرانيا.