محلل سياسي تونسي: محاولة اغتيال قيس سعيّد تكشف عودة الإخوان لنهج العنف بعد سقوطهم السياسي
محلل سياسي تونسي: محاولة اغتيال قيس سعيّد تكشف عودة الإخوان لنهج العنف بعد سقوطهم السياسي

تتصاعد في الأوساط التونسية حالة من القلق بعد كشف السلطات الأمنية والقضائية عن ما وصفته بـ"أخطر مخطط إخواني" يستهدف اغتيال الرئيس التونسي قيس سعيّد، ضمن تحركات منظمة لإحداث فوضى شاملة في البلاد تمهيدًا لإسقاط النظام الدستوري.
ووفق مصادر قضائية مطلعة، فإن التحقيقات الجارية منذ أشهر كشفت عن وثائق وتسجيلات صوتية تؤكد وجود تنسيق محكم بين قيادات إخوانية داخل تونس وخارجها، بهدف تنفيذ عملية اغتيال للرئيس واستهداف مؤسسات سيادية، في محاولة لإعادة الجماعة إلى المشهد السياسي بالقوة بعد أن تم تجفيف منابعها منذ قرارات 25 يوليو 2021.
المخطط، بحسب ما ورد في التحقيقات، تضمن مراحل متقدمة من الرصد والمراقبة لتحركات الرئيس، وطرح سيناريوهات متعددة للتنفيذ، من بينها استهداف موكبه الرئاسي باستخدام أسلحة مهربة جوًا وبحرًا، وتفجير موجه عبر طائرات مسيّرة.
وأكدت المصادر، أن الخطة اعتمدت على شبكة اتصالات مشفّرة، وتمويـل خارجي، مع تكليف عناصر محسوبة على تنظيم النهضة بتنفيذ المهام اللوجستية على الأرض.
وقد أُحيل عدد من المتهمين إلى القضاء بتهم "التآمر على أمن الدولة الداخلي ومحاولة الاعتداء على حياة رئيس الجمهورية"، بينهم شخصيات معروفة تولّت مناصب سياسية وحزبية في السابق.
وتشير التحقيقات، أن بعض المتورطين حاولوا مغادرة البلاد قبل توقيفهم، في حين تم القبض على آخرين في مواقع سرية داخل العاصمة وضواحيها.
الرئيس قيس سعيّد علّق خلال اجتماع مع مجلس الأمن القومي على هذه التطورات، مؤكدًا أن “أيادي الخونة لن تنال من الدولة، وأن الرد سيكون في إطار القانون، وبما يحفظ سيادة تونس واستقرارها”.
وأضاف: “من حاولوا المساس بأمن البلاد سيتحملون مسؤولية تاريخية لن تُنسى”.
في المقابل، امتنعت حركة النهضة عن إصدار بيان رسمي، وسط دعوات من بعض قياداتها لإجراء "تحقيق محايد"، فيما يرى مراقبون أن صمت الحركة يعكس ارتباكًا داخليًا، خصوصًا بعد تزايد الأدلة الموثقة التي تضعها في صلب الاتهامات.
ويعد هذا التطور الأخطر منذ حملة الاجتثاث التي شنّها الرئيس على تنظيم الإخوان داخل تونس، والتي شملت حل البرلمان السابق وفتح ملفات فساد وتآمر طالت كبار الشخصيات في الدولة.
قال المحلل السياسي التونسي الدكتور بلحسن اليحياوي: إن الكشف عن مخطط لاغتيال الرئيس قيس سعيّد يمثل "عودة صريحة لنهج العنف والانقلاب السياسي" من قبل جماعة الإخوان، بعد أن فقدت أدواتها التقليدية في التأثير داخل الدولة التونسية.
وأوضح اليحياوي، في تصريحات خاصة للعرب مباشر ، أن المعطيات المتداولة حول وجود تنسيق بين قيادات من حركة النهضة وعناصر خارجية "تعيد إلى الأذهان أساليب الجماعة التي مارستها في أكثر من بلد، حين تجد نفسها خارج السلطة أو فاقدة للنفوذ".
وأضاف: أن المخطط ليس فقط استهدافًا لشخص الرئيس، بل هو محاولة شاملة لضرب استقرار الدولة وإحداث فراغ سياسي يُعيد الجماعة إلى المشهد عبر الفوضى.
وأشار، أن ما جرى "يؤكد صواب رؤية الدولة التونسية في اعتبار التنظيم الإخواني خطرًا على الأمن القومي، وضرورة اجتثاث خلاياه من المؤسسات والفضاء السياسي"، مشددًا على أن الجماعة لم تنجح في التكيّف مع متطلبات العمل السياسي المدني، فلجأت مجددًا إلى العنف والتآمر.
ودعا اليحياوي إلى ضرورة الكشف الكامل عن تفاصيل التحقيقات للرأي العام، وتوسيع دائرة المحاسبة لتشمل الداعمين المحليين والخارجيين لهذا المخطط، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتطلب مزيدًا من الحزم في التصدي لأي محاولة للمساس بالدولة أو المسار السياسي القائم.
وختم بالقول: "محاولة الاغتيال ليست إلا تعبيرًا عن يأس جماعة لفظها الشارع، وتحاول العودة من نافذة الدم بعد أن أُغلقت أمامها كل الأبواب المشروعة".