الضربات الأميركية والبريطانية على الحوثيين ردع أم تصعيد؟
الضربات الأميركية والبريطانية على الحوثيين ردع أم تصعيد
في ضوء الهجمات الأخيرة التي شنتها ميليشيا الحوثي الموالية لإيران على السفن في البحر الأحمر، قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بتنفيذ ضربات جوية وبحرية على أهداف حوثية في اليمن، في تصعيد للصراع الإقليمي الذي تفاقم بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة، وقد أثارت هذه الضربات تساؤلات حول أهدافها وتأثيرها وتبعاتها على الوضع الأمني والسياسي في المنطقة.
الأهداف والتأثير
وفقاً للبيان الصادر عن الرئيس الأميركي جو بايدن، فإن الضربات الأميركية والبريطانية تهدف إلى إرسال "رسالة واضحة" إلى الحوثيين وحلفائهم، بأنه لن يتم التهاون مع الهجمات على المصالح الأميركية والدولية أو حرية الملاحة في البحر الأحمر، كما تهدف إلى إضعاف قدرات الحوثيين العسكرية واللوجستية، وخاصة في مجال الأسلحة الصاروخية والمسيّرة.
وقد استهدفت الضربات، التي شاركت فيها قوات من أستراليا وكندا وهولندا والبحرين، أنظمة الرادار والدفاع الجوي ومراكز تصنيع وتخزين وإطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ الكروز والباليستية، في مناطق مختلفة من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء ومرفأ الحديدة، وقد أكدت القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" أن الضربات لا علاقة لها بعملية "حارس الازدهار"، وهي تحالف دفاعي يعمل على حماية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.
وقد أدت الضربات إلى مقتل وإصابة عدد من الحوثيين، وفقا لما أعلنه متحدث عسكري باسم الميليشيا، ولكن مصادر مطلعة أفادت بأن الحوثيين كانوا قد نقلوا بعض الأسلحة والمعدات الهامة قبل الضربة، وأخفوا الصواريخ الباليستية في مخابئ في صنعاء.
التبعات والمخاوف
وقد أثارت الضربات الأميركية والبريطانية مخاوف من تصعيد أوسع في المنطقة، التي تشهد توترا إقليميا شديدا بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهةٍ، وإيران وحلفائها من جهةٍ أخرى، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية في غزة، وقد كانت هذه الضربات هي الأولى من نوعها منذ عام 2016، التي تستهدف الولايات المتحدة بشكل مباشر الحوثيين، الذين يعتبرون من أهم حلفاء إيران في المنطقة.
وقد أبلغت الولايات المتحدة الحوثيين قبل تنفيذ الضربات، في محاولة لتقليل الأضرار وعدم إثارة رد فعل عنيف من جانبهم. ولكن مراقبون يرى أن الحوثيين قد يردون على الضربات بشن هجمات مؤثرة على أهداف أميركية وبريطانية، سواء في اليمن أو في البحر الأحمر أو في المنطقة بشكل عام.
الضربات ليست كافية لإيقاف طموحات إيران
من جانبه، يقول العميد ناجي ملاعب، الخبير العسكري والإستراتيجي، إن الضربات الأميركية والبريطانية على الحوثيين في اليمن رد متأخر ومحدود على التحديات التي تواجهها المصالح الغربية في المنطقة، ولا تعكس إستراتيجية واضحة أو متكاملة للتعامل مع الصراع الإقليمي الذي تلعب فيه إيران دورا محوريا.
وأضاف الخبير الإستراتيجي لـ"العرب مباشر": الحوثيون ليسوا سوى أحد أذرع إيران في المنطقة، والتي تستخدمها لتوسيع نفوذها وتهديد أمن الخليج والبحر الأحمر وإسرائيل، ولذلك، فإن الضربات الجوية والبحرية التي تستهدف مواقع محددة للحوثيين لن تكون كافية لإيقاف طموحات إيران وحلفائها، بل قد تؤدي إلى تصعيد العنف والانتقام.
وتابع: لمواجهة هذا التحدي، يحتاج الغرب إلى إعادة النظر في سياسته تجاه إيران واليمن، والتحرك بشكل أكثر حزما وتنسيقا مع الدول العربية والإقليمية المعنية؛ فإيران هي المصدر الرئيسي للتوتر والتدخل في المنطقة، ولا يمكن تحقيق الاستقرار والسلام دون مواجهة سلوكها العدواني والمزعزع للأمن.
وأكد أن في اليمن يجب على الغرب دعم الحكومة الشرعية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، والضغط على الحوثيين للتوقف عن الهجمات والعودة إلى المفاوضات السياسية، كما يجب على الغرب تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للشعب اليمني الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
واختتم: إن الضربات الأميركية والبريطانية على الحوثيين قد تكون خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، لكنها ليست كافية أو مقنعة؛ فالمطلوب هو إستراتيجية شاملة ومتكاملة تتناول الجذور والأسباب والعواقب للصراع في المنطقة، وتضع حداً للتهديد الإيراني وتحقق الأمن والاستقرار للشعوب العربية.