غزة.. عيد بين القصف والكعك والأمل
غزة.. عيد بين القصف والكعك والأمل

يحل عيد الفطر هذا العام على غزة، لكنه ليس كأي عيد مضى، فبدلًا من أصوات المفرقعات وضحكات الأطفال، تعلو أصوات القصف والانفجارات، في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية التي حوّلت العيد إلى موسم جديد من الأحزان.
وبينما اعتاد مواطني قطاع غزة على استقبال العيد بالزيارات العائلية والتجمعات الاحتفالية، يجدون أنفسهم اليوم بين أنقاض منازلهم المدمرة، يبحثون عن بصيص أمل وسط الدمار.
صلوات على الأنقاض وذكريات موجعة
مع ساعات الصباح الأولى، تجمّع المئات من الفلسطينيين لأداء صلاة العيد، لكن ليس في المساجد التي اعتادوا على ارتيادها، إذ تحوّل الكثير منها إلى ركام بفعل القصف.
المشهد كان مختلفًا هذه المرة، سجادات الصلاة افترشت الأرض في ساحات مدمرة، والوجوه مزيج من الصبر والحنين إلى من رحلوا، ففي كل زاوية، هناك من فقد أبًا أو أخًا أو طفلًا، ليصبح العيد مناسبة لاسترجاع الذكريات بدلاً من الاحتفال.
محاولات لإحياء بهجة العيد رغم الظروف
وسط هذا الواقع القاسي، تحاول العائلات الغزية التمسك بما تبقى من طقوس العيد، في بعض الخيام التي تأوي النازحين، أعدت النساء كعك العيد التقليدي بطرق بدائية، مستخدمات الأفران الطينية مع نقص الغاز والوقود.
لم تكن الحلويات بوفرتها المعتادة، لكن الرغبة في بث الفرح للأطفال دفعت الكثير من الأمهات إلى ابتكار حلول بديلة، ولو بأبسط الإمكانيات.
أسواق خجولة وحركة شراء شبه معدومة
رغم محاولات البعض الإبقاء على مظاهر العيد، فإن الأسواق في غزة لم تشهد ذلك الزحام المعتاد.
فالعديد من المحلات التجارية دمرت، فيما أغلقت متاجر أخرى بسبب نقص البضائع، وحتى من توفرت لديه بعض السلع لم يجد المشترين، إذ يعاني معظم السكان من أوضاع اقتصادية خانقة بسبب النزوح وانقطاع سبل العيش.
كثير من العائلات لم تتمكن من شراء ملابس جديدة لأطفالها، بينما وجد بعضهم في التبرعات مصدرًا وحيدًا لإدخال الفرحة إلى قلوب الصغار.
تصعيد ميداني يزيد المعاناة
لم تقتصر معاناة غزة على الحرمان الاقتصادي والنزوح، بل امتدت لتشمل تصعيدًا عسكريًا جديدًا.
فمع بداية العيد، شنت إسرائيل غارات جوية مكثفة على مناطق متفرقة، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا، بينهم نساء وأطفال.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن مقتل 14 فلسطينيًا خلال الساعات الأولى من العيد، بينما أكدت مصادر محلية، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية تتوسع باتجاه رفح جنوب القطاع.
رهانات على وقف إطلاق النار وسط تعقيدات التفاوض
بالتوازي مع التصعيد العسكري، تحاول جهود الوساطة الدولية الوصول إلى هدنة جديدة، وسط تعنت واضح في المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس.
في حين أعلنت الحركة موافقتها على مقترح لوقف إطلاق النار برعاية مصرية وقطرية، ردت إسرائيل بمقترح مضاد، ما يعكس استمرار الخلافات الجوهرية بين الطرفين.
ورغم الآمال التي يعلقها الغزيون على هذه الجهود، فإن التجارب السابقة تجعلهم أكثر حذرًا في توقعاتهم، إذ لطالما تم الاتفاق على هدن مؤقتة لم تصمد طويلًا.
وسط كل هذه الظروف القاسية، يظل الأمل حاضرًا في نفوس أهل غزة، ورغم القصف والنزوح والمعاناة، يحاولون جاهدين الحفاظ على ما تبقى من روح العيد، فالأطفال، رغم الحرمان، لا يزالون يبحثون عن لحظات فرح، والآباء والأمهات يبذلون ما بوسعهم ليشعر صغارهم بأن العيد لم يختفِ تمامًا.