ترامب يقيل مستشاره للأمن القومي.. صِدام مع الصقر العسكري وانحياز لإسرائيل

ترامب يقيل مستشاره للأمن القومي.. صِدام مع الصقر العسكري وانحياز لإسرائيل

ترامب يقيل مستشاره للأمن القومي.. صِدام مع الصقر العسكري وانحياز لإسرائيل
إقالة مستشار الأمن القومي الأمريكي

في تطور جديد داخل البيت الأبيض، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إقالة مستشاره للأمن القومي مايكل والتز، وهو قرار جاء نتيجة تراكم طويل من الإحباط تجاه الضابط السابق في القوات الخاصة الأميركية "القبعات الخضراء"، والذي وُصف بأنه كان أكثر حماسًا لاستخدام القوة العسكرية مقارنة برئيسه في المكتب البيضاوي.

وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أنه رغم أن القطرة التي أفاضت الكأس تمثلت في إضافة والتز لصحافي ضمن مجموعة دردشة على تطبيق "سيغنال" كانت تناقش قضايا حساسة في شهر مارس، إلا أن التوترات بينه وبين كبار المسؤولين في الإدارة بدأت منذ الأيام الأولى لتوليه المنصب، خصوصًا في ما يتعلق بمسألة التدخل العسكري ضد إيران، وفقًا لما صرح به عدد من كبار المسؤولين والمستشارين المقربين من ترامب.

أزمة في البيت الأبيض


وتابعت الصحيفة، أن هذه الواقعة أثارت تساؤلات لدى بعض كبار المسؤولين في البيت الأبيض بشأن مدى جدوى استمرار مجلس الأمن القومي التقليدي بصيغته الحالية، وأبدوا ارتياحًا حيال تولي وزير الخارجية ماركو روبيو دور القائم بأعمال مستشار الأمن القومي لفترة طويلة، وهو ما قد يؤدي إلى تقليص الدور المؤسسي لمجلس الأمن القومي، الذي لطالما لعب دورًا محوريًا في تشكيل السياسة الخارجية للرؤساء الأميركيين في العقود الأخيرة.

وفي المقابل، جرى تهميش شخصية مؤثرة داخل البيت الأبيض عُرفت بتأييدها المتكرر للتدخل العسكري، رغم أن ترامب رشح والتز لتولي منصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة؛ مما يعني أنه سيظل داخل المؤسسة الحكومية.

وتراكمت مشكلات والتز تدريجيًا، حيث شعرت رئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز بشكل متزايد أنه لا ينسجم مع شخصية الرئيس، بحسب ما أفاد به مسؤول كبير في البيت الأبيض، ومستشار لترامب، وشخص ثالث مطلع على تفاصيل المسألة. وقد تحدث جميعهم بشرط عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الملف.

بيان ترامب


وأضافت الصحيفة، أنه في إعلان إقالته، نشر ترامب بيانًا على وسائل التواصل الاجتماعي أكد فيه أن المعركة مستمرة من أجل "جعل أميركا، والعالم، آمنين من جديد".

وتابعت، أن الأمور لم تقف عند ذلك الحد، فقد أفادت مصادر مطلعة، أن والتز أثار انزعاج ترامب بعد زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المكتب البيضاوي في فبراير، عندما بدا أن مستشار الأمن القومي يشارك نتنياهو قناعته بأن الوقت قد حان لتوجيه ضربة لإيران.

تنسيق مع نتنياهو


بحسب شخصين مطلعين، فإن والتز كان قد نسّق بشكل مكثف مع نتنياهو بشأن الخيارات العسكرية ضد إيران قبيل الاجتماع بين نتنياهو وترامب. 

وقد رأى ترامب أن توجه والتز يتعارض مع رغبته في إعطاء فرصة للحلول الدبلوماسية، وهو ما أزعجه حين علم بتفاصيل ذلك.

مكتب نتنياهو أصدر بيانًا، يوم السبت، أكد فيه لقاءه مع والتز قبل لقائه مع ترامب، لكنه نفى وجود "اتصالات مكثفة" بين الجانبين.

من جهة أخرى، لم يرد المتحدث باسم والتز على طلب للتعليق، في حين أكدت سوزي وايلز احترامها الطويل للعلاقة التي تربطها به.

كما صرّح مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، بأن الرئيس هو من يضع الأجندة السياسية، وعلى أعضاء الإدارة تنفيذها، معتبرًا أن انسجام الفريق مع رؤية ترامب هو السبب وراء ما وصفه بـ"أنجح مئة يوم أولى في تاريخ الرئاسة الأميركية".

ورأى بعض المسؤولين أن والتز حاول ترجيح كفة الخيار العسكري بشكل مفرط، وأنه عمل بتنسيق وثيق مع الإسرائيليين؛ مما اعتُبر خروجًا عن حدود المسؤولية.

وقال أحد مستشاري ترامب - مشبهًا الوضع بما لو أن وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر نسّق سرًا مع السعوديين ضد الرئيس جورج بوش الأب-: إن مثل هذا السلوك لا يمكن التساهل معه، مضيفًا: "أنت تعمل لدى رئيس بلدك، وليس لدى رئيس دولة أخرى".

تقليص الرؤى


وأكدت الصحيفة، أن الإطاحة بـ والتز أدت إلى تقليص عدد الرؤى المتنافسة التي تصل إلى رئيس أميركي يطمح لتكريس بصمته داخليًا وخارجيًا. 

ففي ولايته الأولى، اضطر ترامب إلى الاعتماد على شخصيات جمهورية تقليدية لتشكيل إدارته، أما اليوم، فهناك جيل جديد داخل الحزب الجمهوري لا يعرف زعيمًا سوى ترامب، والرئيس بات يركز أكثر فأكثر على اختيار شخصيات تدين له بالولاء وتنفذ خططه بلا تردد.

ماركو روبيو، الذي تولى المنصب مؤقتًا، ينتمي لنفس التيار التقليدي في الحزب الجمهوري، إلا أن المسؤولين يقولون إنه تخلى بشكل أسرع عن مواقفه السابقة وأصبح أحد المدافعين البارزين عن سياسات ترامب، خاصة فيما يتعلق بملفي روسيا وأوكرانيا، حيث هدد كلا الجانبين بأن واشنطن قد تنسحب من مفاوضات السلام، في رسالة واضحة موجهة بشكل خاص إلى كييف.


محاولات فاشلة


وأكدت الصحيفة، أن إقالة والتز جاءت رغم محاولات شخصيات بارزة في الإدارة، مثل نائب الرئيس جي دي فانس، دعمه وتمديد بقائه في منصبه. 

واصطحب فانس والتز في زيارة إلى جرينلاند في مارس، وهي المنطقة التي أعرب ترامب سابقًا عن رغبته في أن تشتريها الولايات المتحدة، وكان الهدف من تلك الزيارة رفع معنويات والتز بعد أن كشفت مجلة "أتلانتيك" أنه أضاف بشكل غير مقصود رئيس تحرير المجلة إلى مجموعة دردشة سرية على "سيغنال" تتعلق بالتخطيط لعمل عسكري في اليمن.

فانس، الذي يُعرف بموقفه المتحفظ من التدخلات العسكرية على عكس والتز، حاول أيضًا ربط مستشار الأمن القومي بمجموعة من المحافظين المنتمين إلى تيار فانس.