توتر في شمال وجنوب سوريا.. صدامات مع الأكراد والدروز تهدد وحدة البلاد

توتر في شمال وجنوب سوريا.. صدامات مع الأكراد والدروز تهدد وحدة البلاد

توتر في شمال وجنوب سوريا.. صدامات مع الأكراد والدروز تهدد وحدة البلاد
اشتباكات سوريا

شهدت سوريا، خلال الساعات القليلة الماضية، موجة جديدة من العنف في أكثر من منطقة؛ مما أدى إلى تعميق حالة الانقسام الداخلي، وزاد من الضغوط على الحكومة الانتقالية بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع، التي تكافح لإثبات سلطتها على كامل البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي، حسبما نقلت شبكة "إن بي آر" الأمريكية.

الاشتباكات تتجدد في الشمال والجنوب


في شمال البلاد، اندلعت اشتباكات بين مقاتلين موالين للحكومة وقوات سوريا الديمقراطية ذات القيادة الكردية، التي تسيطر على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا.

 أما في الجنوب، فقد تصاعد التوتر في محافظة السويداء، حيث اصطدمت قوات حكومية مع جماعات مسلحة من الطائفة الدرزية، في تجدد للاشتباكات التي شهدتها المنطقة الشهر الماضي.

تأتي هذه المواجهات في وقت حساس، تسعى فيه السلطات الانتقالية إلى تثبيت هدنة هشة في السويداء، ومحاولة تنفيذ اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة يهدف إلى إعادة دمج مناطق الشمال الشرقي مع بقية الأراضي السورية.

خسائر بشرية وتدهور إنساني في السويداء


ذكرت وسائل الإعلام الرسمية، أن اشتباكات اندلعت بين قوات الأمن السوري وفصائل درزية مسلحة في محافظة السويداء الجنوبية، عقب هجوم شنته الفصائل على نقطة أمنية، أسفر عن مقتل عنصر واحد على الأقل من قوات الأمن، ونقلت قناة الإخبارية السورية عن مصدر أمني لم تسمه قوله "إن الهدنة قد تم خرقها".

وفي السياق ذاته، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، أن الاشتباكات أدت إلى مقتل أحد عناصر الفصائل الدرزية، وإصابة تسعة آخرين بجروح، مشيرًا أن المواجهات وقعت في منطقة "تل الحديد" الاستراتيجية المطلة على محافظة درعا المجاورة.

وتابعت الشبكة الأمريكية، أنه رغم دخول قوافل مساعدات إلى مدينة السويداء في إطار هدنة متوترة، إلا أن الأوضاع الإنسانية ما تزال صعبة للغاية، حيث يطالب السكان بفتح الطرق المؤدية إلى المدينة بشكل كامل، ويؤكدون أن المساعدات الحالية غير كافية.

خلفية طائفية وتأزم العلاقة بين دمشق والسويداء


ويعود التوتر في السويداء إلى أشهر من التدهور في العلاقة بين سكان المدينة والحكومة في دمشق، الأمر الذي تصاعد إلى مواجهات عنيفة في يوليو الماضي بين ميليشيات درزية وعشائر بدوية مدعومة من القوات الحكومية. 

وأسفرت تلك المواجهات عن تهجير عشرات الآلاف من السكان، وسط اتهامات متبادلة بهجمات طائفية، حيث ردت الميليشيات الدرزية باستهداف قرى بدوية في الغرب، مما أجبر العديد من سكانها على الفرار إلى درعا.

اشتباكات جديدة في ريف حلب واتهامات متبادلة


في محافظة حلب الشمالية، وقعت اشتباكات بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية، خاصة في محيط مدينة منبج.

وأفادت وزارة الدفاع السورية، بإصابة ثلاثة مدنيين وأربعة جنود، بعد أن أطلقت قوات سوريا الديمقراطية وابلاً من الصواريخ، ووصفت الهجوم بأنه غير مسؤول ودون أسباب واضحة.

من جانبه، صرح المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، فرهاد شامي، بأن ما حدث كان ردًا على قصف حكومي استهدف مدينة دير حافر شرقي حلب، متهمًا بعض "الفصائل غير المنضبطة" داخل الجيش السوري ببدء الهجوم.

وأكد شامي، أن وزارة الدفاع السورية تحاول تضليل الرأي العام وتشويه الحقائق، وأن هذا النهج لا يخدم الأمن أو الاستقرار، وفقاً لتصريح نشره عبر منصة "X".

إسرائيل تصعد عملياتها جنوب سوريا


وفي الجنوب، أعلنت القوات الإسرائيلية تنفيذ عملية برية جديدة في محافظة القنيطرة الحدودية مع الجولان السوري المحتل. 

وقال الجيش الإسرائيلي: إن قواته قامت باستجواب عدد من المشتبه بهم في قرية حضر، بزعم تورطهم في تهريب الأسلحة، كما داهمت أربعة مواقع عُثر فيها على أسلحة معدّة للتهريب.

تأتي هذه العملية ضمن سلسلة من الضربات التي نفذتها إسرائيل في جنوب سوريا منذ الإطاحة بالأسد، والتي تقول إنها تستهدف مجموعات مسلحة ترى فيها تهديداً لأمنها ولسكان الجولان المحتل.


دمشق تنتقد والغموض يكتنف المحادثات الأمنية


انتقدت الحكومة السورية بشدة العمليات العسكرية الإسرائيلية، وأعربت عن رفضها لأي تصعيد. رغم ذلك، يجري الجانبان محادثات أمنية غير مباشرة بوساطة أمريكية، تهدف إلى تخفيف التوتر.

وتؤكد سوريا أنها لا تعتزم اتخاذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل، إلا أن هذه المحادثات اكتسبت زخمًا جديدًا بعد أن دعمت إسرائيل الفصائل الدرزية خلال الاشتباكات الأخيرة في السويداء، حتى أنها شنت ضربة جوية استهدفت مبنى وزارة الدفاع في قلب العاصمة دمشق.

صعوبات أمام الحكومة الانتقالية


منذ أن قاد أحمد الشرع تمردًا مفاجئًا أطاح بحكم عائلة الأسد الممتد لعقود، تسعى حكومته الانتقالية إلى فرض النظام وبناء الثقة بين مكونات الشعب السوري. 

لكن الشكوك تسيطر على كثير من القوى السياسية والأقليات، التي ترى في الشرع زعيمًا إسلاميًا يتعاون مع جماعات مسلحة مثيرة للجدل، ما يهدد استقرار المرحلة الانتقالية ويعرقل توحيد البلاد.

وبينما تتعدد جبهات الصراع من الشمال إلى الجنوب، يبقى مستقبل سوريا معلقًا على قدرة الحكومة الجديدة على فرض سلطتها، واستعادة الأمن، وتحقيق تسويات حقيقية تُنهي الانقسام، وتخفف معاناة ملايين السوريين.