الجوع كسلاح: الوجه الآخر للحصار على غزة.. المجاعة تهدد مليون فلسطيني

الجوع كسلاح: الوجه الآخر للحصار على غزة.. «المجاعة» تهدد مليون فلسطيني

الجوع كسلاح: الوجه الآخر للحصار على غزة.. المجاعة تهدد مليون فلسطيني
صورة أرشيفية

في ظل الظروف القاسية والحصار المستمر، يواجه قطاع غزة أزمة إنسانية متفاقمة تهدد بتحويل الجوع إلى مجاعة. مع استمرار العدوان والقيود على المساعدات الإنسانية، ترتفع معدلات الجوع وسوء التغذية؛ مما يضع حياة مليون فلسطيني على المحك. في هذا التقرير، نسلط الضوء على الوضع الراهن في غزة، ونستعرض التحديات التي تواجه السكان والمنظمات الإنسانية في مواجهة هذه الكارثة.

*تهدد مليون فلسطيني*

الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة لا يقتصر فقط على تقييد الحركة، بل يمتد ليشمل الوصول إلى الضروريات الأساسية مثل الغذاء والدواء، هذا الواقع المرير يتسبب في معاناة لا توصف، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الموارد، ويواجه الأطفال خطر الموت بسبب سوء التغذية.

منظمتان تابعتان للأمم المتحدة تحذران من أن أكثر من مليون فلسطيني قد يواجهون خطر الموت جوعًا بحلول منتصف يوليو المقبل، وتشير التقارير إلى أن الوضع قد يكون أسوأ مما تظهره البيانات المتاحة، مع تعقيدات جمع البيانات والتحديات التي تواجه عملية التحقق من انتشار المجاعة.

*شروط إعلان المجاعة*

لتحديد حالة المجاعة، يجب توافر ثلاثة معايير: أولاً، يجب أن تعاني 20% من الأسر من نقص شديد في الغذاء. ثانيًا، ينبغي أن يعاني ثلث الأطفال في المنطقة من سوء تغذية حاد أو هزال. ثالثًا، يجب أن يكون هناك معدل وفاة شخصين بالغين أو أربعة أطفال من كل 10,000 شخص يوميًا بسبب الجوع ومضاعفاته.

تفرض قوات الاحتلال الإسرائيلية سيطرتها على دخول المساعدات إلى غزة، مما يتطلب الحصول على تصاريح عسكرية، بالإضافة إلى التحديات الناتجة عن الطرق المدمرة بسبب الأنقاض، ونقص الوقود، وشبكات الكهرباء والاتصالات التي بالكاد تعمل.

استند التقرير النهائي إلى الأدلة المتاحة والفجوات المعلوماتية المعروفة، مؤكداً أنه "من المحتمل توافر جميع الشروط الثلاثة للتصنيف المرحلي المتكامل للمجاعة في غزة، وهي استهلاك الغذاء، وسوء التغذية الحاد، وارتفاع معدل الوفيات، في شمال غزة خلال شهر أبريل".

*انذار بـ"المجاعة"*

التقارير الصادرة عن شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة (Fews Net)، تؤكد أن الفلسطينيين يموتون بالفعل لأسباب مرتبطة بالجوع، وأن الخسائر في الأرواح قد تكون أكبر مما تُظهره الإحصاءات الرسمية.

 وتحذر من أن الأثار الفسيولوجية لسوء التغذية الحاد بين الأطفال قد تكون لا يمكن علاجها، مما يشير إلى أزمة صحية طويلة الأمد، الدولية، هناك ثلاثة شروط لإعلان المجاعة، والتي قد تكون مستوفاة بالفعل في شمال غزة.

وتعقد القيود المفروضة على دخول المساعدات الوضع أكثر، حيث تتطلب الحركات الإذن العسكري، وتعاني البنية التحتية من تدمير شديد.

*موت محقق*

من جانبه، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن جريفيث، أن الجهود المبذولة لتجنب تفاقم الكارثة الحالية غير كافية.

وفي منشور له على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، قال جريفيث: "في غزة، توصيل المساعدات أصبح شبه مستحيل. نحن بعيدون جدًا عن تحقيق ما يجب أن نصل إليه. هناك حاجة ماسة لفتح جميع المعابر الحدودية وتوفير وصول آمن وغير معوق للمساعدات".

وحذر برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة في تقريرهما عن انعدام الأمن الغذائي العالمي من الخسائر البشرية التي يتسبب فيها الجوع، حتى في غياب إعلان رسمي عن المجاعة.

وأشار التقرير، إلى أن وقف الأعمال العدائية وزيادة إمكانية الوصول إلى المناطق المتضررة سيسهمان بشكل كبير في تقليل عدد الوفيات وإنقاذ حياة الفلسطينيين الآن وفي المستقبل.

*تحذير من مجاعة غير مسبوقة في غزة*

حذر الخبير الإنساني المعروف، أليكس دي وال، من أن قطاع غزة يقترب من مواجهة أزمة مجاعة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. ألقى دي وال الضوء على الظروف الإنسانية المتدهورة في الأراضي الفلسطينية المحاصرة، مشيرًا إلى أنها وصلت إلى مراحل كارثية.

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الجارديان، أشارت لجنة مراجعة المجاعة في نتائجها الأخيرة إلى أن غزة تقف على شفا "مجاعة وشيكة".

 وحسب تصنيفات نظام التصنيف المرحلي المتكامل، يعيش حوالي 677,000 شخص، أي نحو 32% من سكان غزة، في ظروف "كارثية". كما تم تصنيف 41% آخرين بأنهم في حالة "طوارئ"، مما يعكس خطورة الوضع على نطاق واسع.

أوضح دي وال، أن آثار المجاعة تشمل ارتفاع معدلات الوفيات اليومية بسبب الجوع والأمراض، مع تعرض الأطفال دون سن الخامسة للخطر بشكل خاص. من المتوقع أن تتجاوز المجاعة المحتملة في غزة الأزمات الإنسانية السابقة، مما ينذر بمستقبل مظلم لسكان القطاع.

تؤكد المقارنات مع مجاعات سابقة في الصومال وجنوب السودان على جسامة الأزمة الحالية في غزة. ومع ذلك، يبرز دي وال أن خطورة الوضع لا تقتصر على الأرقام، مشيرًا إلى الآثار الاجتماعية العميقة والموروث عبر الأجيال للمجاعة.

تعود جذور الأزمة الإنسانية في غزة إلى عدة عوامل، أبرزها السياسات الإسرائيلية التي تزيد من معاناة الفلسطينيين. رغم التحذيرات المتكررة والدعوات لاتخاذ إجراءات عاجلة، فإن القيود الإسرائيلية المستمرة على المساعدات والإمدادات الأساسية تفاقم الوضع المزري وتدفع غزة نحو حافة المجاعة.

يعتبر تحليل دي وال دعوة ملحة للمجتمع الدولي للعمل بشكل متضافر لمعالجة الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة. مع تزايد عدد الضحايا وتفاقم المعاناة، تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية للتحرك بسرعة وحسم لتجنب خسائر فادحة في الأرواح في غزة.