القاذفات الشبحية تلوح من بعيد.. هل تضرب بي-2 في اليمن؟

القاذفات الشبحية تلوح من بعيد.. هل تضرب بي-2 في اليمن؟

القاذفات الشبحية تلوح من بعيد.. هل تضرب بي-2 في اليمن؟
القاذفات الشبحية

في أجواء الشرق الأوسط المشبعة بالتوتر، تعود قاذفات "بي-2" الشبحية إلى واجهة الجدل العسكري. هذه الطائرة الأميركية المتطورة، التي ارتبط اسمها بالضربات الدقيقة في العمق الإيراني تلوح اليوم في سماء اليمن، حيث تصاعدت العمليات الهجومية الحوثية، خاصة بعد إطلاق صاروخ باتجاه إسرائيل.

 تصريح السفير الأميركي في تل أبيب حول احتمال دخول "بي-2" على خط الصراع اليمني أعاد خلط الأوراق في منطقة تشهد تداخلاً معقدًا بين الأمن الإقليمي، وممرات التجارة، وخريطة التحالفات الدولية.

بين استعراض القوة الأميركية، وتهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، تُطرح تساؤلات حول جدوى تصعيد جديد قد يحمل ثقلاً عسكريًا غير مسبوق. فهل بات اللجوء إلى القاذفات الشبحية خيارًا أميركيًا مطروحًا على الطاولة، أم أن الرسالة مجرد تلويح بالقوة لردع خصم اختار التصعيد في الوقت الخطأ؟

*تحذير مبطن*


بعد الهجوم الصاروخي الحوثي الذي استهدف إسرائيل مؤخرًا، لم يتأخر الرد الأميركي في الظهور، ولو على مستوى التصريحات.

 السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، لمّح إلى احتمال استخدام قاذفات "بي-2" الشبحية في اليمن.

في موقف فُهم على نطاق واسع أنه إشارة أميركية جديدة إلى استعداد واشنطن لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في شبه الجزيرة العربية، وتحذير مبطّن لصنعاء من مواصلة التصعيد في البحر الأحمر.

القاذفة الاستراتيجية "بي-2" ليست مجرد طائرة حربية تقليدية، بل واحدة من أعقد أدوات التفوق الجوي الأميركي، تُستخدم عادة في المهام ذات الحساسية الشديدة، وضد أهداف محصّنة داخل الجبال أو تحت الأرض، كما حدث في العمليات السابقة ضد منشآت إيرانية مدفونة.

وحسب ما أوضحه اللواء أركان حرب إبراهيم عثمان، لـ"العرب مباشر"، فإن واشنطن لا تلجأ إلى هذا النوع من القاذفات إلا عندما تكون الأهداف من النوع "العميق والثقيل" الذي لا تكفيه الطائرات المقاتلة أو القنابل التقليدية.

*تصعيد أكبر*


حتى الآن، تبدو الضربات الأميركية في اليمن مركزة على مواقع الحوثيين التي تهدد الملاحة في البحر الأحمر، وقد استخدمت فيها واشنطن مزيجًا من الطائرات المسيرة، وصواريخ كروز من الغواصات، وضربات بطائرات من طراز إف-35 وإف-16. لكن مع تصاعد التهديدات ووصولها إلى عمق المجال الإسرائيلي، بات السؤال: هل تدرس واشنطن بالفعل تصعيدًا بنوعية السلاح المستخدم؟

من منظور استراتيجي، تبدو المعضلة الأميركية مركبة، فبينما تسعى لحماية السفن التجارية التي تمر عبر ممرات البحر الأحمر وقناة السويس وهي شرايين رئيسية للتجارة العالمية تجد نفسها مضطرة إلى استعراض قوة كفيلة بردع الحوثيين، دون التورط في مستنقع عسكري مفتوح.

تشكيل قوة بحرية دولية بقيادة أميركية- بريطانية يعكس محاولة لضبط المشهد من البحر، لكن احتمال نقل المعركة إلى عمق اليمن يبقى خيارًا مفتوحًا على الطاولة.

اللواء إبراهيم عثمان لا يرى في التصعيد الحوثي سوى "عنترية إعلامية" تضرب الاقتصاد اليمني قبل أن تمسّ أعداءه.

ويضيف: أن صنعاء بحاجة ماسة إلى إعادة توجيه أولوياتها نحو الداخل، خاصة في ظل الأزمة الصحية والغذائية التي تعصف بالبلاد.

"على الحوثيين أن يدركوا أن الصراع مع قوى بحجم الولايات المتحدة لن يجرّ سوى الدمار"، يقول عثمان، مشددًا على أن استهداف السفن، حتى لو ادعت صنعاء أنها إسرائيلية، يشكل انتهاكًا لقوانين الملاحة ويفتح الباب أمام تصعيد دولي أكبر.

*ردع استراتيجي*


في المقابل، يدرك صناع القرار في واشنطن أن أي هجوم بالقاذفات الشبحية سيحمل رسائل متعددة، إلى إيران، وإلى الجماعات المتحالفة معها، وإلى القوى الإقليمية التي تراقب بحذر، فالولايات المتحدة، وهي تخوض مواجهة متعددة الجبهات، لا يمكنها أن تظهر بمظهر المتراخي في حماية مصالحها ومصالح حلفائها.

في النهاية، قد يكون التلويح بـ"بي-2" هو في حد ذاته الرسالة؛ أن لدى واشنطن خيارات فائقة الدقة والتدمير، وأن "الخطوط الحمراء" التي رسمتها ليست خطوطًا وهمية.

لكن ما إذا كانت ستلجأ إلى هذا السيناريو فعليًا، أم تكتفي برسائل الردع، فذلك يعتمد على تطورات الساعات القادمة، ورد الفعل الحوثي، وموازين الضغوط الدولية المتصاعدة على كل من صنعاء وطهران.

من جانبه، يرى د. محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن التلويح الأميركي باستخدام القاذفات الشبحية في اليمن يأتي في إطار سياسة "الردع الاستراتيجي المتدرج"، والتي تعتمدها واشنطن في مناطق التوتر المرتبطة بإيران وحلفائها.

ويؤكد في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن هذه الخطوة لا تعني بالضرورة نية الهجوم الفوري، بل تهدف إلى إرسال إشارات واضحة مفادها أن أي تهديد مباشر لحلفاء واشنطن أو لممرات الملاحة الدولية سيقابل بخيارات عسكرية نوعية.

وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، لم نستلم رواتبنا منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأصبحت أعتمد على عمل بسيط في السوق لشراء أقل القليل من الطعام، ويضيف: "كل شيء ارتفع سعره، حتى الخبز لم يعد في متناول الجميع، الحوثيون يطبعون نقودًا جديدة، بينما لا قيمة لها في الأسواق، وأصحاب المحلات يرفضون التعامل بها، أما المواد الغذائية فإما غائبة أو تباع بأسعار خيالية.

يتحدث القاضي عن غياب أي خدمات حقيقية: "لا توجد مياه نظيفة، ولا كهرباء، والمستشفيات تطلب منا شراء الإبرة والقطن وحتى الأوكسجين"، ويؤكد أن "الوضع يزداد سوءًا، فيما الإعلام الحوثي يتحدث عن إنجازات وهمية وتبرعات للحرب، بينما المواطن لا يجد ما يسد رمق أطفاله".

وختم قائلاً: "نحن مختطفون داخل عاصمتنا، لا أحد يسمعنا، ولا أحد ينقذنا، نعيش في الظل، نقتات على الصبر ونتنفس الانكسار كل يوم".