كيف يمكن أن يؤدي استمرار الأزمة السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة؟
كيف يمكن أن يؤدي استمرار الأزمة السودانية إلى زعزعة استقرار الدول المجاورة؟
تعد الحرب في السودان واحدة من أكثر الصراعات المنسية في العالم، إذ لا يتم تسليط الضوء عليها بشكل كافٍ مقارنة بحربي غزة وأوكرانيا، رغم أن حصيلتها تجاوزت 150 ألف قتيل، فضلاً عن نزوح عشرة ملايين شخص داخل السودان أو خارجه.
هذه الحرب التي لا يبدو لها أي أفق قريب للنهاية، تستمر بتصميم من قوات الجيش والدعم السريع على خوض المعركة حتى النهاية، حتى وإن استمرت لمدة مئة عام، كما صرح قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.
يُشكّل استمرار الأزمة السودانية تهديدًا مباشرًا لاستقرار الدول المجاورة، وذلك نظرًا للترابط الجغرافي والاجتماعي والاقتصادي بينها وبين السودان.
النزاع المستمر، خصوصًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أدى إلى نزوح جماعي للسكان نحو دول مثل تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا؛ مما يشكل عبئًا ثقيلًا على الموارد المحدودة لتلك الدول ويزيد من التوترات الداخلية.
أزمات النزوح:
النزوح الواسع يؤدي إلى أزمات إنسانية خطيرة، حيث يواجه اللاجئون نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والرعاية الصحية؛ مما يفاقم التوترات بين اللاجئين والسكان المحليين في الدول المستضيفة.
علاوة على ذلك، تصبح المناطق الحدودية ملاذًا للأنشطة غير القانونية مثل تهريب الأسلحة والبشر؛ مما يعرض الأمن الداخلي لتلك الدول للخطر.
الانقسامات العرقية والسياسية:
الانقسامات العرقية والسياسية التي تغذي الصراع في السودان قد تمتد إلى الدول المجاورة، خاصة تلك التي تشترك مع السودان في مكونات عرقية مشابهة.
على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تصاعد العنف إلى تجدد النزاعات القبلية في المناطق الحدودية المشتركة.
كما أن بعض الجماعات المسلحة في المنطقة قد تستغل حالة الفوضى في السودان لتعزيز نفوذها أو إعادة تنظيم صفوفها.
الأزمات الاقتصادية:
من الناحية الاقتصادية، يسبب النزاع تعطيلًا في حركة التجارة بين السودان ودوله المجاورة، خاصة بالنسبة لدول مثل جنوب السودان التي تعتمد بشكل كبير على البنية التحتية السودانية لتصدير النفط.
كما أن استمرار النزاع يُضعف التعاون الإقليمي الضروري لتحقيق التنمية والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.
إذا استمر النزاع دون تدخل دولي أو إقليمي فاعل، فإن الاستقرار الإقليمي قد يزداد تدهورًا. تسوية الأزمة السودانية ليست ضرورة إنسانية فقط لشعب السودان، بل هي أيضًا شرط أساسي لمنع انهيار أوسع في المنطقة.
الآثار الجيواستراتيجية والاقتصادية:
يكتسب السودان أهمية جيواستراتيجية كبرى، ويعتبر من “سلة غذاء” العالم بفضل موارده الطبيعية، وبالتالي، فإن أي تطورات في هذا البلد عادة ما تكون لها انعكاسات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة، على الدول المجاورة.
كما أن التطورات السودانية تؤثر على البنوك والمؤسسات المالية في السودان وفي دول الجوار.
وقد أشارت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني إلى الآثار السلبية التي قد تطال بعض المؤسسات المالية وبنوك التنمية متعددة الأطراف التي تقدم قروضًا للسودان ودول المنطقة.
تصريحات المحللين:
يقول المحلل السياسي السوداني محمد إلياس: “إن استمرار الأزمة السودانية يمثل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المنطقة بأكملها”، مشيرًا أن تداعيات النزاع تمتد إلى الدول المجاورة من خلال موجات نزوح جماعي؛ مما يزيد الضغط على الموارد الشحيحة لتلك الدول ويؤدي إلى أزمات إنسانية حادة.
وأضاف إلياس، أن الحدود المفتوحة بين السودان ودول الجوار قد تتحول إلى نقاط تهريب للأسلحة والمخدرات، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
وأشار إلياس - في تصريحات خاصة لـ “العرب مباشر”-، أن استمرار الصراع السوداني دون حل قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات العرقية والسياسية في الدول المحيطة، خاصة تلك التي تشترك مع السودان في التركيبة القبلية.
وقال: هناك خشية حقيقية من أن تصبح بعض المناطق الحدودية مرتعًا للجماعات المسلحة؛ مما سيزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في المنطقة.