تهديد وجودي في قلب دمشق.. باحث سياسي يحذر من تمدد داعش فكريًا وجغرافيًا
تهديد وجودي في قلب دمشق.. باحث سياسي يحذر من تمدد داعش فكريًا وجغرافيًا

في ظل التوترات الأمنية المتجددة داخل العاصمة السورية، أطلق الباحث السياسي السوري طارق الأحمد، تحذيرات جدية من تحول تنظيم "داعش" إلى تهديد وجودي متجدد يطال بنية الدولة السورية وأمنها المجتمعي، داعيًا إلى استراتيجية شاملة لاجتثاث التنظيم ليس فقط عسكريًا، بل فكريًا وثقافيًا أيضًا.
السلطة باتت تعتبر داعش تهديدًا وجوديًا
في تصريحات خاصة لـ "العرب مباشر"، قال الأحمد: إن السلطة السورية بدأت تدرك بشكل متزايد أن داعش لم يعد مجرد تنظيم إرهابي تقليدي، بل تهديد وجودي شامل، مستدلًا على ذلك بإسراع وزير الداخلية السوري إلى اتهام التنظيم بشكل مباشر بالوقوف خلف الهجوم الإرهابي على كنيسة مار يعقوب في حي الدويعة بدمشق.
وأشار أن دمشق لم تعد تتعامل مع التنظيم بوصفه عنصرًا خارجيًا عابرًا، بل "باتت تنظر إليه باعتباره خطرًا متجذرًا، يتطلب ردًا شاملاً وممتدًا على مستوى الأمن والعقيدة والدولة".
التطرف يتغلغل في العمق المجتمعي
الأخطر، بحسب الأحمد، أن التنظيم لم يعد حكرًا على مجموعات معروفة، بل أصبحت أفكاره المتطرفة تتسلل إلى شرائح اجتماعية مختلفة وتختلط بطبقات وقوى غير تقليدية، وهو ما يمكن ملاحظته، في مظاهر التحدي العلني لسلطة الدولة حتى في أماكن لم تكن محسوبة على التيارات المتشددة.
ويضيف الأحمدي: شاهدنا في إحدى ساحات مدينة حماة مجموعة تخرج بالسيوف والخناجر اعتراضًا على إجراءات الدولة لتنظيم الحياة العامة، ما يكشف حجم الاختراق الفكري والاجتماعي الحاصل، ويؤكد أن التطرف لم يعد هامشيًا، بل بات يتجول في جسد المجتمع السوري بلا حواجز.
الأحمد شدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب حسمًا من قبل الدولة السورية، عبر إطلاق حملة طويلة الأمد لمكافحة داعش وأفكاره في آنٍ معًا، واصفًا المواجهة بأنها "يجب أن تكون أمنية وفكرية وثقافية في آن واحد".
وقال: ما حصل في قلب العاصمة دمشق، وتحديدًا في حي الدويعة، ليس حدثًا عرضيًا. هو مؤشر على مدى توغل الفكر المتطرف، وهو ما يستدعي حملة وطنية تستمر لأشهر وربما لسنوات، تُسند إلى الأجهزة الأمنية كما إلى المجتمع المدني، وتقوم على تفكيك البنية الفكرية التي يتغذى منها التنظيم".
وأكد الأحمد، أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي، بل يجب أن تترافق مع برامج فكرية وثقافية لنشر خطاب التنوير والتسامح، عبر تفعيل المجتمع المدني، وتحصين الأجيال الجديدة من الانجراف خلف الشعارات المتطرفة، منوهًا بأن "المعركة ليست فقط في البادية أو على تخوم المدن، بل في قلب العقول، وفي داخل البيوت والجامعات والشوارع".
واختتم الأحمد حديثه لـ"العرب مباشر" قائلاً: علينا أن ندرك أن التهديدات القادمة لن تكون على شكل جيوش، بل على شكل أفكار، ومن يفوز بالمعركة الفكرية، هو من سيحدد مستقبل سوريا الحقيقي.