صغار سوريا بلا أمل.. الحرب سرقت طفولتهم
يواصل الأطفال في سوريا دفع ثمن الأزمة التي ستترك علامة قاتمة في ذكرى مرور عشر سنوات على بدئها، حيث يعاني نظام التعليم في سوريا من الإجهاد الكبير، ونقص التمويل، والتفكك وعدم القدرة على تقديم خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال، كما أن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في سوريا أعلى مستوى لها على الإطلاق تزداد يوما بعد الآخر.
وعلى الرغم من الآثار السلبية التي لحقت بكل أفراد المجتمع السوري، فإن الطفل يبقى الضحية الأكثر تأثرا، فما يشهده سيترك عليه آثارا تخلف مشكلات نفسية وصحية ستتجلى على شكل أمراض اجتماعية ستحكم مستقبل الأجيال، حتى بعد وقف آلة العنف.
اعتماد على المساعدات
ويقول غسان عبده: إن الأطفال الأكثر هشاشة من بين أطفال سوريا هم الـ 2.8 مليون طفل الذين يعيشون في المناطق التي يصعب الوصول إليها، من ضمنهم 280,000 طفل تحت الحصار وفي حالة انقطاع شبه كامل عن تلقي المساعدات الإنسانية.
لا مجال للتعليم
وأضاف: "يوجد في سوريا أكثر من 2.4 مليون طفل غير الملتحقين بالمدرسة، منهم 40 في المائة تقريبا من الفتيات، ومن المرجح أن يكون العدد قد ارتفع خلال عام 2020 نتيجة تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد التي أدت إلى تفاقم تعطّل التعليم في سوريا، لم تعُد واحدة من كل ثلاث مدارس داخل سوريا صالحة للاستخدام لأنها تعرضت للدمار أو للضرر أو لأنها تُستخدم لأغراض عسكرية، أما الأطفال القادرون على الالتحاق بالمدارس، فإنهم يتعلمون في الغالب في صفوف دراسية مكتظة، وفي مبان لا تحتوي على ما يكفي من المياه ومرافق الصرف الصحي والكهرباء والتدفئة أو التهوية".
سهولة انتشار الأمراض
وتابع: "تعيق التّحديات التي تعترض الوصول إلى عدة مناطق في سوريا إجراء تقييم كامل لمدى معاناة الأطفال ولحصول الفتيات والفتيان الأكثر حاجة منهم على المساعدات الإنسانية العاجلة، وبعيدا عن القنابل والرّصاص والتّفجيرات، يموت الكثير من الأطفال بصمت، غالبا نتيجة الأمراض التي كان من الممكن تجنبها بسهولة، من غير المقبول أن يبقى الحصول على الرعاية الصحية والإمدادات المنقذة للحياة والخدمات الأساسية في غاية الصعوبة".
نزوح إجباري
وولد حوالي 4,8 مليون طفل في سوريا منذ بداية الصراع ووُلد مليون طفل سوري لاجئ في دول الجوار، وتم التحقق من مقتل 5427 طفلا، أي بمعدل طفل واحد كل عشر ساعات منذ بداية الرصد الذي بدأ عام 2014، إضافة إلى إصابة 3 آلاف و639 طفلاً بجراح نتيجة الصراع، وتم تجنيد حوالي 5 آلاف طفل، لا يتجاوز عمر بعضهم السبع سنوات في القتال، ومع دخول النزاع عامه العاشر، يدخل ملايين الأطفال العقد الثاني من حياتهم محاطين بالحرب والعنف والموت والنزوح.
فيما تقول ماجدة حمدون: إن ملايين الأطفال في سوريا يعتمدون على المساعدات الإنسانية، أي بزيادة مقدارها 12 ضعفا مقارنة مع عام 2012، اضطر ملايين الأطفال للنزوح، وصلت في بعض الحالات إلى سبع مرات، ويعيش الآن أكثر من 2.3 مليون طفل لاجئين في لبنان ومصر والعراق.
وأذهلت الحرب عيون الأطفال وأخمدت وميض براءتها نزاعات الكبار، هذا حال أطفال سوريا الذين تحولوا إلى ضحية في عمر مبكر وهم يتلمسون سنواتهم الأولى لتسرق الأزمة التي دخلت عامها العاشر طفولتهم وتصبح طريقا يقودهم إلى الألم والجهل والعزلة، فالجيل الناشئ في سوريا يواجه خطر الضياع جراء دوامة العنف.
وأضافت: "تتآكل بسرعة آليات التعامل مع الأوضاع داخل سوريا وعبر حدودها، وتقوم العائلات باتخاذ أقصى التدابير لمجرد البقاء على قيد الحياة، وغالباً بدفع الأطفال إلى الزواج المبكر وعمالة الأطفال، ويشكل الأطفال نسبة تزيد عن ثلثي العاملين في الأعمال المنزلية، ويعملون في ظروف قاسية لا تصلح حتى للبالغين".