قبل زيارة ترامب.. خطة دولية تُقصي حماس وتُعيد شريان المساعدات إلى غزة

قبل زيارة ترامب.. خطة دولية تُقصي حماس وتُعيد شريان المساعدات إلى غزة

قبل زيارة ترامب.. خطة دولية تُقصي حماس وتُعيد شريان المساعدات إلى غزة
ترامب

بين أنقاض غزة وصوت الطائرات، تتشكّل خارطة إنسانية جديدة تسعى إلى إعادة تدفق المساعدات لسكان القطاع المنهك، دون المرور بحركة حماس، ففي خطوة وصفها مراقبون بأنها "أخطر من الصمت الدولي"، توصلت أطراف دولية، على رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى خطة توزيع مساعدات إنسانية تهدف إلى إنقاذ المدنيين دون تقوية الخصم السياسي والعسكري، هذه الخطة، التي جرى التفاوض بشأنها في اجتماعات شبه سرية، تتزامن مع زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي حرص على إظهار جانب من "التعاطف الإنساني" في لحظة سياسية حرجة، غير أن الخطة نفسها أثارت تساؤلات عدة حول مدى فعاليتها، ومن سيحكم مسارها الحقيقي على الأرض، فهل هي خطوة نحو تخفيف المعاناة، أم ورقة ضغط إضافية ضمن مشهد إقليمي متشابك.

*خطة جديدة*


في تحول لافت ضمن التعاطي الدولي مع الوضع الإنساني المتدهور في غزة، أعلنت مصادر إسرائيلية وأمريكية، التوصل إلى خطة جديدة لإعادة توزيع المساعدات على سكان القطاع بعيدًا عن إدارة حركة حماس.

يأتي هذا الترتيب الجديد كجزء من تحركات دبلوماسية تقودها واشنطن وتل أبيب استعدادًا لزيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة منتصف مايو الجاري، في وقت تتزايد فيه حدة التوترات وتُراوح فيه مفاوضات وقف إطلاق النار مكانها.

*الخطة: صندوق دولي ومجمعات إنسانية معزولة*


الخطة ترتكز على إنشاء صندوق دولي خاص يتم تمويله من قبل الدول المانحة، ويُشرف عليه فريق من الخبراء الإنسانيين تحت إدارة لجنة استشارية ذات طابع دولي.

الهدف المعلن هو ضمان وصول المساعدات من غذاء ودواء إلى المدنيين مباشرة، دون تدخل أو انتفاع من قبل حماس، التي تتهمها إسرائيل بأنها تسيطر على معظم المساعدات وتعيد توزيعها بما يخدم مصالحها السياسية والعسكرية.

بحسب التفاصيل المتوفرة، سيتم إنشاء مجمعات إنسانية مؤقتة في جنوب القطاع، تتيح للعائلات الفلسطينية الوصول إليها أسبوعيًا للحصول على حزمة مساعدات تغطي احتياجاتها لسبعة أيام.

الحكومة الإسرائيلية تكفلت بتمويل وإنشاء البنية التحتية لهذه المجمعات، بينما تم تكليف شركات أمنية أمريكية بإدارة العملية ميدانيًا.

ورغم حساسية الوضع الميداني، فإن الجيش الإسرائيلي لن يكون داخل هذه المنشآت، لكنه سيوفر حماية محيطية لها من الخارج. الهدف من هذا الترتيب، كما تفيد مصادر إسرائيلية، هو تفادي أي احتكاك مباشر بين القوات الإسرائيلية والمدنيين الغزيين، في محاولة للحد من التوترات والانتهاكات المحتملة.

*ترامب يضغط.. "كونوا لطفاء مع غزة"*


في مقابلة عابرة مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، لمّح ترامب إلى محورية الملف الإنساني بالنسبة لزيارته المقبلة، قائلاً: "عليكم أن تكونوا لطفاء مع غزة، هؤلاء الناس يعانون.

مضيفًا: "هناك حاجة ماسة للغذاء والدواء، ونحن سنتكفل بذلك"، هذه التصريحات تأتي بعد مكالمة هاتفية بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي، استعرض خلالها الأخير تفاصيل الخطة الجديدة.

هذا الموقف، الذي قد يبدو إنسانيًا في ظاهره، يخفي في طيّاته أهدافًا سياسية متشابكة؛ فترامب يسعى لتعزيز صورته كزعيم "قادر على كسر الجمود"، بينما تمضي إسرائيل في تنفيذ خطة تُقصي خصمها العسكري والسياسي من المعادلة دون الحاجة إلى تفاهمات مباشرة معه.

*إقصاء حماس: الأهداف المعلنة والخفية*


بحسب مسؤولين إسرائيليين، فإن السبب الرئيسي لإعادة هيكلة توزيع المساعدات هو منع وصولها إلى أيدي حركة حماس. وتتهم تل أبيب الحركة بأنها قامت خلال فترات الهدنة السابقة بتحويل المساعدات إلى عناصرها، واستخدام جزء منها لدفع رواتب جناحها العسكري، بل وأحيانًا بيعها في السوق السوداء.

الآلية الجديدة، كما تراها إسرائيل، ستكون وسيلة لإضعاف قبضة حماس على القطاع من خلال تقليل اعتماد السكان على شبكاتها التوزيعية، وبالتالي إضعاف سلطتها غير المباشرة. لكن هذا الطرح يثير تساؤلات إنسانية وأخلاقية حول تحويل المعونة إلى أداة ضغط سياسي.

*السياق العسكري: المساعدات تمهيد للمعركة؟*


الجدير بالذكر أن هذا الترتيب يأتي في ظل حديث متزايد عن توسيع العملية البرية الإسرائيلية في غزة. 

مصادر أمنية أكدت، أن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) سيجتمع الأحد المقبل لدراسة تعبئة المزيد من قوات الاحتياط، وسط تعثر الجهود الدبلوماسية وتجمّد مفاوضات إطلاق الرهائن.

وهكذا، فإن إعادة تشغيل المساعدات يبدو وكأنه جزء من تحضير ميداني أوسع، لا يهدف فقط إلى احتواء الأزمة الإنسانية، بل إلى إعادة تشكيل الوضع الميداني قبل أي تصعيد عسكري جديد.

*ردود الفعل الدولية والمحلية*


حتى الآن، لم يصدر تعليق رسمي من حركة حماس على الآلية الجديدة، في حين أكدت وكالات الأمم المتحدة، أنها ستتعاون مع الصندوق الدولي لضمان وصول الإمدادات.

أما الشارع الفلسطيني، فلا يخفي قلقه من أن تتحول هذه المجمعات إلى مراكز مراقبة أو تقييد، بدلاً من أن تكون ملاذًا إنسانيًا.

في المجمل، تبدو الخطة الجديدة خطوة متقدمة على طريق إعادة تنظيم قواعد التعامل مع غزة إنسانيًا وسياسيًا، لكن السؤال الأهم يظل، هل يمكن فصل المساعدات عن الصراع السياسي والعسكري، أم أنها ستظل أداة من أدواته؟