جنازة أسطورية لزياد الرحباني بحضور فيروز.. وداع يليق بعبقرية استثنائية
جنازة أسطورية لزياد الرحباني بحضور فيروز.. وداع يليق بعبقرية استثنائية

في مشهد استثنائي لن ينساه اللبنانيون والعالم العربي، شيع جثمان الموسيقار والمسرحي الكبير زياد الرحباني في جنازة مهيبة، امتزج فيها الحزن العميق بالفخر بواحد من أعظم العقول الموسيقية والفكرية في الشرق الأوسط. زياد، الذي يلقب بـ"موزار لبنان"، ودع الحياة وسط حشود غفيرة وهتافات باسمه وأغانيه التي خلدته رمزًا للثقافة اللبنانية المقاومة.
الزغاريد والدموع.. بيروت تودّع زياد على طريقتها
ومن أمام مستشفى بخعازي خوري وحتى قاعة كنيسة رقاد السيدة في منطقة المحيدثة، امتدت الجنازة التي تحولت إلى تظاهرة حب وعرفان، ارتفعت الزغاريد، وتعالت التصفيقات، وصدحت أغنياته، خاصة أغنيته الشهيرة "بلا ولا شي"، في أرجاء شارع الحمرا، حيث عبر موكب الوداع.
عشرات المواطنين سارت خلف النعش المحمول على الأكتاف، وسط نثر الورود والأرز، في مشهد حفر في ذاكرة بيروت الحزينة والمعتزة في آن، بوداع أحد أنبل أبنائها وأكثرهم تأثيرًا.
فيروز بالأسود.. ظهور نادر لأيقونة لبنان
لكن اللحظة الأشد تأثيرًا كانت دخول السيدة فيروز، الفنانة الأسطورية ووالدة زياد، إلى الكنيسة، في ظهور نادر، أطلت مرتدية السواد، ووقفت لأكثر من نصف ساعة تودع ابنها الوحيد. فيروز، التي لطالما غابت عن الإعلام والمناسبات العامة، بدت حزينة مهيبة، تستقبل المعزين في مشهد جمع بين الكبرياء والألم.
إلى جانبها، حضرت ريما الرحباني، التي لم تترك والدتها لحظة، تساعدها على الجلوس والحركة، وتتشارك معها لحظات صمت ودموع لا تحتاج إلى تفسير، كانت صورة فيروز في الجنازة أشبه بصرخة صامتة: "أنا الأم التي فقدت نبوغ ابنها".
حضور فني ورسمي كثيف: وداعًا أيها الثائر الأنيق
الجنازة تحولت إلى ملتقى فني وثقافي وسياسي، حضره عدد كبير من النجوم، على رأسهم كارمن لبس التي وصلت باكرًا وبدت متأثرة للغاية، والفنان مارسيل خليفة، والشاعر طلال حيدر، كما حضرت هدى حداد شقيقة فيروز.
من الجانب الرسمي، حضرت نعمت عون، عقيلة رئيس الجمهورية، لتقديم العزاء إلى السيدة فيروز، إلى جانب عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية.
ولم تغب العائلة الرحبانية، حيث شارك كل من أسامة، منصور، غدي، مروان، وغسان الرحباني في مراسم التشييع، إلى جانب نخبة من رموز الفن مثل: إيلي صعب، جوليا بطرس، هبة طوجي، جورج شلهوب، كارلوس عازار، ريتا حايك، والمخرج محمد دايخ.
المدفن في الشوير.. قرار خاص من فيروز
وفي خطوة غير متوقعة، كشفت مصادر لبنانية أن السيدة فيروز أعدت مدفنًا خاصًا لابنها زياد في حديقة منزلها ببلدة الشوير، لتكون له زاوية خاصة في ذاكرة العائلة، بعيدا عن المدفن العائلي في أنطلياس، حيث يرقد والده عاصي الرحباني.
هذا القرار الذي لم يفصح عن أسبابه علنًا، اعتبره البعض تكريمًا شخصيًا من فيروز لابنها الذي شكل امتدادًا فنيًا وإنسانيًا لعائلة الرحابنة، ولكن بروحه المستقلة ولغته الخاصة.