كرة نار في سماء تكساس.. انفجار ستارشيب يعيد الأسئلة حول طموحات ماسك الفضائية

كرة نار في سماء تكساس.. انفجار ستارشيب يعيد الأسئلة حول طموحات ماسك الفضائية

كرة نار في سماء تكساس.. انفجار ستارشيب يعيد الأسئلة حول طموحات ماسك الفضائية
انفجار ستارشيب

في لحظة خاطفة، تحولت سماء تكساس إلى مشهد من فيلم خيال علمي، حيث انفجرت مركبة "ستارشيب" التابعة لشركة "سبيس إكس" أثناء اختبار روتيني على منصة إطلاق في منشأة "ستاربيز"، مثيرة حالة من الذهول والقلق في أوساط المهتمين بالفضاء والطيران، الانفجار الذي دوّى عند الساعة الحادية عشرة صباحًا لم يسفر عن إصابات، لكنه ألقى بظلال كثيفة من الشك حول مستقبل أحد أكثر البرامج الفضائية طموحًا في العالم، فـ"ستارشيب"، التي يعوّل عليها كل من الملياردير إيلون ماسك ووكالة "ناسا" لقيادة المهام المستقبلية إلى القمر والمريخ، تمرّ بسلسلة من الإخفاقات المتكررة، لتبدو الرحلة نحو الكواكب البعيدة محفوفة بعقبات أقرب إلى الأرض مما كان متوقعًا، وبينما تتصاعد الأدخنة فوق بوكا تشيكا، يزداد الغموض بشأن جدوى المجازفة التكنولوجية التي تكلف مليارات الدولارات وتُبنى على آمال بشرية بحياة خارج الكوكب.

*صمت مطبق*


شهدت منشأة "ستاربيز" الفضائية، التابعة لشركة "سبيس إكس" في أقصى جنوب تكساس، انفجارًا قويًا لصاروخ "ستارشيب" العملاق، وهو أكبر مركبة إطلاق في تاريخ البشرية، خلال ما يُعرف باختبار الإطلاق الثابت.

الحدث الذي وقع في وضح النهار خلّف كرة لهب ضخمة، اهتزت لها النوافذ القريبة وارتجّت معها أطباق الأقمار الاصطناعية في محيط بوكا تشيكا، وفق شهادات محلية.

الاختبار كان يهدف إلى فحص أداء المحركات وموثوقية أنظمة الدفع الأرضية قبيل الإقلاع، وهي عملية تقنية ضرورية لضمان نجاح المهام المستقبلية.

إلا أن المركبة واجهت "خللًا كبيرًا" حسب بيان مقتضب من الشركة، التي حاولت التقليل من حجم الحادث بالتأكيد على عدم وقوع إصابات بشرية أو أضرار بيئية تُذكر.

غير أن الصور الملتقطة من موقع الحدث رسمت مشهدًا مغايرًا: ألسنة نار ودخان كثيف يتصاعد من جسد الصاروخ، وسط حالة من الصمت المطبق في محيط مركز الاختبار.

*ليس الأول*


الانفجار يأتي بعد أقل من شهر على تحطم نموذج سابق من "ستارشيب" أثناء تحليقه، نتيجة تسرب في الوقود، ما أدى إلى فقدان التحكم وسقوطه فوق خليج المكسيك. 

ويُضاف ذلك إلى حادثتين مماثلتين خلال شهري يناير ومارس، في سياق سلسلة من الإخفاقات المتتابعة التي باتت تطرح تساؤلات جدية حول مدى نضج هذا البرنامج الضخم، الذي يُقدّر حجم استثماراته، بالتعاون مع "ناسا"، بنحو 4 مليارات دولار.

رغم الانتكاسات، ما يزال إيلون ماسك، مؤسس "سبيس إكس"، متمسكًا بطموحاته المريخية، معلنًا سابقًا عن رغبته في إطلاق رحلة غير مأهولة إلى الكوكب الأحمر بحلول عام 2026، تحمل على متنها روبوتات ذكية من صنع شركته "تسلا".

غير أن تحقيق هذا الهدف بات موضع شك في أوساط الخبراء، الذين يرون أن تكرار الإخفاقات يُشير إلى فجوات عميقة في التصميم أو عمليات التصنيع أو حتى في طبيعة اختبارات السلامة.

في الوقت ذاته، فإن هذه التطورات تلقي بظلالها على برنامج "أرتميس" التابع لوكالة "ناسا"، والذي يعتمد بشكل أساسي على مركبة "ستارشيب" لإنزال أول امرأة وأول شخص من ذوي البشرة الملوّنة على سطح القمر.

ومع كل حادثة انفجار، تتقلص نافذة الزمن المتاحة أمام الوكالة الأميركية للوفاء بجداولها الزمنية الطموحة، وسط منافسة متسارعة مع وكالات فضاء أخرى، على رأسها الصين وروسيا.

*أولوية الإنفاق*


من جهة أخرى، يرى البعض أن ما يحدث ليس سوى "ثمن الابتكار"، معتبرين أن تجربة الفشل جزء لا يتجزأ من مغامرة استكشاف الفضاء.

فقد واجهت برامج الفضاء الأميركية في ستينيات القرن الماضي إخفاقات متكررة قبل أن يتحقق حلم الوصول إلى القمر.

لكن الفرق اليوم يكمن في أن برنامج "ستارشيب" لا يحظى بذات الإجماع الوطني أو الدعم السياسي الذي حظيت به مهام "أبولو"، كما أن طبيعته التجارية تضعه تحت ضغط مستثمرين ومراقبين وسوق إعلامي يترقب الأخطاء.

ولا يمكن فصل هذه الحوادث عن الجدل المتزايد حول أولوية الإنفاق على مشاريع فضائية عملاقة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الولايات المتحدة.

 إذ يزداد الصوت المعارض لمثل هذه المشاريع التي تُكلّف المليارات دون مردود مباشر، خصوصًا مع تصاعد الفقر، وتدهور البنية التحتية، واحتدام الصراع السياسي الداخلي.

ومع ذلك، يبدو أن "سبيس إكس" لا تنوي التراجع، بل أعلنت في بيانها أنها بصدد مراجعة البيانات وتحسين نظم الأمان، استعدادًا لجولة اختبار جديدة لم تُحدّد موعدها.

أما السؤال الذي يبقى معلقًا في سماء تكساس فهو: إلى متى يمكن لمركبة "ستارشيب" أن تتعثر دون أن تُصاب ثقة الجمهور والممولين والمحطات الفضائية في عمقها؟