المحكمة العليا الإسرائيلية تفرض تجنيد الحريديم وتجميد ميزانية المدارس الدينية.. ما تداعيات القرار؟

المحكمة العليا الإسرائيلية تفرض تجنيد الحريديم وتجميد ميزانية المدارس الدينية

المحكمة العليا الإسرائيلية تفرض تجنيد الحريديم وتجميد ميزانية المدارس الدينية.. ما تداعيات القرار؟
صورة أرشيفية

في خطوة تثير جدلاً واسعاً داخل إسرائيل، قضت المحكمة العليا بوجوب تجنيد اليهود الحريديم، الذين يمثلون قطاعاً مهماً من المجتمع الإسرائيلي المعروف بتدينهم الشديد وابتعادهم عن الحياة العسكرية، هذا القرار يعكس توجهات جديدة للحكومة الإسرائيلية التي تسعى لتحقيق التوازن بين مكونات المجتمع المختلفة.

*قرار المحكمة العليا*

في خطوة مثيرة للجدل تهدف لإعادة تشكيل قواعد التعايش الاجتماعي في إسرائيل، أصدرت المحكمة العليا حكماً يقضي بضرورة تجنيد اليهود الحريديم في الجيش الإسرائيلي، هذا الحكم الذي يمثل تحولاً جذرياً في السياسة الإسرائيلية، أتى بعد سنوات من الجدل الحاد حول استثناء هذه الفئة من الخدمة العسكرية الإلزامية.

أثار هذا القرار ردود فعل متباينة على نطاق واسع. فبينما رحبت بعض الأطراف به باعتباره خطوة نحو تحقيق العدالة والمساواة بين جميع مكونات المجتمع الإسرائيلي، اعترضت عليه بشدة الأطراف المتدينة، معتبرة إياه انتهاكاً لحقوقهم الدينية والثقافية، هذه المعارضة تعكس مدى تعقيد القضية وتداخلها مع الهوية الدينية والثقافية للمجتمع الحريدي.

إلى جانب قرار التجنيد، قضت المحكمة العليا بتجميد ميزانية المدارس الدينية التي تعتمد بشكل كبير على التمويل الحكومي.

هذه المدارس، التي كانت تتمتع بميزانيات خاصة تمكنها من تقديم تعليم ديني متخصص بعيداً عن المناهج العامة، ستواجه الآن تحديات مالية كبيرة. يعكس هذا القرار توجهاً جديداً نحو تعديل النظام القائم منذ عقود، والذي كان يعفي الطلاب الحريديم من الخدمة العسكرية بدعوى التفرغ للدراسة الدينية.

مراقبون أكدوا أن قضية إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية دائمًا ما كانت موضوعاً مثيراً للجدل في إسرائيل، مؤكدين أن هذا الإعفاء يعود إلى سنوات تأسيس الدولة، حينما تم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والجماعات الدينية للسماح للطلاب الدينيين بالتفرغ للدراسة دون الانخراط في الخدمة العسكرية، هذا الوضع استمر لعقود؛ مما أدى إلى استياء قطاعات واسعة من المجتمع التي رأت في هذا الإعفاء تمييزاً غير عادل.

*تحركات الحكومة الإسرائيلية*

في تعليق له على الموضوع، قال وزير الجيش الإسرائيلي يوآف جالانت: إن الجيش كان على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن قانون التجنيد الذي يهدف إلى إجبار المجتمع اليهودي المتشدد على الخضوع للخدمة العسكرية الإلزامية، ومع ذلك، أكد جالانت أن المحادثات فشلت بسبب تمسك كل حزب سياسي بموقفه، مما عرقل التوصل إلى اتفاق نهائي.

وفي منتصف الشهر الحالي، صادقت اللجنة الإسرائيلية لشئون التشريع بالإجماع على مشروع قانون تقدم به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن تجنيد اليهود المتدينين "الحريديم".

يأتي هذا التصديق في إطار الجهود المبذولة لتطبيق القرار القضائي وتنظيم عملية التجنيد بشكل يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وتقاسم الأعباء الوطنية بين جميع المواطنين.

*تداعيات القرار*

من جانبه، قال أحمد شديد، خبير الشئون الإسرائيلية، إن هذه الخطوة ستثير موجة من الخلافات الحادة داخل المجتمع الإسرائيلي، مضيفًا أن مؤيدو القرار يرون أنه يحقق العدالة والمساواة بين جميع فئات المجتمع الإسرائيلي، ويعزز من قوة الجيش عبر زيادة عدد المجندين، من جهة أخرى، يعارضها المتدينون الذين يعتبرون أن تجنيدهم يخالف تعاليم دينهم ويتعارض مع نمط حياتهم الديني.

وأضاف شديد في حديثه لـ"العرب مباشر"، قرار المحكمة وتصديق الحكومة على القانون سيؤدي إلى تصاعد التوترات بين الأحزاب السياسية، خاصة أن الأحزاب اليمينية والدينية، التي تشكل جزءاً من الائتلاف الحاكم، تعارض بشدة تجنيد الحريديم وتجميد ميزانيات مدارسهم الدينية.

وتابع شديد، من المتوقع أن تواجه الحكومة تحديات كبيرة في تطبيق هذا القانون، مؤكدًا أن القرار سيضر بالنسيج الاجتماعي الاسرائيلي بشدة في الأيام القادمة.