حمص.. المدينة التي تُعيد تشكيل ملامح الصراع السوري والإقليمي
حمص.. المدينة التي تُعيد تشكيل ملامح الصراع السوري والإقليمي

مع تصاعد التوتر في سوريا، أصبحت مدينة حمص محور الأحداث السياسية والعسكرية، حيث تلعب دورًا محوريًا في إعادة تشكيل موازين القوى. المدينة، التي تُعد البوابة الاستراتيجية بين دمشق والساحل السوري، تحمل أهمية تتجاوز موقعها الجغرافي.
مع اقتراب الفصائل المسلحة من السيطرة عليها، يفتح هذا التطور الباب أمام أسئلة حول انعكاساته على مستقبل الصراع السوري وخارطة النفوذ الإقليمي.
حمص.. مفصل استراتيجي يحدد مسار الصراع
تقع حمص في موقع استراتيجي يُعد شريانًا حيويًا يربط العاصمة دمشق بالساحل السوري، حيث تتمركز القواعد العسكرية الروسية في طرطوس وحميميم. هذا الموقع يجعل المدينة أشبه بـ”الميزان”، الذي يمكن أن يُغيّر السيطرة عليه موازين القوى في الحرب.
في الأيام الأخيرة، أعلنت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها سيطرتها على مناطق شمال حمص، ما يثير التكهنات حول مستقبل المدينة.
وبينما أشارت تقارير إلى انسحابات للجيش السوري، أكدت القوات الحكومية جاهزيتها للتصدي لأي هجوم محتمل.
الأهمية الاستراتيجية لحمص
• تُعد حمص رابطًا استراتيجيًا يربط العاصمة دمشق بالمناطق الساحلية.
• تقع على طريق “M5”، وهو الشريان الرئيسي للاقتصاد السوري، ما يجعل السيطرة عليها ضرورية لأي طرف في الصراع.
• تحمل رمزية تاريخية كإحدى المدن الأولى التي شهدت احتجاجات واسعة في 2011، ما يضفي بعدًا سياسيًا وأيديولوجيًا على المعركة.
التداعيات الإقليمية للسيطرة على حمص
• على النظام السوري: فقدان حمص سيؤدي إلى عزلة استراتيجية عن الساحل؛ مما يقوض قدرته على الصمود.
• على روسيا: تهديد قواعدها العسكرية في طرطوس وحميميم، ما يضعها أمام تحدٍ لتعزيز وجودها العسكري.
• على المعارضة المسلحة: السيطرة على حمص تُعد مكسبًا كبيرًا يُعزز نفوذها ويمكّنها من الضغط في أي مفاوضات مستقبلية.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
• روسيا: أكدت دعمها الكامل للجيش السوري من خلال شن غارات جوية مشتركة على مواقع المعارضة.
• تركيا: تستغل الوضع لدعم الفصائل المسلحة بشكل غير مباشر، بما يخدم أهدافها في موازنة القوى.
• الولايات المتحدة: أبدت قلقها من التصعيد، مطالبة بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات السياسية.
حمص.. إعادة خلط الأوراق الدولية
يرى تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط أن معركة حمص ليست مجرد مواجهة محلية، بل هي اختبار لتحالفات القوى الدولية المنخرطة في الصراع السوري. السيطرة على المدينة ستعيد رسم خارطة النفوذ في سوريا؛ مما يجعلها ساحةً لصراع إقليمي ودولي أوسع.
من جانبه، يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية: إن حمص تمثل "الاختبار الأبرز لقدرة النظام السوري على الحفاظ على تماس جغرافي متصل بين العاصمة دمشق والساحل السوري".
وأضاف المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر": "في حال سقوط حمص بيد الفصائل المسلحة، فإن دمشق ستعاني من عزلة استراتيجية عن الساحل؛ مما قد يؤدي إلى تأثير مباشر على خط الإمداد العسكري والاقتصادي للنظام".
وأوضح المنجي، أن أهمية حمص لا تقتصر على موقعها الجغرافي، بل تشمل بعدها الرمزي في الصراع السوري، كونها من المدن الأولى التي شهدت حراكًا شعبيًا مع بداية الأزمة.
وتابع: "السيطرة على حمص ستشكل نقطة تحول، ليس فقط على المستوى الداخلي بل على المستوى الإقليمي، حيث ستجد روسيا نفسها أمام تحدٍ مباشر لتأمين وجودها العسكري في الساحل، بينما ستسعى تركيا لاستغلال الموقف لدعم المعارضة المسلحة".
وأشار أن "التطورات الأخيرة تكشف عن إمكانية تصعيد الصراع في ظل عجز الأطراف عن تحقيق تقدم سياسي؛ مما يعزز احتمالية الدخول في مرحلة جديدة من المواجهات العسكرية المفتوحة التي ستزيد من تعقيد المشهد".
حمص ليست مجرد مدينة سورية، بل هي مفصل استراتيجي سيحدد مسار الصراع السوري في الداخل والخارج. السيطرة عليها ستعيد تشكيل خارطة النفوذ الإقليمي وتضع النظام السوري وحلفاءه في مواجهة تحديات جديدة.
هذه الأهمية تجعل حمص محورًا لصراع تتداخل فيه الحسابات المحلية والدولية؛ مما يعزز مكانتها كمفتاح لإعادة رسم ملامح الحرب في سوريا.