الجيش السوري يعيد التموضع.. مواجهة التنظيمات المسلحة أم بداية مرحلة جديدة؟

الجيش السوري يعيد التموضع.. مواجهة التنظيمات المسلحة أم بداية مرحلة جديدة؟

الجيش السوري يعيد التموضع.. مواجهة التنظيمات المسلحة أم بداية مرحلة جديدة؟
الجيش السوري

في خضم تصاعد التوترات على الأرض السورية، نفذ الجيش السوري عملية إعادة انتشار وتموضع في محافظتي درعا والسويداء، في خطوة أثارت تساؤلات حول دلالاتها وتوقيتها. تأتي هذه التحركات وسط اشتداد المواجهات مع التنظيمات المسلحة التي تواصل تمددها في بعض المناطق، وتكتسب الأحداث زخمًا مع استمرار الغارات المشتركة بين القوات السورية والروسية على مواقع المسلحين.


هذه التطورات تعيد رسم المشهد الميداني، حيث يبدو أن استراتيجية الجيش السوري تتجه نحو تحصين النقاط الحيوية واحتواء أي تمدد جديد للتنظيمات المسلحة، ما يعكس حالة التأهب لتحديات ميدانية معقدة.

*إعادة انتشار واصطفاف جديد*


أعلنت القيادة العامة للجيش السوري، أن قواتها في درعا والسويداء نفذت عملية إعادة انتشار شاملة، مؤكدة أنها تأتي في إطار الحرص على حماية المواطنين وتعزيز الدفاعات في مواجهة التنظيمات المسلحة.


البيان الرسمي أوضح، أن هذه الخطوة تشمل إقامة طوق أمني مشدد حول المناطق المستهدفة، في وقت وصف فيه التنظيمات المسلحة بـ"الإرهابية" التي تسعى لإشغال الجيش وعرقلة جهوده في استعادة زمام المبادرة.


التحركات الأخيرة تزامنت مع اشتداد المواجهات في حمص وحماة، حيث تنفذ القوات السورية عمليات نوعية لاستعادة السيطرة على النقاط التي شهدت خروقات، بينما تشير التقارير إلى تركيز الجيش على مناطق استراتيجية تعد بوابة حيوية نحو العاصمة دمشق.

*ضربات عسكرية مكثفة*


مصادر عسكرية سورية أفادت بأن العمليات الميدانية في ريفي حماة وحمص تشهد تصعيداً غير مسبوق، مع استخدام المدفعية الثقيلة والصواريخ لضرب معاقل المسلحين وخطوط إمدادهم.


في ذات السياق، واصل الطيران الحربي السوري-الروسي تنفيذ ضربات دقيقة أسفرت عن تدمير عدد كبير من الآليات والقضاء على عشرات المسلحين، في محاولة للحد من تقدم التنظيمات المسلحة نحو نقاط حيوية. 


وفي السويداء، أكدت مصادر ميدانية، أن المسلحين استهدفوا مواقع حكومية حساسة، بما في ذلك السجن المركزي ومقرات الشرطة. تطورات أثارت قلقًا كبيرًا بشأن قدرة الجيش على السيطرة على الوضع، لا سيما مع الحديث عن تقدم التنظيمات نحو أطراف العاصمة دمشق.

*معبر نصيب*


التطورات الأخيرة في درعا، حيث سيطرت الفصائل المسلحة على معبر "نصيب-جابر" الحدودي مع الأردن، تُعد ضربة كبيرة للجيش السوري، لما يمثله المعبر من أهمية اقتصادية واستراتيجية.


مراقبون يرون أن فقدان السيطرة على هذا المعبر يشير إلى تغييرات جذرية في موازين القوى، مع احتمالية أن تعيد التنظيمات المسلحة ترتيب صفوفها لشن هجمات أكبر.


بالمقابل، أكدت القيادة العامة للجيش أنها مستمرة في تنفيذ عمليات نوعية لاستعادة المناطق المفقودة، مشددة على التزامها بحماية المدنيين وتجنيبهم ويلات الاشتباكات.

*خطوة مدروسة*


من جانبه، يقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية علي فضل الله: إن إعادة انتشار الجيش السوري في درعا والسويداء تمثل خطوة مدروسة تهدف لتعزيز المواقع الدفاعية في مواجهة التنظيمات المسلحة التي تحاول التمدد في الجنوب السوري.


ويشير فضل الله في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن هذه التحركات تعكس إدراك القيادة العسكرية لأهمية المناطق الجنوبية كخط دفاع استراتيجي عن دمشق.


ويضيف فضل الله، أن التحديات الرئيسية تكمن في قدرة التنظيمات المسلحة على استغلال الطبيعة الجغرافية لتلك المناطق لتحقيق مكاسب ميدانية سريعة، ما يجعل من الضروري تعزيز التنسيق بين الوحدات العسكرية المختلفة، مع تكثيف العمليات الجوية والضربات المدفعية لإضعاف قدرة التنظيمات على المناورة.
ويختتم الحسن حديثه بأن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد بشكل كبير على قدرة الجيش على التحرك بسرعة لتطويق التهديدات وإعادة السيطرة على النقاط الحيوية.

*نقطة تحول*


في السياق ذاته، يعتقد د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، أن التطورات الأخيرة في درعا والسويداء تشير إلى مرحلة جديدة في الصراع السوري، حيث باتت التنظيمات المسلحة تركز على تحقيق مكاسب سياسية من خلال السيطرة على معابر حدودية ومواقع حكومية حساسة.


ويعتبر المنجي، أن نجاح هذه التنظيمات في السيطرة على معبر "نصيب-جابر" يمثل نقطة تحول خطيرة قد تُستغل لفتح قنوات دعم إقليمي.


ويضيف المنجي - في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، أن إعادة انتشار الجيش في الجنوب لا يعكس ضعفاً بقدر ما يُظهر حرص دمشق على تقليل الخسائر البشرية بين المدنيين، وهو أمر تستفيد منه التنظيمات المسلحة لترويج رواياتها.


ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن الحل الأمثل يكمن في تفعيل الجهود الدبلوماسية، بالتوازي مع العمل العسكري، لتخفيف الضغوط على الجيش، خاصة في ظل تدخلات دولية قد تؤثر على توازن القوى في المنطقة.