استقالات دبلوماسية كبرى.. ترامب يعيد تشكيل الخارجية الأمريكية

استقالات دبلوماسية كبرى.. ترامب يعيد تشكيل الخارجية الأمريكية

استقالات دبلوماسية كبرى.. ترامب يعيد تشكيل الخارجية الأمريكية
ترامب

في خطوة تعكس رؤية جذرية لتغيير النهج الدبلوماسي الأمريكي، يشهد يوم تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب استقالات جماعية لعشرات الدبلوماسيين المحترفين من وزارة الخارجية، تأتي هذه الاستقالات بناءً على توجيهات فريق ترامب الانتقالي، في مسعى لإحداث قطيعة واضحة مع سياسات الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، تشمل هذه الخطوة رحيل أسماء بارزة خدمت لعقود في صلب العمل الدبلوماسي، ما يثير تساؤلات حول التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية الأمريكية، وبينما يصف فريق ترامب هذه التحركات بأنها ضرورية لتحقيق رؤيته الداعمة لشعار "أمريكا أولاً"، يرى محللون أنها قد تعيد رسم ملامح العلاقات الدولية للولايات المتحدة بشكل لم يسبق له مثيل. 

*إعادة تشكيل وزارة الخارجية*


يأتي قرار استقالات عشرات الدبلوماسيين المحترفين كجزء من استراتيجية الرئيس الجديد لإعادة ضبط وزارة الخارجية بما يتماشى مع أجندته السياسية.

ووفقًا لمسؤولين مطلعين، فإن هذه الخطوة تهدف إلى خلق فريق جديد يلتزم برؤية ترامب لتحويل السياسة الخارجية الأمريكية نحو أولويات داخلية وخارجية مختلفة، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وتشمل هذه الأولويات تعزيز المفاوضات بشأن الصراعات الدولية، مثل الحرب في أوكرانيا، وفرض تعريفات جمركية على الحلفاء والخصوم، وإنهاء التدخلات التي لا تخدم المصالح المباشرة للولايات المتحدة.

*الدبلوماسيون المغادرون*


تشمل قائمة المغادرين أسماء بارزة مثل: جون باس، وكيل الوزارة للإدارة، وجيف بيات، مساعد الوزير لموارد الطاقة.

تعتبر هذه الشخصيات من أعمدة الوزارة الذين عملوا على تطوير استراتيجيات طويلة الأمد تتعلق بالطاقة والدبلوماسية الإقليمية.

ورغم أن طلب الاستقالة هو إجراء معتاد عند انتقال السلطة، إلا أن حجم الاستقالات في هذه المرحلة يعكس إصرار إدارة ترامب على إعادة تشكيل الجهاز البيروقراطي ليعكس سياساته الطموحة. 

*سياسة القطيعة مع الماضي*


تُعد هذه الخطوة جزءًا من حملة ترامب لتفكيك ما وصفه بـ"الدولة العميقة"، التي يزعم أنها تتألف من مسؤولين بيروقراطيين يفتقرون إلى الولاء لرئاسته.

ومن المتوقع أن يختار ترامب مسؤولين مقربين من إدارته السابقة لتولي مناصب قيادية رئيسية، بهدف تسريع تنفيذ أجندته التي تشمل تعزيز الأولويات الوطنية على الساحة العالمية. 

*رؤية جديدة للدبلوماسية*


خلال جلسة تأكيده، شدد السيناتور ماركو روبيو، المرشح لتولي منصب وزير الخارجية، على ضرورة إعادة بناء نفوذ الوزارة في صنع القرار الدولي.

وأوضح روبيو لـ"واشنطن بوست"، أن الوزارة ستتبنى نهجًا أكثر تأثيرًا على الطاولة الدولية، مؤكدًا التزامه بتطبيق سياسات تركز على الابتكار والتنفيذ الفعال للأجندة الوطنية. 

بينما وصف بعض الدبلوماسيين المغادرين تعامل فريق ترامب بالاحترافية، أعرب آخرون عن قلقهم من تأثير هذا التغيير الجذري على استمرارية العمل الدبلوماسي الأمريكي. 

وأشار أحد المسؤولين، أنه كان مستعدًا لمواصلة العمل لضمان انتقال سلس، لكنه احترم قرار الإدارة الجديدة. 

في حين توقع مراقبون، أن تواجه وزارة الخارجية الأمريكية تحديات كبيرة في ملء الفراغ الناتج عن هذه الاستقالات، خصوصًا مع الحاجة إلى تأكيد تعيينات جديدة من قبل مجلس الشيوخ، وفقًا لـ"واشنطن بوست".

كما أن إعادة ترتيب الأولويات وتغيير مسار العلاقات الدولية سيشكلان تحديًا كبيرًا، لا سيما في ظل القضايا الحساسة مثل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وأزمة الهجرة، والعلاقات مع الحلفاء الأوروبيين. 

*الاستراتيجية القومية*


من جانبه، يرى د. طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن استقالات الدبلوماسيين الكبار تمثل انعطافة حاسمة في السياسة الخارجية الأمريكية، وتعتبر هذه الخطوة محاولة لتعزيز فكرة "الاستراتيجية القومية" التي يروج لها الرئيس الجديد.

وأشار فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن مثل هذه التغييرات الكبرى قد تؤدي إلى فقدان وزارة الخارجية الأمريكية لرصيدها من الخبرات المتراكمة، وهو ما قد ينعكس سلبًا على قدرتها على التكيف مع التحديات الدولية المعقدة، مثل النزاعات المسلحة والصراعات الاقتصادية.

ومع ذلك، يرى فهمي، أن الإدارة الجديدة قد تراهن على دبلوماسيين جدد لديهم استعداد أكبر لتنفيذ أجندة ترامب بدون مقاومة، ما قد يساعد في تسريع تحقيق أهدافه، ومع ذلك، يحذر فهمي من أن الاستغناء عن كوادر متمرسة قد يترك فراغًا يصعب ملؤه على المدى القصير.