غزة ذريعة وسيناء الهدف.. كيف تخطط جماعة الإخوان للعودة عبر بوابة الفوضى؟

غزة ذريعة وسيناء الهدف.. كيف تخطط جماعة الإخوان للعودة عبر بوابة الفوضى؟

غزة ذريعة وسيناء الهدف.. كيف تخطط جماعة الإخوان للعودة عبر بوابة الفوضى؟
جماعة الإخوان

لم تعد معارك جماعة الإخوان ضد الدولة المصرية تدور فقط في الخفاء أو خلف شاشات الفضائيات المعارضة، بل انتقلت إلى مستوى جديد من الاستفزاز والتنسيق العابر للحدود، فقد كشفت تحركات وظهور عدد من القيادات الإخوانية في تركيا وإسرائيل عن استراتيجية متشابكة، لا تكتفي بالتحريض، بل توظف أدوات الضغط الدبلوماسي والإعلامي وحتى التلويح بـ"الاحتلال" كوسيلة تغيير سياسي في مصر، من حصار سفارات مصر في الخارج إلى تبرير احتلال سيناء، تتكشف أبعاد حملة غير تقليدية تقودها عناصر متصلة بشبكات إعلامية منظمة وممولة، تسعى لتقويض صورة الدولة المصرية وتشويه موقفها من معبر رفح، هذه التحركات، التي تجري بتنسيق دقيق وتوقيت مدروس، لا تعكس مجرد احتجاجات معزولة، بل تبدو كجزء من أجندة أوسع لإرباك المشهد السياسي المصري إقليميًا، وتحويل معاناة غزة إلى ورقة ضغط على القاهرة، في مشهد يعيد طرح الأسئلة حول العلاقة الغامضة بين بعض المعارضين المصريين ومراكز النفوذ في إسرائيل وتركيا.

*علاقات إخوانية - صهيونية*


في مشهد غير مسبوق، بدأت تتكشف خيوط حملة منسقة تقودها شخصيات إخوانية مقيمة في تركيا وإسرائيل، تستهدف الدولة المصرية عبر سلسلة من التحركات العلنية، تراوحت بين حصار السفارات المصرية في الخارج، وتبرير نظريات صادمة تتحدث عن "أهمية احتلال سيناء" من قبل إسرائيل كأداة لتغيير النظام السياسي في مصر.

القيادي الإخواني محمد إلهامي، أحد مؤسسي منصة "ميدان"، المعروفة بخطابها التحريضي، ظهر في مقطع مصور متداول ليقدم ما يمكن اعتباره أخطر تصريح سياسي علني صادر عن شخصية محسوبة على تيار الإسلام السياسي منذ سنوات. إذ اعتبر أن من علامات "نجاح الثورة" في مصر دخول الاحتلال الإسرائيلي إلى سيناء، واصفًا ذلك بأنه "خطوة سيئة على المدى القصير لكنها جيدة على المدى البعيد". تصريح صادم، قوبل برفض شعبي واسع، لكنه عكس تحولًا جذريًا في الخطاب السياسي للجماعة التي طالما ادعت أنها "مناهضة للصهيونية".

هذا التصريح لم يأت في سياق منفصل، بل تزامن مع تحركات ميدانية أخرى، كان أبرزها ظهور القيادي الإخواني أبو بكر خلاف، الصحافي الذي زار إسرائيل عدة مرات وعمل مراسلًا من تركيا لصالح قناة «i24» الإسرائيلية، وهو أمر يثير علامات استفهام كبرى حول شبكة العلاقات الإخوانية الإسرائيلية.

خلاف، الذي يقود شبكة إعلامية مقرها إسطنبول وتضم أكثر من ألف صحافي، ظهر مؤخرًا بصحبة أدهم حسنين، أحد المنظمين لمحاولات اقتحام السفارات المصرية في أوروبا، وتحديدًا في هولندا وماليزيا وتركيا.

*المفارقة الأكبر*


في تل أبيب، تجمّع العشرات أمام السفارة المصرية، بدعوة من اتحاد أئمة المساجد في الداخل الفلسطيني، مطالبين بفتح معبر رفح. 

المظاهرة التي نُظّمت على بعد أمتار من السفارة، رفعت شعارات حادة ضد مصر، واتهمت القاهرة بالضلوع في "حصار غزة"، بينما رفع المتظاهرون العلم الإسرائيلي، في مفارقة لافتة تكشف تحوّل أدوات الخطاب السياسي للجماعة.

المفارقة الأكبر أن هذا الحراك لم يأت من داخل الأراضي الفلسطينية، بل بتحفيز من عناصر إخوانية تعمل في الخارج، ما يدفع للتساؤل حول حقيقة الدور الذي تلعبه هذه الشخصيات، وحدود التنسيق بينها وبين جهات إقليمية تتقاطع مصالحها في الضغط على مصر.

الجهات الأمنية في تركيا وماليزيا تمكنت من توقيف عدد من المتورطين في هذه المحاولات، وكان من بينهم الشاب الإخواني مروان مجدي، أحد المشاركين في عملية اقتحام سفارة مصر في كوالالمبور، ورغم هذه التوقيفات، لا يزال التنسيق بين هذه العناصر مستمرًا، وسط صمت من بعض الحكومات المستضيفة.

وتقول مصادر أمنية مصرية: إن هذه التحركات تهدف بالأساس إلى التغطية على الجهة الحقيقية المتسببة في مأساة غزة، وصرف النظر عن سيطرة إسرائيل على المعبر من الداخل، وتحويل القاهرة إلى شماعة جاهزة، رغم دورها المحوري في إدخال المساعدات عبر معبر رفح وعمليات الإنزال الجوي الأخيرة.

أما من الناحية الإعلامية، فإن شبكة "محرري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، التي يديرها أبو بكر خلاف، تُمثّل ذراعًا استراتيجية للجماعة في الترويج لسردياتها، وتعمل من خلال مكتب مجهّز في أحد الأبراج الفاخرة بإسطنبول، بجوار قناة "مكملين"، لبث تقارير وتحقيقات تُستخدم لاحقًا في حملات التشويه ضد الدولة المصرية.

*التمكين بأي ثمن*


من جانبه، يرى إبراهيم ربيع، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن ما ظهر مؤخرًا من تصريحات وتحركات لقيادات إخوانية في الخارج، يكشف عن تحوّل استراتيجي خطير في تكتيكات الجماعة، يقوم على فكرة "نزع القداسة عن السيادة الوطنية" وتوظيف كل ما يمكن توظيفه -حتى الاحتلال- كوسيلة لإسقاط الدولة.

وأضاف ربيع -في تصريحات لـ"العرب مباشر"-، أن تصريح محمد إلهامي بشأن احتلال سيناء، لا يمكن قراءته بوصفه سقطة فردية، بل هو امتداد لخطاب عقائدي يتبنى مبدأ التمكين بأي ثمن، ولو على حساب الأرض والهوية.

الجماعة اليوم في مأزق سياسي وتنظيمي بعد خسارتها الحاضنة الشعبية، وتسعى لاسترداد تأثيرها عبر افتعال صراعات خارجية وربطها بمعاناة قطاع غزة، في محاولة لخلط الأوراق وشيطنة الدولة المصرية أمام الرأي العام العربي والدولي".

ويشير ربيع، أن التحركات أمام السفارات، خاصة في تل أبيب، تكشف عن مستوى غير مسبوق من التناقض، حيث تتقاطع شعارات "العداء للصهيونية" مع واقع تعاون ضمني واستثمار في ورقة "الاحتلال" سياسيًا وإعلاميًا، مضيفًا: "هذه ليست معارضة تقليدية، بل مشروع بديل للدولة، يتغذى على الفوضى، ويجيد استخدام المساحات الرمادية في ساحات الخارج".