غزة تتحدى الدمار.. الفلسطينيون يعودون عبر طريق الموت
غزة تتحدى الدمار.. الفلسطينيون يعودون عبر طريق الموت

على طول طريق صلاح الدين، اصطفت السيارات والعربات المحملة بالأمتعة، اليوم الأحد، في مشهد غير معتاد، حيث عاد سكان غزة إلى مناطقهم عبر مفترق نتساريم، الذي كان حتى وقت قريب رمزًا للدمار والموت.
بعد أكثر من 15 شهرًا من القصف والحصار، انسحبت القوات الإسرائيلية من هذا المحور الاستراتيجي، لتفتح الطريق أمام آلاف النازحين الراغبين في استعادة ما تبقى من منازلهم، ولو كانت مجرد أنقاض.
خروج الجيش الاسرائيلي.. وعودة الفلسطينيين
في أعقاب الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها الشهر الماضي، قلص الجيش الإسرائيلي وجوده في قطاع غزة، وكان الانسحاب من ممر نتساريم وطريق صلاح الدين خطوة لافتة، تزامنت مع خامس عملية لتبادل الرهائن والمعتقلين.
لكن المفاجأة لم تكن فقط في الانسحاب الإسرائيلي، بل في الاتجاه الذي اتخذته حركة السير، حيث اختار معظم العائدين التوجه شمالًا، إلى مناطقهم الأصلية، رغم الدمار الهائل الذي حل بها.
هذا التدفق يعاكس تمامًا ما ألمح إليه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عندما تحدث عن خطط لإعادة تشكيل غزة، عبر تهجير سكانها وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
"الطريق كان يعني الموت"
طوال أشهر الحرب، كان المرور عبر محور نتساريم بمثابة انتحار، إذ شكل نقطة اشتباك رئيسية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، وكان يستهدف بالقصف على مدار الساعة، لكن اليوم، أصبح الطريق متاحًا أمام العائلات التي تأمل في العثور على ما تبقى من منازلها.
مشاهد الدمار.. وآمال الإعمار
في شارع الشهداء، الذي يمر أيضًا عبر ممر نتساريم، بدت آثار الحرب واضحة للعيان، منازل مهدمة، مبانٍ جامعية تحولت إلى ركام، وحفر ضخمة في الطرقات نتيجة القصف المستمر.
وبدأت فرق محلية، بإمكانيات محدودة، في إزالة بعض الركام وفتح المسارات جزئيًا، بينما يحاول السكان التأقلم مع الواقع الجديد.
ما بعد الانسحاب.. هل ينتهي الخطر؟
رغم انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم، إلا أن مستقبل غزة ما يزال غامضًا، فالدمار واسع، والمخاوف من تجدد العمليات العسكرية قائمة، لكن المشهد اليوم يبعث برسالة واضحة: "سكان غزة باقون في أرضهم، رغم كل ما حدث".
وبينما تترقب المنطقة تطورات المشهد السياسي والعسكري، يبقى السؤال هل يمثل انسحاب إسرائيل من هذا المفترق خطوة نحو تهدئة دائمة، أم أنه مجرد تحرك تكتيكي في حرب لم تضع أوزارها بعد.
ويقول الباحث السياسي الدكتور هاني المصري: إن انسحاب إسرائيل من محور نتساريم يُعدّ اعترافًا ضمنيًا بفشل المشروع الاستعماري في غزة، ويشير أن هذا الانسحاب قد يكون بمثابة بروفة مصغرة لنهاية المشروع الصهيوني على الأرض الفلسطينية.
وأضاف المصري - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إن هذا الانسحاب قد يكون تكتيكيًا ويهدف إلى إعادة تموضع القوات الإسرائيلية، مع احتمال العودة إلى هذه المناطق إذا استدعت الظروف ذلك، وبشكل عام، تتباين التفسيرات حول هذا الانسحاب بين كونه خطوة تكتيكية أو اعترافًا بفشل استراتيجي، ويظل مرهونًا بالتطورات الميدانية والسياسية المستقبلية.