القواعد العسكرية الروسية في سوريا تثير أزمة في واشنطن.. ماذا يحدث خلف الكواليس؟
القواعد العسكرية الروسية في سوريا تثير أزمة في واشنطن.. ماذا يحدث خلف الكواليس؟

تواجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تحديات كبيرة في تحديد كيفية التعامل مع الوجود العسكري الروسي في سوريا، خصوصًا فيما يتعلق بإمكانية طلب الحكومة الانتقالية السورية الجديدة إزالة القوات الروسية من قاعدة بحرية وجوية في البلاد.
وأكد موقع "ذا هيل" الأمريكي، أن العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا تمنح واشنطن تأثيرًا كبيرًا على الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، حيث قدم المسؤولون الأمريكيون إلى ممثلي الشرع قائمة بالشروط التي يجب على الحكومة السورية الوفاء بها من أجل الحصول على تخفيف من العقوبات، ومع ذلك، لم تتضمن تلك الشروط مطالبة الحكومة السورية بإزالة القوات الروسية من أراضيها.
جدل أمريكي
وأوضح مصدر مطلع على الوضع، أنه هناك "جدل واسع داخلي داخل الإدارة الأمريكية بشأن الموقف الذي يجب اتخاذه تجاه القاعدة الروسية".
وأضاف المصدر: أن هذه القضية نوقشت في وزارة الخارجية والبيت الأبيض، حيث كان هناك بعض الضغوط من قبل بعض المسؤولين لإزالة القاعدة الروسية، إلا أن هذا المطلب لا يُعتبر حاليًا من شروط رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
الصراع الجيوسياسي في المنطقة
وأشار الموقع الأمريكي، أن وجود روسيا في سوريا يعد نقطة توتر إضافية في سياق محاولات ترامب لدفع موسكو إلى التفاوض بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
ففي مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 18 مارس 2025، حول الوضع في أوكرانيا، تحدث ترامب بشكل عام عن منطقة الشرق الأوسط "كمنطقة من الممكن التعاون فيها من أجل منع نشوء نزاعات مستقبلية"، ولكن في الوقت ذاته، أصبح ترامب يشعر بالإحباط بشكل متزايد من رفض بوتين وقف القتال مع كييف، ما دفعه إلى التهديد بفرض مزيد من العقوبات.
وفي المقابل، يرى بعض الشخصيات المؤثرة في الكونغرس الأمريكي أن إزالة الوجود العسكري الروسي من سوريا ستكون خطوة سهلة بالنسبة للشرع، وستعطي الولايات المتحدة مكاسب جيوسياسية كبيرة في المنطقة.
وقال النائب جو ويلسون من ولاية كارولاينا الجنوبية: "آمل أن يتم بذل كل جهد لإزالة القاعدة البحرية الروسية في طرطوس وكذلك القاعدة الجوية الروسية في سوريا".
أما السيناتور جيم ريش من ولاية إيداهو، الذي يشغل منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، فقد تبنى موقفًا أكثر حذرًا، حيث قال: إن ابتعاد دمشق عن روسيا وداعميها مثل: الصين وإيران وكوريا الشمالية سيكون في مصلحة الولايات المتحدة.
التحديات الاقتصادية والسياسية
في حين يرى البعض أن الحكومة السورية الجديدة تمثل تحسنًا نسبيًا عن النظام السابق، إلا أن التحديات التي تواجهها هذه الحكومة ما تزال كبيرة، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها سوريا، بالإضافة إلى العقوبات الدولية المستمرة المفروضة على النظام السوري السابق.
في فبراير 2025، قدمت روسيا مساعدات مالية تقدر بحوالي 23 مليون دولار بالعملة السورية إلى البنك المركزي في دمشق، ما ساعد الحكومة الانتقالية الجديدة في ظل غياب مانحين آخرين بسبب المخاوف من التعرض للعقوبات الأمريكية.
كما بدأت روسيا في شحن النفط والغاز إلى سوريا في محاولة للحفاظ على وجودها العسكري في المنطقة، في وقت تواجه فيه الحكومة السورية أزمة حادة في قطاع الطاقة بسبب غياب القدرة على تطوير احتياطياتها النفطية الخاصة.
ومن جهة أخرى، تشير التقارير أن الرئيس الروسي بوتين يسعى إلى تعزيز علاقاته مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الشرع في وقت تواجه فيه هذه الحكومة أزمة اقتصادية خانقة. حيث أرسلت روسيا في فبراير 2025 المساعدات المالية إلى سوريا في محاولة لدعم الحكومة الجديدة، وذلك في ظل غياب المساعدات من دول أخرى بسبب القلق بشأن العقوبات الأمريكية.
وفي هذا السياق، بدأت روسيا أيضًا في شحن النفط والغاز إلى سوريا لمساعدة الحكومة في مواجهة نقص الطاقة الحاد.
استراتيجية أمريكية جديدة لسوريا
ويعتقد بعض المحللين، أن إدارة ترامب بحاجة إلى إعادة تقييم سياستها تجاه سوريا في ضوء المتغيرات الجديدة في المنطقة.
وفقًا لمواذ مصطفى، المدير التنفيذي لمجموعة العمل السوري الطارئ، فإن الإدارة الأمريكية لديها فرصة لتحويل سوريا إلى حليف استراتيجي للولايات المتحدة من خلال التعاون مع الحكومة الانتقالية الجديدة.
وفي هذا الإطار، يرى مصطفى أن رفع العقوبات سيكون خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار في سوريا، وهو ما سيمنح الحكومة السورية فرصة لإعادة بناء الدولة وتقديم الخدمات الأساسية لشعبها.