البنتاغون يمنع أوكرانيا سرًّا من استخدام الأسلحة بعيدة المدى ضد روسيا

البنتاغون يمنع أوكرانيا سرًّا من استخدام الأسلحة بعيدة المدى ضد روسيا

البنتاغون يمنع أوكرانيا سرًّا من استخدام الأسلحة بعيدة المدى ضد روسيا
ترامب وزيلينسكي

في خطوة لم يتم الإعلان عنها بشكل علني، كشف مسؤولون أمريكيون أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تمنع منذ أشهر أوكرانيا من استخدام الصواريخ بعيدة المدى لتوجيه ضربات داخل الأراضي الروسية، مما يحد من قدرة كييف على استخدام سلاح قوي في مواجهتها للهجمات الروسية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات. 


وأكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن هذه القيود تأتي في إطار جهود البيت الأبيض لإقناع الكرملين ببدء مفاوضات سلام، في محاولة لإنهاء الصراع الدائر بين البلدين.


ووفقًا لمصادر رسمية، فإن البنتاغون أنشأ إجراء موافقة عالي المستوى لم يُعلن عنه سابقًا، يمنع أوكرانيا من إطلاق أنظمة الصواريخ التكتيكية البرية الأمريكية الصنع (ATACMS)، التي يصل مداها إلى حوالي 190 ميلًا، ضد أهداف داخل روسيا منذ أواخر الربيع الماضي. 


وفي إحدى الحالات على الأقل، تقدمت أوكرانيا بطلب لاستخدام هذه الصواريخ ضد هدف في الأراضي الروسية، لكن الطلب قوبل بالرفض من قبل الولايات المتحدة، وفقًا لما أكده مسؤولان أمريكيان.

آلية المراجعة ودور البنتاغون


تم تطوير هذا الإجراء، المعروف بـ"آلية المراجعة"، بواسطة إلبريدج كولبي، وكيل وزارة الدفاع للسياسات، بهدف تقييم طلبات كييف لاستخدام الأسلحة بعيدة المدى الأمريكية الصنع، إلى جانب الأسلحة التي قدمتها الدول الأوروبية الحليفة والتي تعتمد على المعلومات الاستخباراتية والمكونات الأمريكية.


ويمنح هذا الإجراء وزير الدفاع بيت هيغسيث السلطة النهائية لاتخاذ القرار بشأن ما إذا كان يمكن لأوكرانيا استخدام صواريخ ATACMS لضرب أهداف داخل روسيا.


وتأتي هذه القيود في سياق سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا. 


وفي هذا الصدد، أكدت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في بيان رسمي أن الرئيس ترامب كان واضحًا في رغبته بإنهاء الصراع، مشيرة إلى أنه لم يطرأ أي تغيير في الموقف العسكري بين روسيا وأوكرانيا في الوقت الحالي، وأن وزير الدفاع هيغسيث يعمل بالتنسيق الكامل مع الرئيس. ولم يصدر أي رد من البنتاغون أو المسؤولين الأوكرانيين على طلبات التعليق.

تراجع عن سياسات بايدن


يمثل هذا الإجراء تراجعًا عن قرار اتخذته إدارة الرئيس السابق جو بايدن في عامه الأخير في المنصب، والذي سمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ ATACMS لضرب أهداف داخل روسيا.


بدأت الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بمئات من هذه الصواريخ منذ عام 2023، مع فرض قيود أولية على استخدامها داخل الأراضي الروسية. 


وفي خريف عام 2024، تم رفع هذه القيود بعد دخول قوات كورية شمالية إلى جانب روسيا في الحرب. 


ومع ذلك، فإن آخر دفعة من صواريخ ATACMS التي وافقت عليها إدارة بايدن وصلت إلى أوكرانيا في الربيع الماضي، وتبقى لدى كييف كمية محدودة من هذه الصواريخ، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.

تصريحات ترامب وتأثيرها


في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس، أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أن أوكرانيا لا يمكنها الانتصار في الحرب دون "اللعب بقوة"، مؤكدًا أنه من الصعب، إن لم يكن مستحيلًا، الفوز في حرب دون مهاجمة الدولة الغازية. 


ومع ذلك، أوضح مسؤولون أمريكيون أن هذا التصريح لا يعكس تغييرًا في السياسة الحالية، التي تتطلب موافقة البنتاغون على أي عمليات هجومية بعيدة المدى باستخدام الأسلحة الغربية. 


أشار مسؤول كبير في البيت الأبيض إلى أن ترامب قد يغير رأيه مستقبلًا بشأن تسهيل عمليات هجومية موسعة ضد روسيا.


وفي تصريح سابق خلال فترة ترشحه للرئاسة، وصف ترامب قرار بايدن بالسماح لأوكرانيا بمهاجمة روسيا بأنه "غبي"، مشيرًا في مقابلة مع مجلة "تايم" في ديسمبر إلى أن هذه الخطوة تؤدي إلى تصعيد الحرب وتفاقمها.

دور الأسلحة بعيدة المدى


على الرغم من أن صواريخ ATACMS الأمريكية وصواريخ ستورم شادو البريطانية لم تُحدث تغييرًا جذريًا في مسار الحرب، إلا أنها مكّنت أوكرانيا من تهديد مراكز القيادة والسيطرة الروسية والمطارات العسكرية البعيدة عن خطوط الجبهة، في وقت تواصل فيه موسكو الاستفادة من تفوقها في القوى البشرية والأسلحة والموارد. 


وتخضع صواريخ ستورم شادو أيضًا لإجراءات المراجعة الأمريكية، نظرًا لاعتمادها على بيانات الاستهداف الأمريكية، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وبريطاني. ورفضت الحكومة البريطانية التعليق على هذا الأمر.

جهود دبلوماسية وسياسية


هدد ترامب بزيادة العقوبات على الكرملين وفرض رسوم جمركية على شركائه التجاريين الرئيسيين ما لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار. لكن هذا القرار تم تأجيله بعد قمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أقنع الأخير ترامب بجديته في السعي نحو السلام. 


وفي يوليو الماضي، تعهد ترامب بتزويد كييف بأسلحة جديدة، بشرط أن تتحمل أوروبا تكاليفها، وذلك بعد توقف مؤقت في شحنات الأسلحة الأمريكية لتقييم مخزونات البنتاغون.

دعم عسكري جديد 


في الأسبوع الماضي، وافقت إدارة ترامب على بيع 3350 صاروخًا من طراز ERAM (صواريخ هجومية ممتدة المدى) يتم إطلاقها من الجو، ومن المتوقع أن تصل إلى أوكرانيا خلال حوالي ستة أسابيع.

تبلغ قيمة حزمة الأسلحة هذه 850 مليون دولار، ويتم تمويلها بشكل رئيس من قبل الدول الأوروبية، وقد تأخرت حتى انتهاء قمم ترامب مع بوتين وزيلينسكي.


وأكد مسؤولون أمريكيون أن استخدام هذه الصواريخ، التي يتراوح مداها بين 150 و280 ميلًا، سيخضع أيضًا لموافقة البنتاغون.