هل يغيّر الحرس الوطني موازين القوى في الجنوب السوري؟.. خبراء يُجيبون
هل يغيّر الحرس الوطني موازين القوى في الجنوب السوري؟.. خبراء يُجيبون

في ظلّ حالة التوتر الأمني التي تشهدها محافظة السويداء منذ أشهر، وما ترتب عليها من فراغ أمني واسع بعد تراجع نفوذ مؤسسات الدولة السابقة، أعلنت مجموعة من الفصائل المحلية توحيد صفوفها تحت مسمى "الحرس الوطني".
هذه الخطوة تعكس محاولة منظمة لإعادة ضبط المشهد الأمني والعسكري في الجبل، وسط مخاوف متزايدة من الانزلاق نحو فوضى أو استهداف خارجي من قبل جماعات متطرفة تنشط في البادية السورية.
توحيد الفصائل تحت لواء "الحرس الوطني"
أعلنت فصائل محلية عدة في السويداء، السبت، اندماجها ضمن تشكيل عسكري جديد أُطلق عليه اسم "الحرس الوطني"، بهدف توحيد الجهود العسكرية والأمنية في المحافظة.
وبحسب بيانات صادرة عن الفصائل، فإن الهدف الأساسي من هذا الاندماج هو إنشاء قوة منظمة وصلبة تُعنى بحماية السكان وصون الاستقرار الداخلي.
مرجعية روحية وشرعية
أكد البيان الصادر عن المكتب الإعلامي للحرس الوطني أن الفصائل المنضمة تلتزم التزامًا مطلقًا بقرارات الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، المتمثلة بالشيخ حكمت الهجري، واعتبارها الجهة الشرعية الوحيدة لتمثيل الجبل.
وأضاف البيان: "نعلن اندماجنا الكامل في إطار الحرس الوطني باعتباره المؤسسة العسكرية الرسمية الممثلة للطائفة، ونجدد العهد على الدفاع عن الجبل بكل الوسائل المتاحة".
استجابة لفراغ أمني خطير
مصدر من إحدى الفصائل أوضح في تصريحات صحفية محلية، أن هذا التشكيل الجديد جاء كاستجابة للواقع الأمني المتدهور في المحافظة، خصوصاً بعد انتشار السلاح بشكل عشوائي وتزايد التهديدات من التنظيمات المتطرفة المنتشرة في المناطق الصحراوية القريبة.
مهام الحرس الوطني
وبحسب ما أُعلن، فإن الحرس الوطني سيتولى عددًا من المهام الاستراتيجية، في مقدمتها ضبط الأمن الداخلي والحفاظ على الاستقرار في المدن والقرى ومنع الفلتان الأمني، إلى جانب حماية القرى والبلدات من أي عمليات إجرامية أو هجمات خارجية. كما يشمل دوره مراقبة الحدود مع البادية لمنع التهريب وتسلل المسلحين، مع العمل على إرساء طابع مؤسسي ومنظم للنشاط العسكري والأمني في المحافظة، بما يتيح مستقبلًا دمجه في أي هيكل أمني قد ينشأ في إطار دولة سورية جديدة.
نحو مؤسسة عسكرية منظمة.. سيناريوهات متوقعة
يرى القائمون على المبادرة أن تشكيل الحرس الوطني ليس مجرد اندماج عسكري، بل خطوة باتجاه بناء مؤسسة أمنية متماسكة تعكس مصالح أبناء السويداء، وتمنح العمل العسكري طابعًا مؤسسيًا قد يكون نواة لأي مشروع أمني في إطار سوريا المستقبل.
ويرى المحلل السوري الدكتور سامر العلي، أن تشكيل الحرس الوطني في السويداء يمثل "تطورًا نوعيًا في مسار الحراك المحلي، إذ يعكس إدراكًا متزايدًا لضرورة إيجاد قوة منضبطة قادرة على ملء الفراغ الأمني بعد غياب مؤسسات الدولة".
وأضاف العلي - في تصريحات لـ"العرب مباشر" - أن هذا التشكيل "قد يُشكّل نقطة توازن في الجنوب السوري، ليس فقط من حيث ضبط الأمن الداخلي، وإنما أيضًا لكونه يمهّد لظهور نموذج جديد من التنظيم المحلي القائم على المرجعية الروحية والاجتماعية".
كما توقع أن يكون للحرس الوطني دور في أي تسوية سياسية مستقبلية، خاصة إذا ما نجح في إثبات قدرته على إدارة الملف الأمني ومنع الفوضى، الأمر الذي قد يمنحه موقعًا تفاوضيًا مؤثرًا في المعادلة السورية الأوسع.
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي السوري فادي مراد أن ولادة الحرس الوطني "تعكس تحوّلًا عميقًا في طبيعة الفصائل المحلية، من مجموعات متفرقة ذات طابع عشائري أو مناطقي إلى كيان أكثر تنظيمًا يملك خطابًا سياسيًا وأمنيًا موحدًا".
وأشار مراد - في تصريحات لـ"العرب مباشر" - إلى أن "هذا التطور قد يفتح الباب أمام توازنات جديدة في الجنوب، خصوصًا إذا حصل التشكيل على دعم لوجستي أو سياسي من قوى إقليمية تسعى إلى منع تمدد التنظيمات المتطرفة في المنطقة".
لكنه حذر في الوقت نفسه من أن "نجاح الحرس الوطني يبقى مرهونًا بمدى قدرته على الحفاظ على استقلاليته وعدم تحوله إلى أداة بيد أي طرف خارجي".