محلل سياسي: الشائعات في السودان أصبحت جزءًا من معركة كسر الإرادة
محلل سياسي: الشائعات في السودان أصبحت جزءًا من معركة كسر الإرادة

مع دخول الحرب في السودان أكثر من عامين، تزداد خطورة الشائعات والأكاذيب التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتتحول إلى أداة حرب موازية تسهم في تأجيج النزاع وتعميق الانقسام بين المواطنين.
وبحسب متابعين، فإن منصات التواصل تحولت إلى ساحة مفتوحة لبث معلومات غير دقيقة عن سير العمليات العسكرية أو مواقف القوى السياسية، وهو ما يخلق حالة من البلبلة والارتباك وسط الشارع السوداني. وأكد خبراء إعلاميون أن بعض الأطراف المتصارعة توظف هذه الحملات المضللة لكسب التعاطف الشعبي أو للتأثير على الروح المعنوية للخصوم، في وقت يفتقد فيه المواطن إلى مصادر موثوقة للمعلومة بسبب تدهور البنية التحتية الإعلامية وتعطل الكثير من وسائل الإعلام المحلية.
كما أشار مراقبون إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الأخبار الكاذبة يُركز على الأوضاع الإنسانية وحركة النزوح، ما يُؤدي إلى تضليل المجتمع الدولي وصعوبة توجيه المساعدات بشكل صحيح. وفي هذا السياق، دعت منظمات حقوقية إلى ضرورة تعزيز الإعلام المستقل والميداني، لمواجهة "حرب المعلومات" التي لا تقل خطورة عن العمليات العسكرية على الأرض.
ويرى محللون أن غياب جهة مركزية قادرة على ضبط تدفق المعلومات الرسمية يزيد من تفشي الإشاعات، مما يُهدد النسيج الاجتماعي ويغذي خطاب الكراهية بين المجتمعات المحلية. ومع استمرار المعارك، تبدو الحاجة ملحة لخطاب إعلامي مسؤول يضع مصلحة المواطن فوق أي اعتبارات سياسية أو عسكرية، ويُساهم في منع تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها السودان منذ اندلاع الحرب.
وأكد المحلل السياسي السوداني د. محمد الطيب أن الشائعات والأكاذيب التي تنتشر على نطاق واسع في السودان منذ اندلاع الحرب تحولت إلى "سلاح خطير" يُوازي في تأثيره العمليات العسكرية.
وقال - في تصريحات لـ"العرب مباشر" - : إن الأطراف المتصارعة تُوظف المعلومات المضللة للتأثير على الروح المعنوية للمدنيين والخصوم على حد سواء، مشيرًا إلى أن بعض الأخبار الزائفة تُستخدم لإشعال الفتنة القبلية وزيادة حالة الاستقطاب السياسي.
وأوضح أن غياب المؤسسات الإعلامية الوطنية المستقلة وتراجع قدرة الدولة على ضبط الخطاب العام سمح بانتشار هذه الحملات المضللة بشكل غير مسبوق، مما جعل المواطن السوداني أمام تحدٍ يومي في التمييز بين الحقيقة والدعاية وأضاف أن الشائعات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية، خصوصًا حركة النزوح وتوزيع المساعدات، تسببت في إرباك المجتمع الدولي والمنظمات العاملة في المجال الإغاثي.
وشدد على أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب تعاونًا بين الإعلام المهني والمجتمع المدني، إلى جانب تعزيز دور المنصات المستقلة التي تقدم معلومات موثوقة بعيدًا عن التسييس. واعتبر أن "معركة الوعي" لا تقل أهمية عن المعركة الميدانية، وأن هزيمة الشائعات جزء أساسي من أي مسار نحو السلام والاستقرار في السودان.