شبح داعش أم فبركات خبيثة.. الحكومة السورية تتصدى لشائعات اغتيال الشرع

شبح داعش أم فبركات خبيثة.. الحكومة السورية تتصدى لشائعات اغتيال الشرع

شبح داعش أم فبركات خبيثة.. الحكومة السورية تتصدى لشائعات اغتيال الشرع
أحمد الشرع

تشهد العاصمة السورية دمشق تصاعدًا ملحوظًا في موجة من الشائعات والتحريض الطائفي، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات أمنية معقدة تهدد استقرارها الداخلي. 

في قلب هذه الأحداث، نفت وزارة الإعلام السورية بشكل قاطع الأخبار التي تناولت محاولة اغتيال الرئيس أحمد الشرع خلال زيارته لمدينة درعا في عيد الأضحى، مؤكدة أن هذه الأنباء لا أساس لها من الصحة، تأتي هذه التصريحات وسط تقارير إعلامية متضاربة زعمت تورط خلايا تابعة لتنظيم داعش في التخطيط لاغتيال الشرع، ما أثار حالة من القلق والتوتر في الأوساط السياسية والأمنية، في ظل هذه الأجواء، تتصاعد المخاوف من استغلال جهات خارجية للثغرات الأمنية في البلاد، في ظل هشاشة بعض الأجهزة الأمنية وعودة نشاط التنظيمات المتطرفة، ما يضع السلطة السورية أمام تحديات جسيمة على عدة جبهات.

*اغتيال وشيك ونفي قاطع*


شهدت منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي، خلال الأيام القليلة الماضية، انتشارًا واسعًا لشائعات تفيد بتعرّض الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، لمحاولة اغتيال وشيكة أثناء زيارته إلى مدينة درعا جنوب البلاد، بالتزامن مع احتفالات عيد الأضحى.

وتُرجمت هذه المزاعم بشكل واسع في صحف عربية، وأبرزها صحيفة "إسرائيل هيوم"، التي زعمت أن جهات أمنية بينها الجيش السوري والاستخبارات التركية، أحبطت خلية تابعة لتنظيم "داعش"، قبل يوم من الزيارة، هذه الرواية تزامنت مع تقارير تحدثت عن اعتقال قائد الخلية المطلوب.

لكن سرعان ما خرجت وزارة الإعلام السورية، يوم الأحد، لتنفي القصة بشكل قاطع. وأكد مصدر رسمي وفق وكالة سانا، أن الحديث عن محاولة اغتيال مفبرك بالكامل، ودعا المصدر الإعلاميين ومرتادي وسائل التواصل إلى التحقق من مصادرهم، وحذر من مغبة الانجرار خلف أخبار مغرضة تهدف إلى زعزعة الأمن المجتمعي.

*شائعات تتكرر في بيئة مضطربة*


ليست هذه المرة الأولى التي تُنتج فيها الشائعات الأمنية في سوريا أخطارًا رمزية أو فعلية، فبحسب مصادر مطلعة، فإن الشرع تعرض لما لا يقل عن محاولتي اغتيال منذ توليه منصبه في ديسمبر 2024، بما في ذلك في مارس الماضي.

وقد أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، وجود تهديدات جدية تطاله، لكونه يقود عملية إصلاحات سياسية ذات أبعاد متعددة تشمل فتح ملف المصالحة الدينية وتوطيد علاقات دولية، ما يجعله هدفًا للمجموعات المتشددة التي أبدت استياءها من الخطوات الإصلاحية .

*تحديات الواقع الأمني*


من جانبهم يرى مراقبون، أن الهدف من هذه الدعاوى التحريضية هو إثارة القلق بين جمهور السوريين، واستغلال التوتر الطائفي لتكريس انقسام داخلي، فعلى خلفية ارتفاع الحساسيات إثر هجمات مثل التفجير الانتحاري في إحدى كنائس دمشق، وادعاءات تفيد بقتل عراقي مسن في منطقة السيدة زينب بدوافع طائفية، تساهم هذه الأكاذيب في توتير الأجواء المجتمعية.

وبالرغم من النفي الرسمي، يواجه النظام تهديدات حقيقية من تنظيم "داعش" الذي أظهر مؤخرًا قدرة على التحرك في محافظات عدة، بما فيها درعا وريف حماة، إلى جانب ذلك، تشهد البلاد حالة من انفلات أمني جزئي بسبب انضمام عناصر سابقين من فصائل النظام والمليشيات المدعومة إيرانيًا، بالإضافة إلى نشاطات الفصائل المستقلة غير النظامية.

وكشف اللواء عبد القادر طحان، معاون وزير الداخلية للشؤون الأمنية، أن "جهات خارجية" تسعى لتغذية هذه الفوضى عبر "فلول النظام البائد"، داعيًا إلى ضبط النفس وسد الفجوات الأمنية قبل تفاقم المشهد، وفق منشور على منصة "إكس".

*تعزيز الإجراءات الأمنية وضبط الشارع*


ولمواجهة هذا المناخ، أعلنت الرئاسة السورية، أن على المواطنين الاعتماد فقط على البيان الرسمي، وعدم نشر أو تداول الأنباء غير المؤكدة، وهو توجيه يندرج ضمن الجهود الحكومية لخلق خطاب موحد يلتقط الأفكار من مصادر مستقرة، علمًا بأن النظام يشرع في تعزيز وجوده الأمني في الجنوب والشمال الشرقي، وبدء مفاوضات مع "قسد" لفرض سيطرته الفعلية، بالتوازي مع إعادة فتح معابر وقنوات للحياة العامة.

*حرب نفسية منظمة*


من جانبه، يقول ياسين حمد المحلل السياسي السوري: إن الشائعات المتداولة حول محاولة اغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع ليست مجرد إشاعات معزولة، بل تعكس ما وصفه بـ"حرب نفسية منظمة تُدار من غرف مظلمة في الخارج"، بهدف ضرب ثقة الشارع السوري في قدرة الدولة على فرض الأمن والاستقرار.
 
وأضاف حمد -في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن التوقيت ليس بريئًا، إذ يأتي متزامنًا مع تحركات إقليمية حساسة تقودها دمشق لإعادة ضبط علاقاتها مع بعض الأطراف الدولية، بالإضافة إلى محاولات احتواء التوترات الداخلية في الجنوب والشمال الشرقي.

وأكد المحلل السياسي السوري، أن بعض الجهات التي كانت مستفيدة من حالة الفوضى التي سادت خلال العقد الماضي، تحاول الآن عبر تسريبات مضللة واستغلال منصات التواصل الاجتماعي، إعادة خلق بيئة من الشك وانعدام الثقة بين المواطنين والقيادة الجديدة، خصوصًا مع تزايد الحديث عن تفاهمات محتملة مع "قسد" ومع أطراف خارجية معنية بملف إعادة الإعمار.

وشدد على أن "الشرع" ليس فقط هدفًا معنويًا للمجموعات الراديكالية، بل أيضًا لشبكات إعلامية تسعى لإجهاض أي تحول في سوريا من منطق الحرب إلى منطق الدولة، لافتًا أن أجهزة الأمن تتابع من يقف وراء هذه الحملات، وسترد بحزم في التوقيت المناسب، على حد قوله.