"لحساب مَن تعمل؟".. الناشط المسجون مالكولم بيدالي يكشف مأساته في سجون قطر
كشف ناشط مسجون بقطر المأساة التي يعانيها المسجونين
كشفت صحيفة "ذا إندبندنت" النقاب عما يحدث داخل السجون القطرية، وهي التفاصيل التي كشف عنها حارس الأمن الكيني مالكولم بيدالي، الذي ألقت به السلطات القطرية في السجن بعدما كتب مدونة يدعو فيها إلى تحسين ظروف العاملين المهاجرين في قطر.
وفي حديثه إلى سيباستيان كاستيلير وكوينتين مولر، من صحيفة الإندبندنت البريطانية، قال حارس الأمن الكيني الذي اعتقل في قطر بعد كتابته مدونة تكشف الظروف الصعبة والقاسية التي يواجهها عدد كبير من العمال الأجانب في قطر، الدولة المضيفة لكأس العالم المقبل، مؤكدا أن السلطات هناك استجوبته بشأن التعاون مع جماعات حقوق الإنسان.
وبحسب الصحيفة، قال مالكولم بيدالي إن ضباط استخبارات في قطر سألوه مرارًا وتكرارًا عما كان على اتصال بأي شخص أو جهة خارجية، فيما يوحي بمدى الشكوك والقلق الذي تعيشه الدوحة في محيطها.
وفي مقابلة مع صحيفة الإندبندنت في العاصمة الكينية نيروبي، قال الشاب البالغ من العمر 29 عامًا، إنه يعتقد أن مكتب أمن الدولة القطري يشتبه في تعاونه مع منظمات حقوق الإنسان الدولية في محاولة لتشويه صورة قطر المضيفة لكأس العالم 2022.
وأشار بيدالي إلى أنه تمت مواجهته بأسئلة كثيرة ومتكررة، مثل: "هل تعرف كذا وكذا؟ هل تعلم أنه قبل أن ينتقل إلى هذه المنظمة، كان يعمل في هذه الشركة التي يقع مقرها في الإمارات العربية المتحدة.
وأشار بيدالي إلى أنهم واجهوه بأسئلة ومعلومات عن أشخاص بعينهم، مضيفا أنهم: "كانوا يعرفون أشياء عن هؤلاء الناس".
مدون كيني يكشف المأساة
وفي مقابلة سابقة مع بي بي سي، كشف المدون الكيني عن تجربته في المأساوية في قطر، خصوصا عندما ألقوا به في الحبس الانفرادي، قبل أن يتم ترحيله وإجباره على دفع غرامة كبير.
حبس انفرادي
وأضاف بيدالى، أنه تم القراءة في غرفة صغيرة بمفرده، لم يوجد بها إلا زر للضغط عليه عند طلب ماء للشرب أو دخول الحمام، لافتا إلى أن الغرفة كانت مبطنة الجدران وكأنها مصحة عقلية.
وأشار المدون الكيني الشاب إلى أنه كان يتعرض للاستجواب طيلة الوقت، ذهابا وإيابا، خصوصا أنهم طرحوا نفس الأسئلة لليلة كاملة مراراً بهدف التشويش، ما جعله يشعر بخوف شديد، واعتقد أنه لن يخرج من هناك أبدا.
مأساة العاملين
وأكد بيدالي، أن أكثر ما صدمه في قطر هو الظروف المعيشية السيئة للعاملين، فلم يكن لدى الشركة المسؤولة أي اعتبار لمصلحة العاملين، وكل ما كان يهمهم هو تكديس أكبر عدد من العاملين في غرفة واحدة، فيصل عدد العاملين في غرفة واحدة صغيرة إلى ٨ أو ١٢ عاملاً.
وأشار المدون الكيني إلى أن التجربة بدأت عندما كان يكتب مذكراته الشخصية عن يومياته في قطر والظروف السيئة، وعندما قرأها شخص سأل إن كان بالإمكان نشرها، مضيفا أن ذلك المقال حظي باهتمام كبير، وعلى الفور حاولت السلطات القطرية إبداء حدوث تغييرات على ظروف العمال.
وأكد بيدالي، أنه حتى وقت مغادرته، لم يكن بإمكان العمال تغيير وظائفهم، وكانت الصعوبات المحيطة ببيئة عملهم كما هي حتى في إمكانية الذهاب بشكوى إلى الإدارة أو إدارة العمل، وأن الشركات كانت لا تزال تدفع أجورا متدنية، لذا فهو يعتقد أن الأمور ما زالت كما هي على حالها الأول وأن حديث السلطات القطرية عن التغييرات هو مجرد كلام على ورق.
حملات دولية
وكان العديد من دول الشمال الأوروبي طالبت الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالضغط على الدوحة لأجل تحسين ظروف العمال الأجانب المغتربين ممن يعملون في إطار إنشاءات كأس العالم المقرر إقامته في قطر.
وبسبب انتهاكاتها المستمرة والصعبة لحقوق وإنسانية العمال، لطالما كانت قطر دائما عرضة لانتقادات من منظمات حقوقية خصوصا في ظل ما تم رصده من انتهاكات صارخة لحقوق هؤلاء العمال الأجانب في مواقع العمل في بناء مرافق وملاعب المونديال.
وأكد تقرير إخباري أميركي آخر في مجلة "بورجن" الأميركية، والمتخصصة في تناول قضايا الفقراء، أن العمال المهاجرين في قطر، والذين يمثلون حوالي 60% من السكان و95% من القوة العاملة، يعيشون حياة مأساوية من الناحية العملية والاجتماعية والصحية وسط ظروف العمل والحياة غير الآدمية.
ظروف عمل قاتلة
وكانت صحيفة الجارديان البريطانية كشفت في سلسلة تحقيقات استقصائية عما يتعرض له العمال المهاجرين من انتهاكات، بدءا من مصادرة أوراقهم الثبوتية لحظة وصولهم إلى الدوحة، مرورا بتكدسهم في مخيمات إقامة غير آدمية لا تهوية فيها، إضافة إلى تأخير الرواتب، والاستيلاء عليها لحساب موردي العمال.
كما كشفت الصحيفة عن عمل هؤلاء العمال المهاجرين في قطر في ظل ظروف مميتة وقاتلة، من ساعات عمل طويلة وشمس حارقة، وغياب وسائل الحماية والأمن الصناعي، والرعاية الطبية، الأمر الذي أدى إلى تساقط المئات من هؤلاء العمال موتى تحت الشمس الحارقة.
مماطلة قطر
ومؤخراً كشفت منظمة العفو الدولية عن أسماء عدد من العمال الذين قتلتهم قطر بظروف العمل المميتة، ونددت المنظمة الحقوقية الدولية بمماطلة الدوحة في إجراء تحقيقات جادة حول وفاة هؤلاء العمال، الأمر الذي حرم ذويهم من الحصول على تعويضات تحميهم من الفقر بعد موت عوائلهم.
وكشفت منظمة العفو الدولية عن المزيد من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض إليها العمال المهاجرون، مؤكدة أن تلك الانتهاكات ناتجة بالأساس عن تقاعس الدوحة عن تنفيذ وعودها.
وأكد تقرير المنظمة الدولية وجود "أدلة واضحة على تقاعس قطر المزمن عن تفادي حالات وفاة العمال الأجانب والتحقيق فيها والتعويض عنها"، على مدار العقد الماضي، بالإضافة لوجود صلات بين الوفيات المبكرة وظروف العمل غير الآمنة.