دوامة الرسوم الجمركية.. الأسواق العالمية تترنح تحت وطأة قرارات ترامب

دوامة الرسوم الجمركية.. الأسواق العالمية تترنح تحت وطأة قرارات ترامب

دوامة الرسوم الجمركية.. الأسواق العالمية تترنح تحت وطأة قرارات ترامب
ترامب

مع بداية أسبوع جديد، انطلقت أسواق المال العالمية على وقع نغمة قاتمة، متأثرة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة على كافة واردات الولايات المتحدة.

الانخفاضات التي شهدتها مؤشرات الأسهم لم تكن مجرد رد فعل عابر، بل بدت كمؤشر إنذار مبكر لاحتمال انزلاق الاقتصاد العالمي نحو ركود جديد، من شرق آسيا إلى وول ستريت، خيّم الذعر على المتعاملين في الأسواق، فيما تسابقت مؤشرات البورصات الكبرى نحو التراجع، لتسجل خسائر فادحة في الساعات الأولى من التداول، وبينما يحاول البيت الأبيض تبرير الخطوة باعتبارها "علاجًا اقتصاديًا ضروريًا"، تتسع دائرة القلق بين المستثمرين الذين ينظرون إلى هذه السياسة الحمائية بوصفها مغامرة محفوفة بالمخاطر، فهل نحن أمام بداية أزمة اقتصادية جديدة يعيد بها ترامب تشكيل المشهد المالي العالمي، أم أن الأسواق ستتعافى سريعًا من هذه الصدمة الجمركية؟

*الأسواق الآسيوية تتصدر التراجعات*


في تطور أثار قلق المستثمرين حول العالم، افتتحت أسواق المال تعاملاتها للأسبوع الثاني على التوالي على وقع الخسائر، تحت تأثير مباشر للرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي، والتي تشمل فرض ضرائب بنسبة 10% على الأقل على كافة الواردات القادمة إلى الولايات المتحدة.

في شرق آسيا، حيث يبدأ التداول قبل بقية الأسواق العالمية، جاءت الخسائر فادحة، ففي تايوان، هبط المؤشر الرئيسي بنسبة 9.8% مع افتتاح جلسة الاثنين، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ أكثر من عام. 

وفي هونغ كونغ، لم يكن الوضع أفضل، حيث تراجع المؤشر هناك بنسبة 9%، وسط موجة بيع واسعة من قبل المستثمرين القلقين من تداعيات تصعيد السياسات الحمائية.

أما في اليابان، فقد شهد مؤشر "نيكي" انخفاضًا حادًا بنسبة 9% في بداية الجلسة، مسجلًا أسوأ أداء يومي منذ أكتوبر 2023، ليستقر عند 30792.74 نقطة. وبالتوازي، انهار مؤشر البنوك اليابانية بنسبة 17%، مع تصاعد المخاوف من تداعيات الركود العالمي على القطاع المصرفي، لا سيما في ظل الانكشاف الكبير للبنوك اليابانية على التجارة الدولية.

*توبكس في مهبّ العاصفة*


ولم تسلم باقي المؤشرات اليابانية من الهبوط الحاد، إذ تراجع مؤشر "توبكس" للبنوك بنسبة 30% خلال الجلسات الثلاث الماضية، في ما وصفه محللون اقتصاديون بـ"البيع الانفعالي" الناتج عن صدمة الأسواق من التحول المفاجئ في السياسة التجارية الأمريكية.

*بورصة وول ستريت تلتقط العدوى*


في الولايات المتحدة، ورغم أن التداول الفعلي لم يبدأ بعد، فإن العقود الآجلة تعكس توقعات قاتمة.

فقد هبطت العقود الآجلة لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 4.27%، أي ما يعادل 218 نقطة، لتنخفض إلى 4892.25 نقطة.

كما تراجعت عقود "داو جونز" بنحو 1524 نقطة، أي ما يقارب 4%، أما مؤشر "ناسداك 100" -الذي يضم كبرى شركات التكنولوجيا- فقد شهد انخفاضاً بمقدار 804 نقاط، بنسبة 4.58%.

هذه التراجعات الحادة تشير إلى حالة من الذعر في أوساط المستثمرين، الذين يخشون أن تتسبب سياسات ترامب الجمركية في تراجع النمو الاقتصادي العالمي ودفع الاقتصاد الأمريكي إلى ركود محتمل.

*ترامب يقلل من المخاوف*


ورغم هذه المؤشرات المثيرة للقلق، سعى الرئيس الأمريكي إلى التهوين من خطورة الموقف.

ففي تصريحات أدلى بها على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من منتجع مارالاغو، قال ترامب: إن فرض الرسوم هو "علاج اقتصادي ضروري". 

وأضاف: "أعلم أن الأسواق لا تحب هذا النوع من العلاج، لكنه علاج مطلوب لتعافي اقتصادنا".

الرئيس الأمريكي دافع عن قراره باعتباره السبيل الوحيد لإصلاح الخلل المزمن في الميزان التجاري الأمريكي، مؤكدًا أن الاعتماد المفرط على الواردات يهدد الأمن الاقتصادي للبلاد.

ورغم الانتقادات الواسعة التي تلقاها، شدد ترامب على أن "الرسوم الجمركية هي السلاح الفعّال لإعادة التوازن".

*هل تنجح المقامرة الاقتصادية؟*


من جانبهم، يرى محللون، أن هذه المقاربة التي يتبناها البيت الأبيض تمثل مغامرة محفوفة بالمخاطر، خاصة في ظل هشاشة الاقتصاد العالمي بعد سنوات من التعافي البطيء عقب جائحة كوفيد-19.

كما أن التوترات الجيوسياسية، من أدت إلى صعود أسعار الطاقة، بشكل جعل البيئة الاستثمارية أكثر عرضة للتقلبات، وفي ظل غياب أي مؤشرات على تراجع ترامب عن قراراته، ومع استمرار حالة الغموض بشأن الإجراءات الانتقامية المحتملة من شركاء التجارة الدوليين، قد يكون هذا الأسبوع حافلًا بمزيد من التقلبات، وربما الصدمات.