محلل سياسي : قرارات تونس الحاسمة ضد الإخوان تعكس وعيًا وطنيًا متقدمًا وإرادة لإنهاء فوضى السنوات الماضية
محلل سياسي : قرارات تونس الحاسمة ضد الإخوان تعكس وعيًا وطنيًا متقدمًا وإرادة لإنهاء فوضى السنوات الماضية

تواصل السلطات التونسية تحركاتها الحاسمة لتفكيك ما تبقى من شبكات تنظيم الإخوان داخل البلاد، في إطار مسار سياسي وأمني يهدف إلى تطهير مؤسسات الدولة من الاختراقات والتصدي لأي محاولات لزعزعة الاستقرار الوطني.
وشهدت الأيام الأخيرة تنفيذ سلسلة من الإجراءات القضائية والأمنية شملت توقيف عناصر متورطة في تمويل مشبوه وتحركات سرية مرتبطة بجماعة الإخوان، إضافة إلى استدعاءات وتحقيقات موسعة بحق قيادات بارزة في حركة النهضة – الذراع السياسية للإخوان في تونس – بتهم تتعلق بالتحريض، وغسيل الأموال، والارتباط بجهات أجنبية.
وأكدت مصادر رسمية، أن الدولة "لن تتهاون مع أي جهة تسعى لاختراق مؤسسات السيادة أو تقويض المسار الديمقراطي"، مشيرة أن الرئيس قيس سعيد يقود شخصيًا هذا التوجه عبر خطاب سياسي واضح يربط بين الفساد السياسي ومخططات الجماعة.
وتأتي هذه الإجراءات بالتوازي مع دعم شعبي متزايد لسياسة الحزم، خاصة بعد الكشف عن وثائق ومراسلات داخلية تثبت تورط جهات إخوانية في محاولات التأثير على القرار السياسي، ونسج تحالفات خارجية تمس بسيادة الدولة.
ويرى مراقبون، أن تونس تخوض مواجهة مصيرية مع جماعة لم تتخل عن طموحاتها في العودة إلى المشهد السياسي من بوابات جديدة، وسط تأكيدات من مؤسسات الدولة بأن معركة "التحصين الوطني" ستستمر حتى يتم القضاء على كل بقايا المشروع الإخواني.
وتسعى تونس -من خلال هذه الخطوات- إلى إعادة ضبط المشهد السياسي على أسس وطنية، وإغلاق الباب أمام محاولات التوظيف الأيديولوجي والديني التي شكلت لعقود أحد أبرز أسباب الأزمات التي عانت منها البلاد.
أكد الدكتور الهادي بن عمر، المحلل السياسي التونسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة قرطاج، أن الإجراءات الأخيرة التي تتخذها الدولة التونسية ضد تنظيم الإخوان وحلفائه تعكس "تحولًا نوعيًا في مسار الدولة نحو فرض سيادتها وتحصين مؤسساتها من محاولات الاختراق والتخريب".
وفي تصريح خاص للعرب مباشر ، أوضح بن عمر أن "التجربة التونسية أظهرت أن الجماعة الإخوانية استخدمت الدين غطاءً لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية، وكانت سببًا رئيسيًا في تفشي الفساد والانقسام المجتمعي"، معتبرًا أن الإجراءات القضائية والأمنية الراهنة ليست استهدافًا سياسيًا، بل استجابة حقيقية لمطالب شعبية طالبت منذ سنوات بمحاسبة كل من تلاعب بمصير البلاد.
وأشار أن الرئيس قيس سعيد يمضي بخطى ثابتة في مشروع إصلاحي عميق، يتجاوز تصفية الحسابات السياسية، ليصل إلى إعادة بناء الدولة على أساس الشفافية والولاء الوطني، مضيفًا: "الشعب التونسي أصبح أكثر وعيًا، ولم يعد يقبل بعودة منظومة الإخوان، سواء عبر حزب النهضة أو من خلال واجهات جديدة".
وشدد بن عمر على أن "الرهان اليوم هو على القضاء والمؤسسات الأمنية لاستكمال هذا المسار، خاصة أن معركة تونس ضد الإخوان لم تنته بعد، وما تزال الجماعة تحاول التسلل عبر شبكات خارجية وتمويلات مشبوهة".
واختتم تصريحه بالقول: "ما يحدث اليوم هو لحظة استعادة للدولة.. وهي لحظة يجب أن يدعمها الجميع لضمان الاستقرار وإنجاح التجربة الديمقراطية بعيدًا عن الابتزاز الأيديولوجي والمصالح الضيقة".