من أسواق القاهرة التاريخية حتى العريش.. ماكرون يرسم خريطة إنقاذ غزة في مصر
من أسواق القاهرة التاريخية حتى العريش.. ماكرون يرسم خريطة إنقاذ غزة في مصر

أكدت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة رسمية إلى مصر يوم الإثنين 7 أبريل، وتستمر حتى الثلاثاء 8 أبريل، مكرّسًا جدول أعمالها بشكل كامل لمناقشة الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، في إطار مسارين أساسيين: الأول سياسي لدعم المبادرة العربية بشأن غزة، والثاني إنساني للمطالبة برفع الحصار المفروض على المساعدات الإنسانية.
دعم المبادرة العربية
أكد قصر الإليزيه، أن زيارة ماكرون تهدف إلى التأكيد على "تعبئة فرنسا من أجل وقف إطلاق النار في غزة" والتعامل مع "الطابع العاجل للوضع".
وكان الرئيس الفرنسي قد وصف استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في 18 مارس، بعد هدنة استمرت شهرين، بأنه "نكسة مأساوية".
وفور وصوله إلى القاهرة مساء الأحد 6 أبريل، عقد ماكرون لقاءً غير رسمي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أحد أسواق العاصمة، قبل أن يعقدا اجتماعًا رسميًا صباح الإثنين، يعقبه قمة ثلاثية تنضم إليها الأردن بمشاركة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
تهدف هذه القمة، من وجهة النظر الفرنسية، إلى إظهار التضامن مع دولتين عربيتين مجاورتين للأراضي الفلسطينية، تُعارضان بشدة خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي تتضمن رؤية مثيرة للجدل لمستقبل غزة.
وفي الوقت نفسه، من المنتظر أن يستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الداعم القوي لخطة ترامب، في البيت الأبيض.
خطة ترامب
أثار ترامب موجة من الاستنكار الدولي منذ فبراير الماضي، حينما طرح مقترحًا يتضمن سيطرة أمريكية على قطاع غزة لإعادة إعماره وتحويله إلى ما سماه "الريفيرا الجديدة للشرق الأوسط".
ووفق هذه الخطة، يمكن ترحيل سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة إلى مصر أو الأردن، وهو ما رفضته الدولتان بشكل قاطع، لكنه يضعهما في موقف حرج أمام الضغوط الأمريكية.
وأكد الباحث المصري محمد مرعي، مدير المرصد المصري التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، أن "مصر في قلب كل الجهود الرامية إلى تحقيق التهدئة أو وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس"، مشيرًا أن القاهرة رفضت تمامًا خطة ترامب واعتبرتها "تهديدًا مباشرًا للمصالح المصرية".
تجدر الإشارة أن حركة حماس كانت قد أشعلت فتيل الحرب في 7 أكتوبر 2023 عبر تنفيذ هجمات غير مسبوقة على الأراضي الإسرائيلية.
باريس ترفض الترحيل القسري
وأكد المحيطون بالرئيس الفرنسي، أن باريس تعتزم إعادة تأكيد موقفها الرافض للترحيل القسري للسكان، كما ستعبر عن دعمها للمبادرة العربية التي أُعدت بإشراف مصر، كردّ عملي على خطة ترامب.
وتسعى هذه المبادرة إلى إعادة إعمار قطاع غزة، الذي دمّرته حرب دامية استمرت 15 شهرًا بين إسرائيل وحماس، دون تهجير السكان المحليين. غير أن فرنسا ترى أن هناك حاجة لتعزيز هذا المخطط، لا سيما في ما يتعلق بالجوانب الأمنية والحكومية في غزة.
وتطمح الدول العربية بقيادة مصر، من خلال هذه المبادرة، إلى إعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع بدلاً من حركة حماس التي تسيطر عليه منذ عام 2007.
وتشدد باريس على أهمية إيجاد مخرج سياسي للأزمة، يستند إلى حل الدولتين: إسرائيلية وفلسطينية.
ومن المقرر أن يشارك ماكرون في يونيو المقبل في مؤتمر أممي مشترك مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لمناقشة مستقبل القضية الفلسطينية.
ويُتوقع، بحسب مصادر دبلوماسية، أن يُشكّل هذا المؤتمر لحظة مناسبة قد تدفع فرنسا للاعتراف رسميًا بدولة فلسطينية.
زيارة إلى العريش ودعوة لرفع الحصار
وأشارت الصحيفة القرنسية، أنه ضمن محطات زيارته، سيتوجه ماكرون يوم الثلاثاء 8 أبريل، إلى مدينة العريش الواقعة شمال شبه جزيرة سيناء، على بُعد 50 كيلومترًا فقط من معبر رفح، الذي يُفترض أن تمرّ عبره المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، لكنها توقفت مجددًا.
وفي هذه الزيارة الرمزية، سيدعو ماكرون إلى "إعادة فتح المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة"، كما سيؤكد "التزام فرنسا بمواصلة دعمها الإنساني لسكان القطاع"، وفق ما أعلنه قصر الإليزيه.
ومن المقرر أن يلتقي في هذا الميناء المتوسطي، الذي يُستخدم كمركز لوجستي للمساعدات، بموظفي منظمات غير حكومية فرنسية، وممثلين عن الأمم المتحدة، والهلال الأحمر المصري، وربما بعض المستفيدين الفلسطينيين من هذه المساعدات.
يذكر أن الغالبية العظمى من سكان غزة قد تم تهجيرهم قسرًا بفعل القتال المستمر، ويعيشون في ظروف إنسانية مأساوية وسط دمار شامل وحصار خانق.