غياب الرقابة الدولية يُثير قلقًا متصاعدًا حول مخزون اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب
غياب الرقابة الدولية يُثير قلقًا متصاعدًا حول مخزون اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب

تتجه الأنظار الأسبوع المقبل إلى العاصمة الأمريكية واشنطن حيث يعتزم وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقد مشاورات مع مسؤولين أمريكيين، في ظل تزايد المخاوف من عجز الوكالة عن تتبع مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب، الذي يقترب من مستوى الاستخدام العسكري.
وأكدت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن هذا التحرك يأتي في وقت تزداد فيه الشكوك حول مستقبل الرقابة الدولية على البرنامج النووي الإيراني بعد طرد المفتشين الدوليين في أعقاب الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران واستمرت 12 يومًا في يونيو الماضي.
فشل محاولات استئناف الرقابة
بحسب دبلوماسيين مطلعين، فشل كبير المفتشين التابع للوكالة، ماسيمو أبارو، في الحصول على موافقة إيرانية لاستئناف عمليات المراقبة خلال زيارته الأخيرة لطهران في 11 أغسطس.
وتابعت الوكالة الأمريكية، أنه رغم أن إيران أبدت استعدادًا للسماح بزيارات إلى بعض المواقع غير المتأثرة بالضربات مثل محطة الطاقة النووية التي بنتها روسيا على ساحل الخليج، إلا أن الوصول إلى المجمع النووي الرئيسي لتخصيب الوقود ظل محظورًا.
وصرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لوكالة الأنباء الرسمية الإيرانية بأن بلاده لم تقطع التعاون مع الوكالة بشكل كامل، لكنه أوضح أن التعاون المستقبلي لن يكون مماثلًا لما كان في السابق.
يورانيوم عالي التخصيب في موقع مجهول
ولم تتمكن الوكالة الذرية منذ 13 يونيو من التحقق من مكان أو حالة 409 كيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60%، وهو مستوى قريب من الاستخدام العسكري. وكانت إيران قد أبلغت المفتشين حينها أنها تعتزم نقل المادة إلى موقع غير معلن.
وتابعت الوكالة الأمريكية، أن هذا الغموض أثار تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الضربات الإسرائيلية والأمريكية قد نجحت فعلًا في الحد من قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي، أم أن المواد والخبرات ما زالت بحوزتها بانتظار قرار سياسي من المرشد الأعلى علي خامنئي.
نفي إيراني وتأكيد دولي
وتواصل إيران نفي وجود برنامج عسكري نووي لديها، وهو ما أكدته تقارير الوكالة الدولية والمجتمع الاستخباراتي الأمريكي منذ أوائل العقد الأول من الألفية. غير أن استمرار منع المفتشين من دخول المواقع الحساسة وتراكم المخزون غير الخاضع للرقابة يعمّق المخاوف من إمكانية استغلاله مستقبلًا.
وبدورها بدأت الوكالة الدولية بإعداد ملف يوضح خبرة مفتشيها في العمل داخل مناطق الخطر الإشعاعي، مستشهدة بتجاربهم في اليابان عقب كارثة فوكوشيما وفي أوكرانيا خلال الحرب الجارية، وذلك في محاولة لإثبات قدرتها على مواصلة مهامها حتى في الظروف المعقدة.
تهديد بعودة العقوبات الأممية
وتتزامن المشاورات المرتقبة في واشنطن مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددتها القوى الأوروبية لإيران حتى نهاية أغسطس لاستئناف المفاوضات والسماح بعودة عمليات التفتيش، وفي حال تعنت طهران، قد يتم التوجه إلى مجلس الأمن لإعادة فرض العقوبات الدولية.
ومن جانبها اعتبرت إيران التهديد غير قانوني، محذرة من أن إعادة فرض العقوبات قد تدفعها إلى الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.
الأزمة لا تقتصر على الجانب السياسي والأمني، إذ تواجه الوكالة الدولية نفسها صعوبات مالية متزايدة. فمع وجود 274 مفتشًا كانوا يديرون نحو 500 عملية تفتيش سنويًا على البرنامج النووي الإيراني، تبرز الآن مشكلة إعادة توزيعهم في ظل غياب الرقابة.
كما بدأ بعض الدول الأعضاء بالتشكيك في جدوى التمويل المطلوب، حيث تساءل دبلوماسيون عن مصير الـ23 مليون دولار التي طلبها المدير العام رافائيل غروسي لمهام إيران في ظل غياب أي عمليات رقابية.