حزب الله في مرمى التحذيرات الأمريكية.. هل يُسلم حزب الله سلاحه؟

حزب الله في مرمى التحذيرات الأمريكية.. هل يُسلم حزب الله سلاحه؟

حزب الله في مرمى التحذيرات الأمريكية.. هل يُسلم حزب الله سلاحه؟
ترامب ونتنياهو


لم يكن لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مجرد مؤتمر صحفي بروتوكولي، بل بدا أقرب إلى منصة لإطلاق رسائل سياسية متعددة الاتجاهات، أعاد فيها ترامب رسم ملامح مقاربته للشرق الأوسط بلغة حادة أحيانًا ومطمئنة أحيانًا أخرى

 من غزة إلى الضفة الغربية، ومن إيران إلى حزب الله، مرورًا بتركيا، وضع ترامب الجميع داخل معادلة واحدة عنوانها: الأمن أولًا، ونزع السلاح شرط الاستقرار.

 في حديثه، قدّم نفسه ضامنًا لمسار السلام، لكنه لم يُخفِ اعتماده سياسة العصا بقدر ما يلوّح بجزرة الاتفاقات، وبينما أبدى انحيازًا واضحًا لإسرائيل، ترك نوافذ مفتوحة للتفاهم مع أطراف إقليمية أخرى، في مشهد يعكس فلسفة ترامب التقليدية، ضغط أقصى، وغموض محسوب، ورسائل تُقرأ كلٌّ بحسب موقعه في الخريطة.

حماس وحزب الله وإيران


أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حرصه على استمرار ما وصفه بالسلام في الشرق الأوسط، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع بنيامين نتنياهو عُقد في ولاية فلوريدا، مشددًا على أن إسرائيل تظل عنصرًا محوريًا في معادلة الاستقرار الإقليمي.

ترامب استهل حديثه بالإشادة بنتنياهو، واصفًا إياه بـالصديق العزيز، في رسالة واضحة تعكس عمق التحالف السياسي بين الجانبين.

في قلب التصريحات، وضع ترامب ملف حركة حماس على رأس الأولويات، مؤكدًا إصرار الولايات المتحدة على نزع سلاح الحركة.

وكشف، أن كلًا من جاريد كوشنر وستيف ويتكوف مفوضان رسميًا بمتابعة هذا الملف، مشددًا على أن عملية نزع السلاح ستحدث بعد فترة وجيزة، لغة ترامب لم تخلُ من التهديد، إذ حذر حماس من ثمن فادح في حال عدم الامتثال، معتبرًا أن استمرار وجود سلاحها يقوض أي ترتيبات سياسية أو إنسانية في غزة.

وذهب ترامب أبعد من ذلك حين قال: إن بعض الدول التي وافقت على اتفاقات متعلقة بغزة فعلت ذلك بناءً على تعهدات بنزع سلاح حماس، مضيفًا أن إخلال الحركة بهذه التعهدات سيقود إلى ردود قاسية، تصل – وفق تعبيره – إلى تدمير حماس. في المقابل، أكد أن إسرائيل أوفت بالتزاماتها ضمن الخطة الموضوعة، في تأكيد جديد على تحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية الكاملة عن أي تعثر.

ملف المستوطنين


وفيما يخص الضفة الغربية، أشار ترامب إلى أنه ناقش مع نتنياهو التطورات الجارية هناك، مؤكدًا التوصل إلى قرار بشأنها، دون الكشف عن تفاصيله، لكنه أقرّ بوجود خلاف جزئي مع نتنياهو حول ملف عنف المستوطنين، موضحًا أن التوافق لم يكن كاملًا بنسبة 100%، في اعتراف نادر بوجود تباينات داخل التحالف الوثيق بين الطرفين.

أما على صعيد التوتر الإقليمي بين إسرائيل وتركيا، فقد سعى ترامب إلى نزع فتيل أي تصعيد محتمل، مؤكدًا معرفته الجيدة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وواصفًا إياه بالصديق الذي يكنّ له الاحترام، وهو احترام – بحسب ترامب – يشاركه فيه نتنياهو. وأكد أن تركيا بذلت جهودًا غير مسبوقة وأدت عملًا رائعًا، مستبعدًا تمامًا حدوث مواجهة بين أنقرة وتل أبيب.

تهديد لـ إيران


ترامب تطرق كذلك إلى إيران، معتبرًا أن إخراجها من المعادلة هو مفتاح نجاح الخطة الأمريكية في المنطقة.

 وقال: إن واشنطن حالت دون تمكين إيران من إنتاج سلاح نووي، مشيرًا إلى تدمير مواقعها النووية، مع ترك باب الشك مفتوحًا حول احتمال نقل أجزاء من البرنامج إلى مواقع أخرى. 
وأكد أن الولايات المتحدة ستقضي على أي تهديد في حال أعادت إيران بناء قدراتها النووية، في رسالة ردع مباشرة لطهران.

ولم يغفل ترامب الحديث عن حزب الله، معتبرًا أنه يتعامل بشكل سيئ، وأن المرحلة المقبلة ستكشف ما إذا كانت الجهود اللبنانية لنزع سلاحه ستنجح أم لا. 

هذه الإشارة عكست إدراج الحزب ضمن نفس السلة مع حماس، باعتباره عقبة أمام الاستقرار من وجهة النظر الأمريكية.

هل يُسلم حزب الله سلاحه؟


يجيب د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، بأن سؤال نزع سلاح حزب الله لا يمكن التعامل معه كملف تقني أو أمني منفصل، بل هو مسألة سياسية ـ إقليمية بامتياز، ترتبط بتوازنات أكبر من الداخل اللبناني نفسه.

ويرى المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن الحديث المتكرر عن نزع السلاح يتجاهل حقيقة أساسية حزب الله لا ينظر إلى سلاحه بوصفه «أداة لبنانية داخلية» يمكن التفاوض عليها بسهولة، بل كجزء من معادلة ردع إقليمية مرتبطة بالصراع مع إسرائيل وبالعلاقة الاستراتيجية مع إيران.

ويضيف: أن أي سيناريو واقعي لتسليم السلاح يفترض توافر ثلاثة شروط متزامنة، لم يتحقق أيٌّ منها حتى الآن، أولًا، تسوية إقليمية شاملة تضمن أمن الحدود اللبنانية الجنوبية بشكل نهائي، وهو أمر غير مطروح في ظل استمرار التوتر مع إسرائيل


ثانيًا، توافق داخلي لبناني حقيقي، لا يقوم فقط على ضغوط دولية، بل على إعادة بناء الدولة ومؤسساتها وقدرتها على حماية البلاد، وهو شرط يصطدم بأزمة سياسية واقتصادية عميقة.