روايات ليبيين: معتقلات "الميليشيات" طريقنا للموت
ما بين الخطف والتحقيق والتعذيب وشبح الموت، يقبع أبناء الشعب الليبي في معتقلات وسجون الميليشيات الإرهابية المسلحة في ليبيا، حيث يعيش الليبيون اليوم داخل هذه المعتقلات في غياهب القرون الوسطى، ويذوق أحفاد عمر المختار مرارة سطوة الإرهاب إذا حكم، والتطرف إذا استحكم، والإجرام إذا تحول إلى شريعة ومنهاج حياة.
المعتقل يصلك أينما كنت
الخطف لا يقتصر على المنازل فقط، بل من الميادين أيضا، حيث اختطفت الميليشيات عددا من المتظاهرين من وسط العاصمة الليبية "طرابلس"، في أغسطس الماضي، وناشد متظاهرون بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، لنجدتهم من الميليشيات والمرتزقة الذين يحاصرونهم في محيط ميدان الشهداء.
وأوضحت مصادر أن المتظاهرين المختطفين موجودون بمعتقلات خاضعة لميليشيات النواصي وكتيبة حماية طرابلس.
وأشارت وسائل إعلام ليبية إلى إصابات وقعت في صفوف المتظاهرين بميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس برصاص الميليشيات.
الطريق الأقصر للموت
يقول محمد الزوي: إن الميليشيات الإرهابية المسلحة اختطفت شقيقه من أمام منزله بإحدى مناطق الزاوية وتوجهوا به إلى أحد سجون المدينة، ثم نقل إلى سجن آخر بمنطقة سيدي عيسى عندما ذهب أهله للسؤال عنه، ثم نقلوه مرة أخرى إلى صبراتة واستمرت رحلة بحث الأهل إلى أن وجدوا ابنهم بعد ثلاثة أيام جثة هامدة ملقاة أمام مستشفى الزاوية.
وبحسب تقرير الطبيب الشرعي الصادر عن مستشفى الزاوية فإن شقيقه تعرض للضرب والتعذيب الشديدين حتى فارق الحياة، مشيرا إلى أن شقيقه ليس الضحية الأولى للتعذيب وربما لن يكون الأخير.
انتهاكات مستمرة
فيما قال سعيد حسيني: إن الانتهاكات تكثر بالسجون ومعتقلات الميليشيات بالمنطقة الغربية خصوصا في المدن التي تسيطر عليها الميليشيات الإرهابية المسلحة المدعومة من قبل تركيا وقطر، نظرًا لطول فترة الصراع، مما ولّد الكثير من الأحقاد.
وأضاف حسيني: "الناس أصبحت تميل إلى استخدام مصطلح استيفاء الحق بالذات، وأصبح التعذيب وسيلة مُثلى لانتزاع الاعترافات أو للانتقام مما زاد عدد الضحايا الذين يموتون تحت التعذيب".
وأكد أن منظمات حقوق الإنسان لديها معلومات حول مَن يقوم بالتعذيب ولديها حالات موثقة أيضا، موضحا أن أهالي المعتقلين قدموا شكاوى للنائب العام الليبي، لكن الدولة تقف عاجزةً عن ملاحقة الجناة والقبض عليهم، لأنّهم في أغلب الأحيان أمراء وقادة وأعضاء كتائب، وهم يمتلكون القوة، وإلى الآن لم يتم الفصل في حالة تعذيب واحدة منذ بداية الأزمة في ليبيا.
سجون داعش
يؤكد "س.ر"، معتقل سابق في سجون داعش في ليبيا، أن الدواعش الإرهابيين يتفننون في تعذيب المعتقلين، مستحضرا مشهدا لرجل معلق من قدميه من مدينة سرت، وقد ظهر على جسده آثار التعذيب بالسياط.
وينقل عن مسؤول الاستجوابات في المعتقل قوله خلال إحدى نوبات التعذيب: "لم نحصل منه على رأس خيط"، ليرد عليه شخص بلهجة أهالي سرت: "كلامه فيه من الصدق"، مشيرا: "كل يوم كانوا يأخذوا منا مسجونين من بين 13 متهماً بالمشاركة في انتفاضة الحي رقم 3 في سرت، ويعدمون بعضهم".
الميليشيات تتنفس تعذيبا
وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا أكدت أن الميليشيات المسلحة "المشرعنة" تعتمد على عمليات الإخفاء القسري والتعذيب بحق المعتقلين في طرابلس.
وأوضحت المنظمة، في بيان بذكرى اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، أنها تعمل على توثيق حالات التعذيب وظروف اعتقال السجناء والمحتجزين بالسجون المنتشرة بليبيا.
وأكدت أن الكثير من السجون والمعتقلات بليبيا خارج سياق الإدانة رغم المناشدات والإدانات الدولية للتعذيب والتجريم القانوني لهذه الجريمة.
وطلبت العربية، من السلطات الليبية العمل على نشر ثقافة منع التعذيب ومناهضته باعتباره جريمة ضد الإنسانية.
وأشار البيان إلى أن الميليشيات تنتهج تلك الانتهاكات ضد الإنسانية لإيقاع أبشع الأضرار بالضحايا، والتي قد تؤدي إلى الموت في بعض الحالات، أو لانتزاع اعترافات دون إحالتهم إلى النيابة العامة في كثير من الحالات.
وأكدت المنظمة أن الاستمرار في احتجاز مواطنين أبرياء ومسؤولين سابقين في الدولة دون أية مسوّغات قانونية، ووفق شريعة الميليشيات هو في حدّ ذاته جُرْمٌ قانوني يتحمل مسؤوليته كافة المتورطين في هذا الاعتقال السياسي غير القانوني، في إشارة لاعتقال رموز النظام السابق في سجن الهضبة الذي تسيطر عليه الميليشيات.
وتابعت: يوجد كافة أشكال الانتهاكات التي تتم داخل المعتقلات وسجون الميليشيات سواء الحكومية أو كافة مراكز الاحتجاز الأخرى النظامية أو غيرها.