هدنة غزة على المحك.. إسرائيل تناور لتجنب السلام وحماس ترفض الإملاءات
هدنة غزة على المحك.. إسرائيل تناور لتجنب السلام وحماس ترفض الإملاءات

تسعى إسرائيل إلى تمديد غير محدد للمرحلة الأولى من اتفاق الهدنة في غزة، بدلًا من الانتقال إلى المرحلة الثانية المخطط لها، والتي تهدف إلى تمهيد الطريق نحو تسوية أكثر استدامة، وفقًا لما أكده عدة أشخاص مطلعين على المفاوضات.
ومع اقتراب انتهاء المرحلة الأولى خلال أيام قليلة، تجنبت إسرائيل المشاركة في المحادثات المخطط لها بشأن ما يُعرف بـ"المرحلة الثانية"، التي كان من المفترض أن تؤدي إلى إنهاء كامل للصراع.
ولم يتم إحراز أي تقدم ملموس رغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع منذ الموعد المفترض لبدء تلك المفاوضات.
مناورة إسرائيلية
وأكدت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أنه بدلًا من المضي قدمًا في المراحل المخططة، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تنفيذ ما وصفه مصدران مطلعان على سير المفاوضات بـ"المرحلة الأولى المُوسعة"، والتي تهدف إلى تأمين الإفراج عن العشرات من الرهائن المتبقين، دون تقديم أي التزام بوقف الحرب بشكل دائم أو الانسحاب الكامل من غزة.
وكان الاتفاق الأصلي، الذي تم التوصل إليه بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر، قد حدد فترة أولى مدتها 42 يومًا، ومن المقرر أن تنتهي يوم السبت المقبل.
ويأمل الدبلوماسيون في أفضل الأحوال في تمديد مؤقت للهدنة، لكن أحد العوائق الرئيسية يكمن في قبول حركة حماس لمطلب إسرائيل بالإفراج المستمر عن الرهائن خلال أي تمديد.
ومن جانبه، أكد المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في حديث مع شبكة "سي إن إن" يوم الأحد، أنه يتوقع المضي قدمًا في تنفيذ المرحلة الثانية، لكنه شدد على ضرورة تأمين تمديد المرحلة الأولى أولًا.
وأوضح أنه قد يسافر إلى المنطقة يوم الأربعاء، غير أن مسؤولين إسرائيليين نفوا يوم الثلاثاء وجود أي خطط مؤكدة لهذه الزيارة.
تعنت نتنياهو
وفقًا لاتفاق الهدنة، فإن بدء المحادثات حول المرحلة الثانية يؤدي تلقائيًا إلى تمديد المرحلة الأولى، لكن دون إلزام بالإفراج عن رهائن إضافيين.
وكان الوسطاء يأملون في أن تبدأ هذه المفاوضات خلال الأسبوع الجاري، وفقًا لدبلوماسي مطلع على سير المحادثات.
غير أن نتنياهو بدا أكثر تشددًا تجاه غزة خلال الأسابيع الأخيرة، ويبدو أنه يحظى بدعم إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في هذا النهج.
وفي خطاب ألقاه أمام ضباط الجيش الإسرائيلي يوم الأحد، حدد نتنياهو أربعة شروط قصوى لإنهاء الحرب، تشمل: استعادة جميع الرهائن الإسرائيليين، وإزالة حركة حماس من السلطة في غزة، وتفكيك جناحها العسكري، وتجريد القطاع بالكامل من السلاح.
وقال نتنياهو بلهجة حاسمة: "لا مجال للشك، سنحقق أهداف الحرب"، مضيفًا: "يمكن تحقيق ذلك من خلال المفاوضات، كما يمكن تحقيقه بطرق أخرى"، في إشارة واضحة إلى تهديده السابق بإعادة إشعال الحرب على نطاق أوسع مما حدث خلال الـ15 شهرًا الماضية، التي حوّلت جزءًا كبيرًا من غزة إلى أنقاض وأدت إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة.
موقف حماس
وعلى الرغم من مخاوفها من تجدد القتال، فإن حركة حماس لا تبدو مستعدة للقبول بالشروط الإسرائيلية.
ويؤكد دبلوماسي خبير في التعامل مع الحركة، أن القبول بتلك الشروط سيكون بمثابة "انتحار استراتيجي" لحماس، وفق تعبيره.
وتتمسك حماس بمطالبها بشأن المرحلة الثانية من الهدنة، والتي تشمل انسحابًا إسرائيليًا كاملًا من غزة، وإنهاء الحرب، والإفراج عن أعداد أكبر من الأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك شخصيات بارزة في فصائل المقاومة.
ويشير دبلوماسي مطلع على المحادثات، أن إسرائيل ليست مستعدة لهذه التنازلات، بينما تعتقد الولايات المتحدة والمبعوث الأمريكي ويتكوف أنهما قادران على الضغط على جميع الأطراف للوصول إلى اتفاق.
تمديد مؤقت
ووفقًا لمصادر مطلعة على المفاوضات، فإن السيناريو الأكثر احتمالًا هو تمديد وقف القتال، حيث يسعى نتنياهو إلى تمديد إضافي لمدة ستة أسابيع، بينما يدفع الوسطاء الدوليون باتجاه تمديد أقصر لمدة أسبوعين فقط.
ويرى المحللون، أن كلا الطرفين، إسرائيل وحماس، قد يكون لديهما مصلحة في تأجيل اتخاذ قرارات حاسمة لعدة أسابيع أخرى.
فحماس ترغب في السماح لسكان غزة بقضاء شهر رمضان في أجواء هادئة، في حين يواجه نتنياهو موعدًا نهائيًا في نهاية مارس لإقرار الميزانية، حيث أن الفشل في ذلك قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة تهدد مستقبله السياسي.
لكن أحد العوائق الرئيسية قد يتمثل في إصرار إسرائيل على استمرار إطلاق سراح الرهائن خلال أي تمديد جديد للمرحلة الأولى.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، خلال اجتماع في بروكسل يوم الاثنين: "لن يحدث أي تمديد دون الإفراج عن رهائن إضافيين".
غير أن دبلوماسيًا مشاركًا في المفاوضات أكد أن حماس "لن تقبل بذلك"، موضحًا أن ذلك "يعد خرقًا للاتفاق، والوسطاء أبلغوا إسرائيل بوضوح أن هذا الطلب غير مقبول".
وخلال الأسابيع الخمسة الماضية، أطلقت حماس سراح 29 إسرائيليًا وخمسة عمال تايلانديين، بينما أطلقت إسرائيل مئات الأسرى الفلسطينيين.
ورغم التوترات بين الطرفين خلال الأيام الأخيرة حول مزاعم بحدوث انتهاكات للاتفاق، تم التوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق جديد يوم الثلاثاء، يقضي بالإفراج عن نحو 600 معتقل فلسطيني مقابل إعادة رفات أربعة رهائن إسرائيليين يوم الخميس.