الاعتراف بالدولة الفلسطينية يضع كندا في مواجهة جديدة مع الولايات المتحدة
الاعتراف بالدولة الفلسطينية يضع كندا في مواجهة جديدة مع الولايات المتحدة

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن التوصل إلى اتفاق تجاري مع كندا سيكون "صعبًا للغاية"، وذلك في أعقاب إعلان رئيس الوزراء الكندي عزمه الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة أثارت غضب واشنطن قبل يوم من المهلة المحددة لفرض رسوم جمركية جديدة، حسبما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وكان رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، قال: إن بلاده ستعترف بدولة فلسطين في حال التزام السلطة الفلسطينية بشروط محددة، من بينها إجراء انتخابات عامة.
ورد ترامب بعد منتصف الليل مباشرة عبر منصته "تروث سوشيال" قائلاً: إن ذلك "سيجعل من الصعب جدًا إبرام اتفاق تجاري معهم".
وكان الرئيس الأمريكي قد حدد موعدًا نهائيًا في الأول من أغسطس للدول التي تسعى إلى إبرام اتفاقات تجارية مع إدارته، مشيرًا أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول هذا التاريخ، فسيتم فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على وارداتها إلى الولايات المتحدة.
واعتبارًا من يوم الجمعة، فإن الصادرات الكندية، والتي تأتي من ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، ستخضع لرسوم جمركية بنسبة 35%.
ترامب يستخدم التجارة كورقة ضغط سياسية
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، اعتمد ترامب مرارًا على التهديد بفرض رسوم جمركية كأداة للضغط على الدول الحليفة لتغيير سياساتها.
ففي الآونة الأخيرة، هدد بالانسحاب من مفاوضات تجارية مع كل من كمبوديا وتايلاند، وهو ما ساهم وفق تقارير في تسريع التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعد صراع استمر خمسة أيام بين البلدين.
كما أعلن ترامب، الأربعاء، عن فرض رسوم بنسبة 25% على الواردات الهندية، مبررًا القرار بقيام نيودلهي بشراء النفط والمعدات العسكرية من روسيا.
وفي وقت سابق من هذا العام، وجّه ترامب تهديدًا مماثلًا لكندا بفرض رسوم جمركية إذا لم تتخذ خطوات جدية للحد من تهريب مادة الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، رغم أن حجم هذا التهريب عبر الحدود الكندية يُعتبر محدودًا نسبيًا.
الاعتراف بفلسطين يكتسب زخمًا دوليًا
إعلان كندا يأتي في سياق تصاعد الخطوات الدولية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ففي الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، بينما صرح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الثلاثاء، بأن المملكة المتحدة ستتخذ نفس الخطوة في حال لم تتوصل إسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بحلول سبتمبر المقبل.
وفي رده على موقف فرنسا، قلل ترامب من أهميته، واصفًا إعلان ماكرون بأنه "لا يحمل أي وزن".
تصاعد الضغوط وسط اضطراب في السياسة الدولية
تأتي هذه التطورات وسط مناخ دولي يشهد تغيرات حادة في التوجهات السياسية، إذ باتت قضايا مثل الاعتراف بفلسطين، وحقوق الإنسان، والصراعات الإقليمية، تفرض نفسها بقوة على أجندة العلاقات بين الدول الغربية، في مقابل رغبة ترامب في إعادة صياغة تلك العلاقات وفق رؤى اقتصادية وتجارية بحتة، تستخدم فيها واشنطن سلاح الرسوم الجمركية كأداة للردع والضغط السياسي.
ويبدو أن الأزمة بين واشنطن وأوتاوا مرشحة للتفاقم خلال الأيام المقبلة، خاصة في ظل إصرار كندا على التمسك بمواقفها، ورفضها التوقيع على اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة "بأي ثمن"، بحسب ما نقلته الصحف الكندية في وقت سابق هذا الشهر.
وفي حين تسير دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا نحو خطوات رمزية وسياسية لدعم إقامة الدولة الفلسطينية، تواصل إدارة ترامب استخدام لغة العقوبات التجارية لفرض رؤيتها، ما يهدد بإعادة تشكيل التحالفات التقليدية للولايات المتحدة في مرحلة ما بعد الحرب في غزة.